العدد 1378 - الأربعاء 14 يونيو 2006م الموافق 17 جمادى الأولى 1427هـ

ونحن على أبواب توزيع البعثات على خريجي الثانوية

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

يقول الكاتب حسن علي الإبراهيم: «عندما تأكد الزعيم الهندي نهرو في الخمسينات، أن طريق الخلاص للهند من أزماتها المستعصية، هو طريق العلم والبحث، أنشأ الكثير من المؤسسات التعليمية والبحثية ذات المستوى الرفيع، ووضعها تحت حمايته ورعايته الشخصية. وعندما كان الهنود يتحدثون عنها، كانوا يتندرون بإطلاقهم اسم البقرات المقدسة عليها. والمقصود هنا، هو حماية نهرو لها من الخصومات والمعارك السياسية والضغوط الاجتماعية التي تعاني مجتمعات العالم الثالث الكثير منها. لقد وضعت تلك المعاهد والمؤسسات العلمية القمر الهندي في الفضاء، وفجرت الذرة، ووفرت، ولأول مرة، فائضا في المادة الغذائية الرئيسية وهي الأرز، وأدخلت الهند نادي الدول الصناعية المتطورة».

نذكر هذه التجربة ونحن على أبواب فرز البعثات والمنح الدراسية، وتوزيعها على المتخرجين، إذ لو ساد منطق الكفاءة في هذا النطاق الذي لا صلة له مباشرة بالسياسة وألاعيبها، فإن الدولة حتما ستخطو خطوة واسعة نحو تحقيق تنمية حقيقية، وهذا ما قام به الزعيم الهندي جواهر لال نهرو في بلد متنوع الأديان والطوائف، وتعتبر الطائفية والطبقية مشكلة متأصلة فيه لا يمكن مقارنتها مع أي بلد آخر.

من جهة أخرى، فإن المشكلة الحقيقية، ومن أكبر أسباب استمرار التخلف، هي انفصال العلم عن العمل. فالكثير من الدول النامية ومنها بلدنا، لا ينقصها عدد المتعلمين والكفاءات العلمية، ولكن ينقصها الإطار الذي تستثمر فيه هذه القدرات، والتي غالبا لا تجد لطاقاتها الهائلة من مكان مناسب لتطلقها وتفجرها، إلا في البلاد المتقدمة.

وما يحدث حالياً، صرف المال الكثير على البعثات الدراسية، ثم لا تجد لها مكانا يناسبها إلا بلدان أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، لتنتفع بهذا العلم، أو تسنم وظيفة أقل من مستوى الدراسة بسنوات ضوئية عديدة. حكي لي بعض الطلبة أيام الدراسة، أن أحدهم قدم وهو يحمل شهادة الدكتوراه في صناعة الدوائر المتكاملة (CI)، بالطبع لا يوجد مصنع أو مجال لمثل هذا التخصص آنذاك، وربما شغر وظيفة مهندس حالياً، وبالطبع فقد تبخر ما في رأسه من جهد بذله طيلة سنوات؛ لأنه كما يقول الإمام علي (ع): «العلم مقرون بالعمل... العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه (بمعنى إن تم العمل بالعلم) وإلا ارتحل عنه». لذلك لابد من رعاية حاجة السوق في توفير فرص اكتساب العلم والمعرفة عن طريق البعثات والمنح الدراسية، ومن ثم تكريس ذلك وتوظيفه لتحقيق التنمية. يقول زكي ميلاد في كتابه «التنمية الثقافية من منظور إسلامي»: «هذا التأكيد الشديد بربط العلم والعمل هو القاعدة التي تشكل منها المنهج التجريبي الذي لم يكن معروفا في زمنه فأحدث تحولات نوعية في حركة العلم وتطورات المعرفة، وهو المنهج الذي نهضت به أوروبا وصنعت به حضارتها بعد أن اكتشفته من الحضارة الإسلامية»

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1378 - الأربعاء 14 يونيو 2006م الموافق 17 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً