العدد 1363 - الثلثاء 30 مايو 2006م الموافق 02 جمادى الأولى 1427هـ

البحرين: للإيجار

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

درة البحرين، جزر أمواج، مركز التجارة العالمي، المرفأ المالي... كلها مشروعات تتميز بكونها سكنية أو مكتبية، وبتصميماتها المختلفة التي توحي إلى مستقبل مشرق. مستقبل بين أيدينا يمكننا أن نتصوره ونحتضنه وكأنه ملكنا قبل أن نعمل على صنعه. قد تختلف كل تلك المشروعات بعضها عن بعض، لكن تبقى هي مجرد بعض الإسمنت والزجاج والحديد.

في نهاية الأمر، المباني هي مجرد مبانٍ؛ لا أكثر. قد تكون جميلة وشاهقة، لكن إذا لم تتضمن قيمة حقيقية للاقتصاد فإنها مجرد وسيلة للتمتع بالسيولة الفائضة ولا غير. بالطبع هناك قيمة في الإعمار ولكن هي محددة عن طريق العرض والطلب للمساحة المتوافرة، أياً كانت سكنية أو مكتبية. وتلك القيمة ناتجة ليس عن بناء المباني، بل عن قوانين وبرامج اقتصادية لتعزيز الاستثمارات الخارجية وغيرها في البحرين.

قد تبقى لافتات الأجار معلقة لمدة طويلة إذا لم نكن جادين في تنفيذ نماذج عمل واستثمار مدروسة ومخططة؛ فيها قيمة حقيقية للاقتصاد ونموه وتطوره. لا نقصد هنا مثلاً أن يكون في المرفأ المالي مبنى للتأمين (وهي فكرة عبقرية أو غير ذلك بحسب من تسأل. فالبعض يرى خطورة مركزة في وجود مكاتب تأمين في مبنى واحد، وهذا يخالف حكم التأمين!) بل نقصد بأن تأخذ الحكومة على عاتقها جدولاً اقتصادياً محدداً بين شتى الوزارات والمكاتب الاستثمارية الحكومية.

وأن تتجرأ بأن تجرب وتكتسب الخبرة في القطاعات المختلفة والتعامل مع الدول الناشئة الكبيرة لتعزيز العلاقات لتسهيل التبادل التقني والتجاري. لماذا لا يوجد نشاط قوي لتعزيز وجذب المستثمرين من الهند والصين؟ ولماذا لا نركز بعض أموالنا ونشاطاتنا الاستثمارية في تلك الدول بشكل جذري؟ بالطبع هناك السياسة في كل الأحوال، لكن هي مجرد لعبة علاقات دولية مطرزة بالدبلوماسية حتى تنفتح الأبواب وتقترب المصالح.

وهذا الأمر لا يقع فقط على عاتق الحكومة وحسب. بل أيضاً على المصارف ومكاتب الاستثمار الخاصة، ومنها الإسلامية. فعليها أن تبادر بإيجاد وتوظيف أموالها في أحدث التقنيات والشركات الهندية والصينية، والتي يوماً بعد يوم ستكون قوى اقتصادية هائلة لا يمكننا أن نهملها. أما بالنسبة إلى أسواق المال الهندية مثلاً، فقد مرت بعدة تجارب مازالت منطقتنا لم تمر بها، وهي من ذلك المنطلق أقل خطورة للعروض الأولية وقوانين الحوكمة.

قد تكون واجهة البحرين لامعة وشاهقة اليوم، لكن ستكون مجرد زيركون وليس ألماساً إذا لم نعترف بأننا مازلنا مشتتين وغير مركزين على إيجاد القيمة بدلاً من فقط الكلفة ومبادلة الأملاك

العدد 1363 - الثلثاء 30 مايو 2006م الموافق 02 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً