العدد 3392 - الثلثاء 20 ديسمبر 2011م الموافق 25 محرم 1433هـ

إرجاع المفصولين... أولى نقاط المصالحة الوطنية

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

إعلان الحكومة ممثلة بديوان الخدمة المدنية إرجاع جميع الموظفين الذين تم فصلهم بقرارات تأديبية على خلفية الأحداث الأخيرة اعتباراً من 1 يناير/ كانون الثاني 2011، يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، ستسهم بلا شك في دعم جهود المصالحة الوطنية، وهي إحدى التوصيات المهمة التي خرج بها تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.

وتكمن أهمية هذه الخطوة في تشجيع الشركات ومؤسسات القطاع الخاص على الاستجابة الفورية للتوجيهات الملكية وأوامر سمو رئيس الوزراء، إذ لم يعد بمقدور هذه الجهات الدفع بأية حجج أو التملص والتهرب من إرجاع المفصولين، فالأمر يمثل استحقاقاً طبيعياً لمئات الأسر البحرينية الكريمة التي عاشت ظروفاً مادية قاهرة طوال أكثر من 8 أشهر متواصلة، واجهت خلالها مواقف صعبة، ووقفت في كثير من الأحيان حائرة أمام متطلبات الحياة المتشعبة.

كما صادفت هذه الأسر العيدين والعودة إلى المدارس بصبر وجلد واقتصاد شديد في المؤونة والمعيشة لتجاوز الأيام بسلام بلا مزيد من الألم، فيما علامات الاستفهام لاتزال مرسومة على وجوه الأطفال الذين يترقبون تلبية احتياجاتهم من ملابس وقرطاسية لمتابعة الدراسة مع أقرانهم بلا حرج من نقص ولا خوف من حاجة.

العمل حق لكل مواطن يعيش على هذه الأرض الطيبة، والمادة 13 (أ) من دستور مملكة البحرين الصادر في العام 2002، تنصّ على أن «العمل واجبٌ على كل مواطن، تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، ولكل مواطن الحق في العمل وفق اختيار نوعه وفقاً للنظام العام والآداب»، فيما تنص الفقرة (ب) من المادة ذاتها على أن «تكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه».

وعليه، فمن واجب الدولة واللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات «تقصي الحقائق»، التحرك لدعم جهود اللجنة التي شكلها وزير العمل والمكونة من أطراف الإنتاج الثلاث (اتحاد النقابات، ووزارة العمل، وغرفة تجارة وصناعة البحرين)، إذ إن طيّ هذا الملف لن يكتمل إلا بعودة جميع المفصولين والموقوفين إلى أعمالهم بالكرامة التي يوجبها الدستور وكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تعهّدت البحرين بالالتزام بها.

شركة ممتلكات البحرين القابضة والشركات المنضوية ضمن محفظتها الاستثمارية، سبق أن أعلنت بتاريخ 25 يوليو/ تموز 2011، عن الإسراع في إعادة النظر في قرارات التسريح وإعادة المسرحين الذين فصلوا من أعمالهم بالتعاون مع وزارة العمل، وذلك امتثالاً لتوجيهات عاهل البلاد وقرار سمو رئيس الوزراء.

ولكن عملياً لم تمتثل الكثير من الشركات الحكومية لهذا التوجيه، وباتت كمن يغرد خارج السرب، وحين بادرت بعضها بإرجاع المفصولين ركنتهم في زاوية بلا عمل، ونقلت آخرين إلى أقسام أخرى، وغيّرت المسميات الوظيفية لعدد منهم، فيما طلبت من المتبقين دراسة خيارات الانتقال إلى مواقع أخرى داخل الشركة خلال مهلة محددة.

وهذا ما يجب التأكيد عليه والتمسك به، فإرجاع المفصولين يجب أن يكون إلى مواقعهم التي كانوا يشغلونها سابقاً، وأن لا يتم التعامل معهم كفائض عن الحاجة، ويتم تعويضهم عن الأشهر التي قضوها بلا مصدر دخل، حتى يتمكنوا من الوفاء بالالتزامات المادية المتكدسة فوق ظهورهم تجاه المصارف وإيجارات الشقق المؤجرة وغيرها.

الله جل وعلا كرّم الإنسان وفضّله على جميع خلقه، وجعله خليفةً في الأرض يعمرها ويستخرج خيراتها، فلا يجوز لأي مخلوق أن يمتهن كرامته أو يجعله عرضةً للازدراء والمهانة والمذلة، ومن هذا المنطلق يجب أن يعامل كل البشر مهما اختلف لونهم أو جنسهم أو مذهبهم أو انتماؤهم العرقي.

إننا مقبلون على مرحلة مفصلية من تاريخ البحرين، تتطلب توحيد المجتمع بكل طوائفه، ورص الصفوف وصيانة الوحدة الوطنية وحمايتها من الاختراق والتعدي، حفاظاً على التعايش والوئام والتجانس الذي عرف عنه شعب البحرين منذ القدم، وهو أمر غير طارئ أو وليد اللحظة بل هو إرث قديم يتناقله أبناء البحرين فيما بينهم جيلاً بعد جيل.

وهذه المرحلة بكل ما تحمله من ثقل كبير، تحتم علينا الانخراط في كل ما يساهم في دعم المصالحة الوطنية ورأب الصدع الطائفي، ولعل إرجاع المفصولين إلى أعمالهم أولى النقاط التي نخطُّ بها طريقنا نحو هذا الهدف النبيل

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3392 - الثلثاء 20 ديسمبر 2011م الموافق 25 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 2:41 م

      الصراحة

      مشكلة البحرين - التمييز في التوظيف و الاولوية في الاسكان و تفضيل عوائل على اخرى و لا احد يستمع لاراء المواطنين و عدم افساح المجال في المشاركات الديمقراطية و صعوبة وصول المواطن الى اصحاب القرارات العليا وغيرها و تعسر الحياة المعيشية الصعبة للمواطنيين و ناس عايشة في رفاهية وناس عايشين في ضيق مالي و تهميش وبدون رواتب افتحوا التوظيف في الوزارات بدون تمييز ووفروا بيوت اسكان للكل سواسية و اغلقوا ابواب الواسطات و بتكون بعضها حل مشلكة البحرين و كل من يتشدق بالطائفية فهو لا يريد الخير للبحرين وشعبها ااا

    • زائر 14 | 11:34 ص

      الى الاستاذ المحترم

      انني اعمل في البا رجل امن وعلى اساس طائفي تم نقلي وزملائي اكثر من 30 شخصا للعمل داخل المصنع في اعمال شاقة واحلال مكاننا اشخاص اخرون من الطائفة الاخرى اليس هذا انهاك لحقوق وكرامة الناس ارجو منك ان تتطرق الى هذا الموضوع وشكر

    • زائر 12 | 5:05 ص

      الوعود لا تتحقق

      لا تصفوني بالمتشائمة , فنحن في بلد الوعود لا تتحق فيها , نحن في دولة الأوامر لا تنفذ
      فكيف تريدون مننا أن نأمل هذه المرة بأرجاع المفصولين
      وما هذه الحركة الا ذر الرماد في العيون
      صمود يا شعب فلكم رب كريم

    • زائر 11 | 4:59 ص

      الى متى

      وللمره المليون نناشد ونناشد ولكن مادام الامر في يد المتشددين وليس المناشدين واصحاب المصالحه الوطنيه فلا فائده مرجوه فأين القرار السياسي الحازم والواضح في المواقف الحساسه التي تمر بها البلاد فهناك فرق مايبن من يهدم ومن يعمر ويقرب والله من وراء القصد

    • زائر 10 | 4:35 ص

      اول مايردونكم العمل بترفعون شعار غصبن عليكم.

    • زائر 9 | 2:40 ص

      متى بعد بنرجع ؟

      إرجاع المفصولين يجب أن يكون إلى مواقعهم التي كانوا يشغلونها سابقاً، وأن لا يتم التعامل معهم كفائض عن الحاجة

      الأولوية في العمل للموظفين القدامى وليس الموظفين المستجدين

    • زائر 8 | 1:31 ص

      اذا عرف الفاصل فمن المرجع

      اذا عرف من قام بفصل المفصولين في القطاعين العام والخاص فمن المعني بارجاعهم ولمن توجه الخطابات رغم التصريحات من مصادر عدة ترى هل هناك طرف خفي في الامر ؟؟؟

    • زائر 5 | 12:37 ص

      المصالحة الوطنية

      هل خصمك يعترف انه علي خطأ؟ و يعتذر. و يعوض عن الأضرار التي لحقت بالممواطنين حتي
      يكون هناك طريق للمصالحة

    • زائر 3 | 11:57 م

      بطئ سير عمل مشروع التأمين ضد التعطل ورجاء للوزير

      شكراً أستاذ أحمد على متابعتك لملف المفصولين.
      أتفق مع زائر 2 بشأن التأمين ضد التعطل وأشير الى أن آلية تمرير ملف العاطلين من وزارة العمل الى هيئة التأمينات بطيئة جداً.

      أنا شخصياً لي طلب في وزارة العمل منذ شهر أغسطس ولا يزال ملفي قابعاً في وزارة العمل. أعتقد بأن المشكلة هي ادارية في وزارة العمل حيث لا متابعة مباشرة من المسئولين المباشرين والمسئولين الأعلى حتى الوكيل لسير عمل مشروع التأمين ضد التعطل.

      لنا رجاء الى سعادة وزير العمل بالنظر في هذا الموضوع.

    • زائر 2 | 11:21 م

      --

      أنا أعمل في شركة وقد تم فصلنا مع مجموعة على الاساس الطائفي والخلفية السياسية.
      اثبتت وزارة العمل أننا مفصولون بشكل غير قانوني لكنه لم يصرف لنا بدل التعطل والذي كنا مشاركينا فيه بجزء من راتبنا وقد مر على فصلنا التعسفي من العمل أكثر من ثمانية أشهر بلا عمل وبلا صرف بدل التعطل.
      مع كثرة الوعود لا نزال من دون عمل ولم يسمح لنا بالعودة لحد الآن.

    • زائر 1 | 10:36 م

      أبو أحمد

      إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله

اقرأ ايضاً