العدد 3267 - الأربعاء 17 أغسطس 2011م الموافق 17 رمضان 1432هـ

قصاصات ساخنة من ملف المفصولين

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

من يعتقد أن الضجة التي خلفتها التسريحات المستمرة للبحرينيين من الشركات والوزارات إثر الأزمة التي مرت بها البحرين منذ 14 فبراير/ شباط 2011، ما هي إلا زوبعة في فنجان سرعان ما ستهدأ فورتها وتخبو جذوتها، يكون قد قلل من أهمية مشكلة باتت تتصاعد يوماً بعد الآخر، ويتفاعل معها المجتمع بشكل غير مسبوق. ومن هنا عليه في كل الأحوال أن يراجع حساباته وأن يدقق فيما يكتب من تحريض لتعطيل إرجاع هذه الفئة من القوى العاملة إلى موقعها الطبيعي لتحريك عجلة الإنتاج.

من يحرض الدولة لثنيها عن إرجاع المسرحين في الوزارات والأجهزة الحكومية، لم يكلف نفسه عناء البحث وراء الأسباب الحقيقية لمثل هذه الخطوة التي لا يرتضيها شرع أو دين، بل كان سهلاً عليه أن يتهمهم بالخونة والعملاء دون أن يتأكد قبل أن يصدر حكمه، فتحت قلمه وورقته طاولة جامدة لا تتحرك كإحساسه المتبلد، ولكن خلف الجدران هناك حالات وجدت نفسها على قارعة الطريق لأسباب لا علاقة لها بالعدل والإنصاف في شيء، لم يسعَ لإنصافها بالحق ولو جزئياً على أبسط تقدير.

ما أبسط أن يكيل أحدٌ تهمة لمن يختلف معه في الفكر أو المعتقد أو التوجه السياسي، ولكن ما أصعب أن يثبت ذلك، فما حصل من وقائع ومجريات أعمت بصيرة أقلامٍ ما فتئت تسقي النار حطباً وتزرع الأرض بالحنظل ليحصد الناس مزيداً من القطيعة والفرقة والشتات واختلاف الكلمة، بدلاً من الألفة والانسجام والتوافق الاجتماعي، فتحرك الحبر لإسقاط التهم جزافاً وأخذت مجموعات بتهم عامة جامعة في توجيه لعقاب جماعي، بعيداً عن التعمق في دراسة كل حالة على حدة والتمعن في المسببات والظروف.

هناك شركات تهافتت وتسابقت من أجل الإعلان عن أكبر قدر من المسرّحين، لتتباهى بأنها طبقت القانون عليهم لأنهم أضربوا عن العمل أو شاركوا في مسيرة أو اعتصام، فأغرقت الصحف بسيل من التصريحات الصحافية المدافعة عن سلامة إجراءاتها خوفاً من حملة محمومة قادها بعض النواب مصحوبة بتهديد باستجواب هذا الوزير وطرح الثقة عن ذاك. وبعد أن هدأت العاصفة تبين أن حالات كثيرة سرحت بصورة غير قانونية ومخالفة لقانون العمل في القطاع الأهلي، وهو الأمر الذي أكدته اللجنة التي شكلها سمو رئيس الوزراء لدراسة حالات التسريح في القطاع الخاص برئاسة وزير العمل جميل حميدان.

والأسوأ من كل ذلك أن من بين هذه الشركات من لاتزال تتباطأ في إرجاع المفصولين، وأخرى لم تصدق أنها تخلصت منهم فما أن سلمتهم رسائل فصلهم إلا وسارعت لتوظيف آخرين بدلاً عنهم، والآن حائرة لا تعي كيف تتصرف إزاء توجيه صريح من القيادة السياسية بإنهاء هذا الملف دون إبطاء أو تأخير.

والوزارات ليست أفضل حالاً، فوزارة العمل أكدت أن إجمالي المسجلين في سجلاتها ممن تقدموا مباشرة للتسجيل أو من خلال القوائم التفصيلية التي تلقتها من الشركات المعنية أو من الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بلغوا 2462 عاملاً مفصولاً، متجاهلةً التطرق إلى أعداد المسرحين في القطاع العام، على رغم أن مكنة التسريح هدأت في الشركات ولايزال أزيزها يصدح في وزارات الدولة وعلى رأسها «الصحة» و»البلديات» و»التربية والتعليم».

وللعلم فإن الوزارات تقلل من شأن قطع الأرزاق، لذلك نجد أن وزارة التربية والتعليم على سبيل المثال تتحدث عن فصل 79 موظفاً من بين إجمالي العاملين في الوزارة البالغ عددهم 17600 موظف وموظفة، وذلك وفقاً لقرار المجالس التأديبية.

وهذه المقارنة يفهم منها السعي لامتصاص حالة الاستياء العامة من عملية التسريح، وهنا نتساءل أليس فصل 79 يعني قطع الطريق على 79 عائلة وتشتيت عائلها بحثاً عن فرصة عمل أخرى لدى جهات كثيرة ترفض أساساً توظيف المفصولين من القطاعين العام والخاص، أم أن هؤلاء يمثلون نسبة لا تذكر وبالتالي فإن أمرهم لا يستحق العناء فيما تستعد الوزارة لتسلم قوائم جديدة من ديوان الخدمة المدنية لفصل المزيد؟

رئيس ديوان الخدمة المدنية في تصريح له نشر بتاريخ 27 أبريل/ نيسان 2011، أكد أن «المشرع لم يترك للسلطة المختصة في الوزارة ولا للجنة التحقيق أن توقع على الموظف الجزاء الذي يحلو لها، وإنما حدد المشرع على سبيل الحصر الجزاءات التي يجوز توقيعها على الموظف وهي التنبيه الشفوي والتأنيب الكتابي والتوقيف عن العمل مع خصم الراتب من يوم إلى عشرة أيام كحد أقصى وأخيراً الفصل من الخدمة».

وفي الحقيقة أن أغلب القرارات التي خرجت أخذت بأقصى عقوبة ألا وهي الفصل من الخدمة، وفي بعض الحالات التوقيف عن العمل لمدة 10 أيام مع خصم من الراتب، وعلى رغم وجود 106 مخالفات محددة في جدول المخالفات الذي بينته أنظمة الخدمة المدنية، تم التركيز على مخالفة معينة تتعلق بتنظيم الاعتصامات والمسيرات غير المرخصة أو المشاركة فيها، شملت شريحة واسعة من المسرحين، لم يتلقوا تأنيباً كتابياً أو تنبيهاً شفوياً بل وجدوا أنفسهم خارج أسوار العمل لأسباب ضعيفة كالمشاركة في تشييع أحد ضحايا الأحداث!

وبعد كل ذلك، هل لايزال القطاع العام مرفوعاً عنه القلم، والقرارات التي صدرت بحق المفصولين كانت سليمة على الإطلاق ولا يوجد أي احتمال لسوء تقدير أو خطأ في إصدار القرارات؟

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3267 - الأربعاء 17 أغسطس 2011م الموافق 17 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 10:36 ص

      في وزارة التربية والتعليم.....

      في داخل هذه الوزارة هناك من استغل حالة الإنفلات إلى جانب استغلال الوزارات للأزمة في ممارسات غير قانونية وغير أخلاقية تشفي غليلهم ، وتضعهم في المكان المخصص لهم في الفوز بالغنائم .
      في وزارة التربية من يقوم بهذا الجانب معروفة نعراتهم و ممارستهم الطائفية. إحدى المسئولات وطاقمها لم يتستطعوا أن يشفوا غليلهم في الوضع العادي لعدم وجود دليل على ما تدعيه علينا، ولكن حينما تراءى لهم إبليس وعقد حفلة زاره لهم تراقصوا فرحاً وأصابتهم النشوة ، وأرادوا النيل منا بطرق أخرى هي النقل من مكان العمل .

    • زائر 20 | 8:25 ص

      خطة بالوان ..

      خطة بالوان وبنكهة طائفية لقطع الارزاق متناسيين أن الارزاق بيد الواحد الاوحد الذي يرزق ولا يرزق ويطعم ولا يطعم-وأن الدنيا مزرعة الاخرة-فكيف رجاء من يقطع أرزاق للاخرة يا ترى؟؟؟.

    • زائر 19 | 7:27 ص

      سيرجعون

      في رأيي المتواضع سيرجع جميع أو أغلب المفصولين بس تحتاج شوي وقت

    • زائر 16 | 6:51 ص

      كل ظالم له يوم

      "وما ظلمونا ولكن كانوا لأنفسهم ظالمين " لقد تحقق لذوي الانفس الضعيفة الحاقدة ما أرادت ولكن فلتتذكر هذه الفئة أن أن الرزق بيد الله وكل ظالم وله يوم نعم تتباهى المديرات والمدارس الحاقدة بعدد الموقوفات والمفصولات لديها ولكن اذا كانن لديهن ضمير فليسألوه هل يستحقون زميلاتهم ما حدث لهن حسبن الله ونعم الوكيل

    • زائر 15 | 5:58 ص

      نفث السموم

      القلم الذي وقع عقوبة الفصل لم يضيع ولكن ما زال ينفث سموم الحقد والكراهية بالفصل من جديد ، فنقول له الرازق هو الخالق العظيم ، فصبر جميل ودوام الحال من المحال ولله في خلقه شئون لذا ابحث عن حبر طاهر يخفي تلك الأحقاد من قلم طاهر وعقل سليم

    • زائر 14 | 5:50 ص

      يارب رحماك

      هكذا نحن دوما نعاني لامرين في بلدة العجائب
      او ليس من حق المفصولين الدفاع عن انفسهم

      اي عقل وقلب هذا تتمتلكه بعض الاقلام الجائره

    • زائر 11 | 4:12 ص

      ضغائن

      نعم القلم الذي قد فصلهم ضاع ولكن حبر الفصل لا زال ينفث وكل ذلك الحبر ضغائن في قلوب قوم

    • زائر 8 | 2:56 ص

      كل كلماتك رائعة ...

      ابو محمد ... كل كلماتك رائعة ... سلمت لنا اناملك الذهبية وقصاصاتك الرائعة وحفظك الله من كل سوء ... ننتظر مقالاتك القادمة بخصوص ارجاع المفصولين باذن الله ...

    • زائر 6 | 1:53 ص

      قصاصات صغيرة تحمل معاني كبيرة

      كلنا يعي حقيقة هذه القصاصات التي باتت تشكل عبئا على المسرحين وخصوصا الذين لا جرم لهم سوى إنهم طالبوا بحقوق شرعية والبعض لم يكن لديه يدا اصلا بالموضوع واليوم يراودنا الامل في كل لحظة بارجاع هؤلاء المفصولين ونتمنى من القيادة الرشيدة أن تعيل هؤلاء وخصوصا اننا على ابواب ليالي القدر والتي تكون فيها ابواب السماء مفتوحة فصبرا جميلا ان شاء الله وسلمت يمناك يا أحمد

    • زائر 4 | 1:49 ص

      مهزلة واستهتار

      نشكر الاستاذ ونؤكد بأن هذه الاساليب كيدية نابعة من نفوس ضعيفة حاقدة على ابناء الوطن وهمهم الأول والأخير مصالحهم الشخصية .

    • زائر 3 | 11:27 م

      في الصميم،أصبت كبد الحقيقة

      أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي،
      تعددت الطرق والوسائل والهدف واحد مذكور ومعروف
      بوركت

    • زائر 2 | 10:59 م

      القلم

      بالقلم تم الفصل ثم ضاع القلم

    • زائر 1 | 10:44 م

      ارجعوا المعلمين للعمل

      ننتظر بشغف سماع قرار توقيف الفصل وارجاع جميع المعلمين والمعلمات المفصولين إلى وظائفهم في القريب العاجل

اقرأ ايضاً