العدد 3357 - الثلثاء 15 نوفمبر 2011م الموافق 19 ذي الحجة 1432هـ

خطاب التحريض يتصاعد... والناس إلى مزيد من الإفقار

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

لقد اكتفى الناس وتشبعوا من التصريحات المتوالية والوعود المتكررة بإعادة المفصولين إلى أعمالهم في الوزارات والشركات، فلم تعد لديهم القدرة الكافية لاستيعاب المزيد أو تصديق أي شيء ينشر أو يذكر عبر وسائل الإعلام في هذا الشأن، وذلك مؤشر خطير ينم عن بوادر نشوء حالة من انعدام الثقة، فيما الساحة تركت مفتوحة أمام اجتهادات الشركات التي تعيد المفصولين تارة بحجة الاستجابة للتوجيهات الملكية في حين تتحايل عليها تارة أخرى.

هناك مبادرات جدية من القيادة السياسية لمحو أثر المشكلة، وحفظ أرزاق الناس من العبث بمعزل عن التلاعب بها إرضاءً لأهواء فردية، ولكن في المقابل هناك أطراف تأزيمية تعطل بلوغ الحل، وتتباطأ بشدة حتى لا ينتهي الطريق إلى نتيجة مرضية، وهنا على الدولة أن تحسم الأمر، إما أن يبقى مصير نحو 3 آلاف مفصول مجهولاً والباب مشرع على مصراعيه أمام كل الاحتمالات أو تبادر لإيجاد آلية تنفيذ ملزمة للتوجيهات الملكية.

المفصولون بلا استثناء يواجهون ظروفاً اجتماعية واقتصادية صعبة جدّاً، ومستوياتهم المعيشية وقدرتهم المادية انحدرت إلى حدود لا تليق بكرامتهم كمواطنين من حقهم ممارسة حياتهم اليومية في وطنهم أعزاء غير محتاجين أو عالة على أية جهة كانت، وهذا ما تؤكده المادة الخامسة الفقرة (ج) من دستور مملكة البحرين الصادر في العام 2002، والتي تنص على أن «تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة، كما تؤمّن لهم خدمات التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية، وتعمل على وقايتهم من براثن الجهل والخوف والفاقة».

الفقرة انتهت بكلمة واضحة وصريحة ولا تحتمل أكثر من تفسير، فهي تؤكد بجلاء أن الدولة معنية بحماية ووقاية رعاياها من الفاقة، أي العوز والفقر والحاجة، فهل بقاء نحو 3000 عائلة بلا مصدر دخل يليق بسمعة ومكانة وطن يعتبر من الدول الخليجية النفطية ومعبراً مهمّاً لأسواق الخليج على مستوى العالم.؟

البحرين باتت موضعاً لانتقادات دول كبرى متقدمة إثر عمليات التسريح العشوائية التي لم تتوقف إلا قبل أشهر قليلة منذ أزمة فبراير/شباط ومارس/ آذار وما تلاها من تراجع في الحقوق النقابية.

لقد شهدت الدول العظمى اضطرابات عمالية لا حصر لها، ولديها حركات نقابية رائدة على مختلف المستويات، ونهضتها الصناعية ونشاطها التجاري غني عن الذكر والتعريف، غير أن تاريخها لم يشهد حملة تسريح استهدفت الطبقة المنتجة الفاعلة في العملية الانتاجية كالتي حصلت لدينا.

فإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى دروس؛ فيمكن لكتّاب الفتنة الذين يدعون الصدقية والنزاهة والأمانة الصحافية وهم من يحرضون على المزيد من التشدد في مواجهة مطالبات الناس باسترداد حقوقهم، أن يقوموا بهذه المهمة.

كما أنها فرصة للنواب الذين وقعوا بيان التهديد بالاستجواب والمساءلة في حال إرجاع المفصولين، أن يعدوا جدولاً لزيارة هذه الدول والجلوس مع الشركات والمؤسسات التجارية لمساعدتها في وضع قوانين مقيدة لحرية العمل النقابي، والتشدد في تسريح العاملين والتخلص منهم إن لاحت في ذهنهم فكرة الاحتجاج أو المطالبة بإصلاح وضعهم أو حتى عبروا عن موقفهم في أي حدث وطني.

كما من الضرورة ألا ينسوا حث تلك الشركات الأجنبية على مراقبة موقع الفيس بوك، فربما وضع أحد العاملين إشارة إعجاب على موضوع يعبر عن توجه سياسي أو فكري أو ديني، لأن في ذلك جريمة لا تغتفر بحق البشرية.

وإن رفع الموظف علم بلاده في مسيرة أو اعتصام فيجب أن يعتقل أو ينفى لأنه في هذه الحالة خائن وعميل وينفذ أجندات خارجية، ومن الواجب ضربه بيد من حديد حتى لا تسول له نفسه العبث أو التلاعب بمدخرات الوطن.

ولا بأس أن يقدم الوفد للمسئولين في تلك الدول نصيحة للاستئناس بوشاية زميل أو شهادة آخر ينتظر الترقية على حساب غيره، لضمها إلى ملف الاتهام الموجه إلى الموظف كمبرر دامغ على تورطه في الإخلال بواجباته ومهماته الوظيفية ما يستلزم فصله بلا رحمة أو هوادة.

لمَ الاستغراب؛ فهذه الاتهامات سيقت للأسف ذرائع لفصل المواطنين البحرينيين من أعمالهم، حتى أن البعض اعتبر لجان التحقيق بمثابة الفرصة الذهبية المواتية لإفراغ مناصب وظيفية حتى وإن كانت في المستويات الدنيا، على أمل أن يناله أو يحظى قريب له بنصيب منها، في حفلة زار غابت عنها كل معاني الوطنية والأخوة في الدين، بل طغت عليها أصوات طبول الطائفية التي صدَّرها خطاب إعلامي لم يراع أي أعراف أو أخلاقيات مهنة.

الآن عشرات بل مئات الأفراد يتعرضون للإفقار والفاقة بسبب الفصل من الوزارات والشركات، فهل ستتحرك الجهات الرسمية لتفعيل مواد الدستور التي هي ملزمة للجميع بلا استثناء أم ستترك الوضع يتأرجح بين الحل وعدمه ليبقى رهناً في يد المتطرفين الذين لن يهدأوا إلا والبلاد ومن فيها تعج بالفوضى والخراب وتنحدر إلى الصراع الطائفي؟

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3357 - الثلثاء 15 نوفمبر 2011م الموافق 19 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 7:18 ص

      1+1=2

      عزيزي الكاتب لاتقل (ويلٌ للمصلين) وتسكت اكمل الايه فبينما انك تستشهد بالتعامل المتحضر للأوروبين مع المعارضين فأرجوا الاتغفل عن الجزائات الصارمه التى نفذتها بريطانيا العظمى حاضنة حقوق الانسان من طرد كل من تورط بالمظاهرت الاخيره من الدوائرها والحرمان من الاستفادة من حق السكن وطرد اهاليهم بحجه التستروالتواطئ في التبليغ عن اولادهم المخربين وكذالك الحرمان من من العلاج المجاني في مستشفياتها واجرات لاتتسع الاسطر لكتابتها0

    • زائر 16 | 7:07 ص

      --

      اشكر صاحب المقال على مقاله

    • زائر 15 | 6:25 ص

      شكرًا يا الصفار

      شكرًا لك يا استاذ ،،،، التصرفات الحمقاء تجلب العار والفضيحة لاصحاب العقول التأزيمية . من أين سيعتاش اذا انحلت كل الأزمات .

    • زائر 14 | 4:39 ص

      سرقت قوت عيالي سأسرق منك الراحة يوم المعاد

      يوم تحتاج الى الحسنة والى العفو والغفران هناك في ذلك اليوم الشديد سأسرق منك ما تحتاجه في ذلك
      اليوم الذي لا بعده يوم فإما خلود في الجنة او خلود في النار والعياذ بالله.
      هناك حسن وقبح العاقبة يظهر والا هنا فلن يموت احد جوعا وأرض الله واسعة ومهما كان الالم فلا يقاس
      بساعة من ساعات العذاب الاخروي

    • زائر 13 | 4:26 ص

      للسراق الوظائف نقول

       المال الزائد من راتبكم يعتبر سرقة . فانتضرو غضب الله عليكم . الله يمهل ولا يهمل

    • زائر 12 | 4:20 ص

      نقول للسراق الوظائف

      المال الزائد من راتبكم يعتبر سرقة . فانتضرو غضب الله عليكم . الله يمهل ولا يهمل

    • زائر 11 | 3:27 ص

      نفس الوضع السابق اكتبوا ما تشاؤن ونحن نفعل ما نشاء

      عدنا الى الوضع الذي أجج البلد وادخله في هذه الازمة
      وهو ان الكتاب والمثقفون والشعب يتكلم في واد وهناك
      من لا يعبء بما لدى الشارع وما في صدور الناس
      حتى انفجر الوضع الى ما وصل اليه وها نحن الآن
      عدنا والعود احمد الكل يتكلم من وقاع الحرص على الوطن من كتبا ومثقفين وغيرهم ولكن الآذان لا تسمع
      لأحد والامور ماشية على خلاف المفروض
      الى ان تتأزم الامور اكثر فأكثر

    • زائر 10 | 3:14 ص

      سلمت يداك ياصفار

      سلمت يداك ياصفار ... ودام قلمك ...

    • زائر 9 | 1:12 ص

      شكرًا شكرًا

      شكرًا للكاتب كثيرا .

    • زائر 7 | 12:49 ص

      الإداريين العقلاء

      ندعو الإداريين العقلاء في الشركات التحرك والمساعدة في حل الموضوع

    • زائر 6 | 12:45 ص

      العقلاء

      ندعو العقلاء من الإداريين في الشركات للتحرك من أجل حل الموضوع او سيعتبرون هم شركاء في الذنب أيضاً .

    • زائر 3 | 12:22 ص

      في النهايه مايصح الا الصحيح

      وترى ياخوي الناس بدت تتباعد وتباعد دعاة الطائفيه وهناك تهميش واضح من الناس العاقله اللي اعقولها ما قدرت تهضم سالفة الطائفيه بعد ما حاولوا اجترارها لقرابة العام في النهايه البحريني الاصيل مو على قولت النصارى INPORTED STUFF اللي جده وابوه كانوا يفطرون الصبح على فنجال قهوه مره وكم تمره اخنيزي سوى كان من هلطائفه او تلك الحكي القاصر على فلان وعلان ما يستسيغه واذا لاقى صاحبه نادى بااعلى صوته اشلونك ولد عمي من قلب بغض الظر عن دينه ومذهبه اهم شيء بحريني

    • زائر 2 | 11:24 م

      بوركت

      بوركت أخي العزيز
      ولي كلمه معروفه (كل إناء بالذي فيه ينضح) ماذا تترجى من هكذا قوم تعروا من الإنسانية التي أعز الله بها بني البشر وأصبحوا مثل الدواب همها علفها من دون أي مراعاة لأخلاق أو دين أو حتى ضمير

اقرأ ايضاً