العدد 3186 - السبت 28 مايو 2011م الموافق 25 جمادى الآخرة 1432هـ

المرحلية... وفكرة «الفصول الدراسية الثلاثة»!

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

دائماً يكون العمل المرحلي (التدريجي) ذا أثر فعَّال على مستوى أداء الأفراد والمؤسسات.

ورد في الحديث الشريف عن الرسول الأكرم (ص) قوله: «إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق».

وفي التصور الإسلامي أن رجلاً مسلماً جاهلاً دعا متنسكاً نصرانياً إلى الإسلام فأجابه. وفي هذا السياق يقول الإمام الصادق (ع): لم يعرف كيف يتصرف، وقد أساء لنفسه وللنصراني، وأخيراً أخرجه من الإسلام كما أدخله فيه!

فلقد جاء إلى النصراني الذي قبـِل الإسلام قبيل أذان الفجر، وقال له: قم بنا نذهب إلى المسجد. وعندما جاء به المسجد جعله يؤدي صلاة الليل، ثم صلى الفجر أول وقتها وجلس يعقـِّب حتى طلعت الشمس، وعندما حان وقت النهار قال له: الجلوس في المسجد مستحب، فجلسا إلى وقت الظهر وصليا الظهر والعصر، وكان قد أخبره أن أداء الصوم المستحب مرغوب في الإسلام، وجعله يصوم ثم جلس بعد صلاة العصر حتى صلى المغرب والعشاء وعاد إلى البيت.

فإذا كان وقت السَّحَرِ من اليوم الثاني جاء وطرق بابه، فقال الرجل: من الطارق؟ فقال أنا فلان. فقال له: إذا أردت الحقيقة، فأنا قد رجعت عن الإسلام البارحة، لأن هذا الإسلام يصلح لمن لا عمل له، وأنا رجل عليَّ عيالي!

وفي عالم السياسة فإن المرحلية تعكس إرادة الأحزاب أو التيارات السياسية في إحداث عملية التغيير أو الإصلاحات السياسية الشاملة بشكل منهجي على طريقة «خذ وطالب»، بدلاً من سياسة حرق المراحل.

أما في عالم الرياضة فإن القوانين واللوائح التي تنظم الألعاب الرياضية تكون قابلة للتعديل، فقبل سنوات كانت لعبة كرة السلة في البحرين عبارة عن شوطين، كل شوط 20 دقيقة، إلى أن تبنـَّى الاتحاد البحريني لكل السلة قراراً باعتماد آلية جديدة في توزيع الأشواط على أربعة، كل شوط 10 دقائق تماشياً مع الأنظمة العالمية.

والتعليم كسائر الميادين في الحياة، يتطلب قدراً من الوعي والمرونة في التعاطي مع كثير من التحولات الإيجابية التي من شأنها الارتقاء بالعملية التعليمية، أسوة بالدول المتقدمة في مجال التعليم.

ربما ندرك كأولياء أمور هذه الحقيقة أكثر من غيرنا، فعندما نشجع أبناءنا على المذاكرة الموزَّعة (اليومية) في البيت، وتجنب المذاكرة المكثفة عن طريق الدروس الخصوصية أو التسجيل في المعاهد الخاصة (أي ليلة الامتحان فقط)، فإننا نؤمن بجدوى التعلم المرحلي، ولو كان بمقدار ساعة واحدة أو نصف ساعة في اليوم، دون تراكم المقررات الدراسية على بعضها البعض ليلة الامتحانات النهائية، والذي يتسبب بالتالي في حدوث تخبط وإرباك كبيرين لدى الطلبة.

قبل أكثر من شهر وجَّه وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي المسئولين بالوزارة إلى إجراء بعض المراجعات في نظم التقويم والامتحانات، من خلال عدم تكرار اختبار الطلبة في الامتحانات النهائية فيما سبق اختبارهم فيه في امتحانات المنتصف على صعيد المعلومات والكمِّ المعرفي.

ولكن السؤال المطروح: هل نحن بحاجة إلى الانتقال من نظام الفصلين الدراسيين إلى الفصول الدراسية الثلاثة؟

أقول عندما قررت وزارة التربية والتعليم مؤخراً إلغاء محتوى المنتصف في الامتحانات النهائية فإنها كانت تستهدف مصلحة الطالب أولاً وأخيراً، منعاً للتكرار والحشو، وبالتالي فإن تقسيم العام الدراسي إلى ثلاثة فصول من شأنه أن يساعد الطلبة من الناحية النفسية على التهيئة اللازمة، والتخفيف من حدة التوتر والقلق فترة الامتحانات هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يساعد على رفع مستوى التحصيل الدراسي لدى الطلبة عندما تتراكم الدرجات، بحيث يتمكن الطلبة من التعويض عن بعض الإخفاقات أو التراجعات على مستوى الأداء في الفصليين الأولين، والاستفادة قدر الإمكان من درجات الأعمال (الشهرية)، والتي من المتوقع أن تحدث نوعاً من التوازن مقارنة بالامتحانات النهائية التحريرية، وفقاً لمعايير علمية عدة أبرزها: الشمولية والصدق والثبات والموضوعية.

آلية توزيع الدرجات المعمول بها حالياً في الغالب هي كالتالي: 30 في المئة لأعمال الفصل، و20 في المئة لامتحان منتصف الفصل، و50 في المئة لامتحان نهاية الفصل.

بمعنى أن الامتحانات التحريرية بشقيها (المنتصف والنهائية) تشكل ما نسبته 70 في المئة من الدرجة الكلية للطالب، والتي ليس من الضروري أن تعبِّر عن المستوى الفعلي أو الحقيقي للطالب، وخصوصاً إذا ما تعرض الطالب ليلة الامتحانات التحريرية لمرض ما أو لوجود حالة وفاة في عائلته، أو حدوث بعض الخروقات والتجاوزات كإقدام الطالب على الغش، ليتساوى في نهاية المطاف مع الطالب المجتهد!

الانتقال من نظام الفصلين الدراسيين إلى الثلاثة ينسجم تماماً مع المشاريع التطويرية، بقصد الارتقاء بمستوى الأداء في المؤسسات التعليمية، سواءً كانت مدارس حكومية أو وحدات تعليمية خاصة، وإن كان بعض من الأخيرة ـ أي المدارس الخاصة في البحرين ـ تطبق حالياً نظام الفصول الدراسية الثلاثة.

من المهم الأخذ في الاعتبار جميع أيام الامتحانات والتقويم والخطة الدراسية عند تطبيق الفصول الدراسية الثلاثة، بحيث لا يتعارض مع الوزن النسبي لأيام التمدرس التي لا تقل عن 180 يوماً دراسياً.

الانتقال من نظام الفصلين الدراسيين إلى الفصول الدراسية الثلاثة يحتاج إلى استطلاع رأي جميع المعنيين بالعملية التربوية قبل دخوله حيِّز التنفيذ.

وبما أن الطلبة هم الفئة المستهدفة من المشروع، لذا فإنني أعتقد بضرورة أن نبدأ كمرحلة تجريبية بالتعليم الأساسي، ومن ثم نتدرج إلى أن نصل إلى المرحلة الثانوية، لنتحاور مع الطلبة ونستنطقهم لوضع هذا المشروع في ميزان التقييم، لا أن نعتبرهم مجرد حقل تجارب.

هذا التوجه لا يعني فشل النظام الحالي المطبق في المدارس (نظام الفصلين الدراسيين)، وإنما لإعادة النظر في نظم التقويم والامتحانات بين الفينة والأخرى بما يتناسب مع التطبيقات والممارسات في الدول المتقدمة في مجال التعليم، والتي تأخذ بنظام الفصول الثلاثة

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3186 - السبت 28 مايو 2011م الموافق 25 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً