العدد 3365 - الأربعاء 23 نوفمبر 2011م الموافق 27 ذي الحجة 1432هـ

سلبية تداول الأزمة وتسويف حلها أفسدا الاقتصاد والمجتمع

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد انقضاء أكثر من تسعة أشهر من غير دراسة جذور أسباب الأزم]، والوقوف ضد تداولها بين النخب السياسية والقوى الديمقراطية العقلانية لوضع الحل المناسب لها، جعلها أكثر تعقيداً وأعظم تأزيماً.

مازال التردد في تداول جذور القضية سيد الموقف - بانتظار تقرير بسيوني كما يبدو - إلا أنه لا يمنع من وضع خطة مرسومة من الآن، لامتصاص الغضب الشعبي المتبادل، وإعطاء بصيص أمل لانفراجها، حتى لا يعطي انطباعاً لدى المستثمرين، بأنها ستطول وستكون أكثر خطراً على استثماراتهم، والاقتصاد والنسيج المجتمعي - كل يوم تأجيل يساوي سنة من البناء - ما قد يُصعِب وضع الحلول.

لطالما حدثت أمور سلبية جراء هذه الأزمة، سواء بمسوغ قانوني أو غير ذلك، أطفت ظلماً لحقوق أكثر من نصف الشعب البحريني المعروف بخلقه وطيبته وتسامحه، وكرست له روح العداء والكره والضغينة، نتيجة لما حدث له من فصل، وإقصاء، وتهميش، وتمييز والقائمة تطول، فإلى متى الانتظار لننتشل هذه السلوكيات البغيضة من قاموس هذا الشعب العظيم.

يؤسفني أن أتفوّه بالفقرة السابقة، وأبوح بما يختلج من مشاعر البحرينيين تجاه بعض إخوانهم الذين عاشوا وتربو ولعبوا وسافروا وتزاوجوا من بعضهم البعض على مدى قرون. في اعتقادي أن هذه الكراهية المتبادلة الطافية على السطح ستلحق الضرر بالجميع، إن لم يتم تداركها بوضع الحدود للأساليب المتشنجة من قبل جميع الطوائف، والبدء بتجريم كل من يتعامل أو يتفاعل معها.

مع تفهمنا لأبعاد الأزمة المتمثلة في الجيوسياسية للمنطقة، والإنثروبولوجيا المتعلقة بكل طائفة، والمناطقية الموزعة بشكل تقاسيم طائفية، إلا أننا نقول بأنه لن ينفع الندم حينها، إن لم يتدارك الموقف عاجلاً لوضع الحلول التي يرتضيها الشعب بشتى تلاوينه، وقبل أن يحدث ما تحمد عقباه. نحذر من ذلك جراء خوفنا على بلدنا وأمن شعبه، من أي أطماع شخصية أو خارجية، فالخاسر الوحيد هو الوطن والشعب بجميع طوائفه عندما تتأزم المشكلة أكثر.

ولكن لو سلطنا الضوء على عنوان الموضوع، كيف أفسدت هذه الأزمة الاقتصاد والنسيج الاجتماعي؟

بالنسبة للمجتمع: أصبح وهناً كبيت العنكبوت، بعد ما كان كالكتلة الصماء الفولاذية في تماسكه وحبه لبعضه البعض، مما أصابه من تفتيت وكره متبادل. قبل الأزمة لا نحتاج إلى علماء اجتماع لتشخيص الشعب البحريني، فهو واضح في ترابطه وعلاقاته الأخوية والأسرية بين جميع الطوائف. فمن تجربة علاقاتي الشخصية، لحظت أصدقاء من الطائفة الأخرى الكريمة يتواصلون معي بكل فخر، ولم ألحظ أي ضغينة من قبلهم، وكنا نخرج لقضاء أوقات ممتعة وحفلات ترفيهية وزيارات أسرية.

أما بالنسبة للوقت الراهن، لا أفتي بأنني أستطيع تشخيص الوضع القائم للمجتمع، حيث يحتاج الأمر إلى دراسات ميدانية من قبل علماء اجتماع، أو بحوث علماء الإنثروبولوجيا لتحديد موقف كل طائفة من الأخرى، بالمقابل يمكننا البوح بأن كل طائفة تتحسس من الأخرى، ولا أحد من هذه المِلَّة أن يتفهم من الأخرى بينما يتم تفسير كل شيء بشكل معكوس. لهذا نستطيع الصدح بأن البلد يموج عالياً ويدنو أسفلاً أحياناً أخرى، جراء هبات أزمات سياسية عاصفة عاتية تقلبه ذات اليمين واليسار، طبقاً للقوى اليمينية واليسارية.

اقتصادياً: لا أحد يستطيع القول بأن الأزمة لم يكن لها تأثير على اقتصاد البلد أو تأثيرها متواضع، فالكل يتلمس المعاناة من تدهور الاقتصاد والركود في تداول العقارات والإيجارات، والمحلات تكاد تكون خاوية من مرتاديها ما أدى إلى انخفاض حاد في القوة الشرائية. فهناك تذمر شديد من كثير من التجار يتم تداوله في الخفاء، ولم يتم البوح به للمسئولين حتى لا تتأثر مصالحهم مع الدولة.

في كثير من أحاديثنا عن أزمة البلد اقتصادياً، نسمع كثير من التململ من الأزمة، والكل سئم من انهيار السوق والخسارة المتفاقمة جراء تراكم الديون لدى التجار، ما دفع بالغرفة التجارية لمساعدة بعض من تضرر بمنح مالية لسد العجز ، ولكن السؤال المهم إلى أي حد تستطيع الغرفة التجارية مساعدة التجار ومجاراة الخسارة المركبة لدى الشركات والمؤسسات؟

بدورنا ندق ناقوس الخطر، ونوصل رسالتنا كما تصلنا من بعض جوقة من التجار، بكل صدق وأمانة وشفافية، مع أن سمو ولي العهد طالبهم التحدث بكل شفافية ووضوح - لا أحد يخاف - وكان سموه يدعوهم ويطالبهم بالصدح عن آرائهم، بكل صدق وأمانة في زيارة خصصها سموه لهم للتحدث عن الأزمة وأثرها على الاقتصاد، وكيفية تجاوزها وعلاجها، بهدف الوصول إلى بر الأمان وللمصلحة العامة للبلد.

للأسف، لم نرَ من بعض التجار أي تحرك تجاه الأزمة، أو أي دور يساعد في علاجها، فكثير منهم اختفى من الساحة ولم يعد له تأثير على مجريات الأحداث حتى لا يخسر علاقاته أو زبائن بضاعته، مع أنه من المفترض أن يلعب دوراً سياسياً في حل الأزمة الراهنة

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3365 - الأربعاء 23 نوفمبر 2011م الموافق 27 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:12 ص

      اما عن التجار فلاتتكلم عنهم الخوف اكل لسانهم واقول لك الحل في ايقاف اصوات الفتنة وهم معروفين

      لاداعي لدوران الحل بسيط لكنه يحتاج لوقت طويل لترجع الامور لنصابها هي ايقاف ابواق الفتنة من كتاب وصحف رمت مصلحة بلدها خلفها ولاننسى ماعمله الاعلام الرسمي من تدمير ممهنج في اللحمة الوطنية اه ثم اه على بلدي واقول من امور الحل المهمة هو اعادة اصلاح الدوائر الانتخابية التي فصلت على مقاس 18-22 لينتخب الناس مايريدون سترى عندها اختيار مغاير لمايحدث الان وسياتون اشخاص على قد الكفاءة وليس الاسلام السياسي المتورطين به الان وايضا ان تشمل الدولة الجميع برعايتها كابناء وليس كما هو حادث الان حفظ الله البحرين

    • زائر 2 | 12:09 ص

      استاذي احمد المستثمر جبان

      التاجر كيانه تجارته يا استاذ احمد فمجرد وجود اي ظرف يوثر على الربح تراه يناى بتجارته وماله الى بر الامان من تراه اخذ الدور الوطني وعزت عليه الديره لازم نقف امامه ونسوى له تعظيم سلام لان مثل ما يقولون المال عديل الروح وهذا ماهمه ماله كثر ما همته الديره واهلها نعلم يا استاذ انهم قله وانهم وطنيون الى النخاع فمنا ومن الوطن لهم كل التقدير والشكر والاحترام ولو خليت خربت يا استاذ ولا اخفي سرا اذا اكدت لك ان بعضهم سد حاجات كثير ممن قطعت ارزاقهم بدون ان تعرف اليسار ما عطت اليمين وهذا قمه الجود الاصيل

    • زائر 1 | 11:50 م

      عجبتي هذه الفقرة

      لطالما حدثت أمور سلبية جراء هذه الأزمة، سواء بمسوغ قانوني أو غير ذلك، أطفت ظلماً لحقوق أكثر من نصف الشعب البحريني المعروف بخلقه وطيبته وتسامحه، وكرست له روح العداء والكره والضغينة، نتيجة لما حدث له من فصل، وإقصاء، وتهميش...الخ

      ستراوي

اقرأ ايضاً