أتمنى أهاجر من هالبلد، تعبت من الدنيا والشغل والمسئوليات اللي كلها على راسي، وما أعرف شنو أسوي فيها.
ما عندي وقت لنفسي أبداً، ما عندي وقت لقعدة حلوة مع صديقاتي، أو طلعة أروح فيها السوق اشتري من المحلات والمجمعات اللي كلها مسوية تنزيلات هالأيام، ولا عندي وقت أقرأ الكتاب اللي استعرته من صديقتي والمفروض اني أرجعه لها من أسبوع وأنا للحين ما بديت فيه. ما عندي وقت لأي شي، ما أدري شلون يمر الوقت؟ اليوم يبدأ، وتبدأ معاه الركضة، اللي ما تنتهي لحد ما نام في الليل، ونرجع في اليوم الثاني إلى الموال نفسه.
كل شي حوالينا يتعب، تعبت من هالروتين القاتل، تعبت من الشغل المتواصل اللي ما يخلي الوحدة فينا تفكر حتى في نفسها، تعبت من تأجيل الأشغال لبكرا وبعده وبعده، وبعدين ما يستوي أي شي منها. تعبت من الشمس والحر، كله كوم والجو كوم ثاني، الجو صاير «جهنم» وكل ما له لأسوأ، إذا صار على أحد يسوي مشوار من الساعة صباحاً حتى عصراً فيا ويله، راح يحترق من الشمس، ويكره اليوم اللي طلع فيه من بيتهم.
والمصيبة الأكبر، ان سواق السيارات يستخفون الظاهر في الشمس، اللي طالع من هني، واللي متجاوز من هناك، واللي يسوق على أقل من مهله خاطرك تكسره وتكسر سيارته فوقه، واللي شاق الأرض وطالع كأنه في سباق. ومو بس سواق السيارات يعاندون في الشمس، حتى إشارات المرور تعاند، يعني صف طويل عريض على الإشارة، تفتح وتصك وللحين محد تحرك من مكانه، كأن جميع العوامل البيئية والجغرافية والاجتماعية وحتى التقنية وقفت ضدك علشان تطلع روحك وتكرهك في البلد، وتقولون لي بعد ليش أبي أهاجر.
احنا بصراحة الله رحمنا بالمكيفات، وإلا شلون راح نعيش في هالجو، أعتقد ان الشخص اللي اخترع المكيف بيروح الجنة، على الخير اللي سواه فينا. تخيلوا بس لو كنا عايشين في هالجو بدون مكيفات، أعتقد اننا ما راح نقدر نواصل ولا حتى يوم.
ساعات أضغط على نفسي وأنجبر أطلع كم مشوار في النهار، شسوي بعد ما يصير أؤجل كل الأشغال لحد ما يخلص الصيف، وطبعاً لازم أتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لهذه المهمة الصعبة، وأحط أعصابي في ثلاجة باردة قبل ما أبدأ أي مشوار لأني أتوقع انهيار عصبي من كل اللي راح أشوفه في الشارع ومن السيارات اللي حوالي. وهناك مجموعة من النصائح الذهبية اللي ممكن نتبعها في الزحمة والشمس أوجهها لقائدات السيارات: أولاً، إذا وقفت في إشارة المرور، حاولي تشغلين نفسك بالتفكير في أي شي غير الزحمة والطريق والانتظار والموعد اللي تأخرتي عليه والشغل اللي لازم تسوينه. ثانياً: حاولي تتصلين بواحدة من صديقاتش وتتكلمين معاها وانتي قاعدة في السيارة تنتظرين، دوري أي أحد فاضي وتكلمي معاه في التلفون، المهم يمر الوقت وانتي واقفة قدام الإشارة أو الدوار أو أي مكان فيه صف طويل عريض. ثالثاً: لا تعطين الفرصة لأي واحدة من السيارات تدخل عليش، أو تأخذ مكانش. يعني ما يصير السيارات واقفين صف طويل عريض صار لهم ساعة، وواحد متفرغ ياي يخترق الصفوف ويبي يأخذ مكانش ويقص عليش، لا تعطين هالأشكال مجال، مثل ما عنده شغل، كل الناس عندها. رابعاً: حاولي تستخدمين الهرن، أنا أعرف انج مؤدبة وما تحبين تنزلين لمستوى الهرنات، لكن فكري فيه على أنه وسيلة التخاطب الوحيدة بينش وبين السيارات اللي حواليش، وممكن تخترعين ألحان معينة من إعدادش الخاص، يعني مثلا لحن لما تستأذنين من السيارة انج تمرين، ولحن علشان تقولين للسيارة اللي حاشرة نفسها يمش انش ما راح تعطينها مجال، ولحن مبتكر للناس اللي تطلع عليش في الدوار أو في الشارع بشكل جنوني مو مهتمة في أرواح البشر. وخامساً وأخيراً: ادعي للي اخترع المكيف.
أنثى
إن لم تعجبكم...
فاحسبوها ثرثرة
العدد 1388 - السبت 24 يونيو 2006م الموافق 27 جمادى الأولى 1427هـ