العدد 3309 - الأربعاء 28 سبتمبر 2011م الموافق 29 شوال 1432هـ

ثلاثة أسئلة للإسلاميين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أتابع كإمام مسجد في العاصمة الأردنية (عمّان)، التطورات المثيرة عبر شمال إفريقيا والشرق الأوسط بخليط من الآمال الكبيرة والقلق الشديد. تشكل ظاهرة الشباب الذين ينظمون أنفسهم بشكل سلمي للمطالبة بإصلاحات سياسية وفرص اقتصادية وحقوق الإنسان مصدراً للفخر بالنسبة لي. فالكثير من المصلين في مسجدي ينتمون إلى هؤلاء الشباب. من ناحية أخرى، فإن الخطورة القاتلة المتزايدة لحدوث نزاع بين الدولة والمجتمع في الكثير من الدول العربية أمر يصعب أن نشهده. وينطبق الأمر كذلك على مأساة الجريمة المستشرية والكفاح الاقتصادي وانعدام الأمن في دول مثل مصر، التي تمر بتحولات درامية.

في هذه الأوقات التي تأسر انتباهنا، يُعتبر دور الإسلام أساسياً، ويبدو أن المجتمعات العربية تدرك ذلك. أستطيع أنا إدراك ذلك من تنامي أعداد المصلين في مسجدي، الذي يمتلئ كل يوم جمعة بالمصلين. يجد الشباب شعوراً بالارتياح والإلهام في الإسلام وهم يواجهون مستقبلاً مفعماً بالشك وعدم الوضوح.

في الوقت نفسه، يثير المحللون السياسيون، في داخل المجتمعات العربية وفي العالم على اتساعه، مخاوف من دور ما يسمى بالجماعات «الإسلامية» في التحولات السياسية المستمرة. يطلب مني المصلون في مسجدي أحياناً كثيرة المشورة بشأن هذه القضية. أحاول، استجابة لهم وفي خطبة الجمعة، وكذلك في محادثات حميمة معهم، صوغ الأمور المميزة الضرورية لضمان تطبيق مبادئ الإسلام بشكل صحيح، وألا يتم اختيار لغة الإسلام من قبل حركات سياسية انتهازية.

تتواجد في حالة التغير المتواصل في شمال إفريقيا والشرق الأوسط اليوم، منافسة نشطة على الشعبية السياسية في سوق جديدة للأفكار. يتوجب على المرء عند تقييم أي شخصية أو حركة سياسية تدعي حصولها على الشرعية من الإسلام، طرح الكثير من الأسئلة والمطالبة بإجابات واضحة لا يكتنفها الغموض.

السؤال الأول هو: هل تساند الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية المتساوية لجميع مواطني بلدك، بغض النظر عن عرقهم أو نوعهم الاجتماعي أو طائفتهم؟

يجب أن تكون الإجابة «نعم». يقدّم القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة رؤية للعدالة الاجتماعية في جميع صورها وأشكالها، ليس فقط للرجال وإنما كذلك للنساء، وليس فقط للعرب وإنما كذلك لغيرهم من الأصول العرقية، وليس فقط للمسلمين وإنما كذلك لجميع بني البشر. تلك هي قناعتي كدارس للإسلام طوال حياتي. النصوص التي تثبت ذلك وتؤكده كثيرة، ولكن يكفي القول إن رؤية القرآن الكريم في المساواة والعدالة موجهة ليس لجزء معين من البشر وإنما لجميع «بني آدم».

تنوعت تفسيرات القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة عبر القرون، وكانت بعض هذه التفسيرات غير متكافئة مع القيم القرآنية الأساسية. لا تتعارض التفسيرات الأكثر دقة مع مبدأ المساواة والعدالة العالمي، ولا تحرم أي شخص من الفرص السياسية أو الاقتصادية. يمكن لهذه التفسيرات، بل ويجب أن تتحقق من خلال مبدأ الجهاد، وهو التطبيق العملي للعقلية البشرية لظروف العالم التي ما فتئت تتغير.

السؤال الثاني هو: هل تؤمن بأن الإسلام متوافق مع تعريف لحكم القانون يتسامى على التعاليم الفقهية لأحد الأديان؟

يجب أن تكون الإجابة «نعم». فمن منظور إسلامي معاصر، ليست الشريعة وثيقة تحل محل النظام القانوني لبلد ما، بل على العكس، فهي مجموعة من المبادئ تتطلب من المسلم المؤمن احترام قوانين البلد الذي يعيش فيه، بشرط أن تكون تلك القوانين متوافقة مع القيم العالمية للمساواة الاجتماعية وحقوق الإنسان. إضافة إلى ذلك، وفي حال وجود قانون معيّن يكون غير منصف أو غير عادل، فإن الشريعة تتطلب من المسلم المؤمن العمل ضمن إطار قانوني وديمقراطي لتعديل القانون. يؤكد الإسلام مبدأ الشورى، أو التشاور كأسلوب للوصول إلى القرارات التي تؤثر على الجسم السياسي. ويعتبر هؤلاء الذين «أمرهم شورى بينهم» يستحقون مكافأة إلهية.

وأخيراً، السؤال الثالث هو: هل تعتبر أن برنامجك السياسي هو أداة لا تشوبها شائبة لتعاليم الإسلام؟

يجب أن تكون الإجابة «لا». فالقرآن الكريم يشهد على حقيقة أن بني البشر، الذين أعطوا قدرة دنيوية، هم عرضة للخطأ والفساد. الإسلام بدوره بريء من أخطاء هؤلاء الذين يتجرأون على تفسيره أو تطبيقه، ولأنه من الغطرسة والشبهة الاقتراح بأن أحداً ما لا يخطئ، فإن من الغطرسة والشبهة كذلك الادعاء بالحديث باسم الإسلام.

إضافة إلى ذلك، فإن الادّعاء بالحديث باسم الإسلام هو التأكيد على الفوقية على البرامج السياسية الأخرى، وهو موقف يؤدي إلى السلطوية.

الإسلام كما أفهمه يتطلب من بني البشر التفاوض بشأن الفروقات والحكم بشكل توافقي. ليس هناك أنبياء معاصرون أو خلفاء ذوو إرشاد صحيح. يتوجب علينا السعي للتعاون من أجل إبراء منطقتنا والعالم بأفضل صورة ممكنة

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3309 - الأربعاء 28 سبتمبر 2011م الموافق 29 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً