العدد 3409 - الجمعة 06 يناير 2012م الموافق 12 صفر 1433هـ

في الموت حياة أخرى وغموض أو وضوح

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

الحياة عين لا ترى أمام نافذة تطل على مشهد.

الموت مشهد يحتوي العين والنافذة والحياة. وأحياناً الحياة نافذة فيما الموت هو المشهد المتحرك في الحياة.

هكذا أفهم تراتبية وثنائية الحديث الشريف: «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا».

ما يبدو تضادّاً وتناقضاً بين الموت والانتباهة هو ضمن حدود فهمنا، ضمن حدود الفيزياء التي نعيها. وهذه المرة أيضاً ضمن حدود الحياة التي نعيها ونرتبط من خلالها بتلك الفيزياء التي لم نهتك جل أسرارها وغموضها والمستعصي على الفك والكشف منها.

ذلك الاستعصاء يلجم ويحد من قدرتنا على استيعاب كيف أن الموت انتباهة، وهو بهذا المعنى حياة، فيما الحياة ضمن المفهوم الماورائي على النقيض من ذلك، إنها في أهون تعبير وأرقه: نوم وانفصال مؤقت يكاد يتاخم بمعنى من معانيه الموت.

لكأن المجيء والذهاب في عرصات الحياة ضرب من منام نحن أطراف في دقائقه وتفاصيله... ذهابنا اليومي إلى النوم هو نوم داخل النوم...سخطنا ... غضبنا ... قائمة مما تحقق وأخرى مما لم يتحقق بعد ونحن في أثر تحققه. عناؤنا هو من صميم النوم وفيه.

عود إلى العين التي لا ترى أمام نافذة تطل على مشهد كما ورد في بداية هذه الكتابة يكشف عن الحجْب.الحجب الذي لا يتمثل إلا بالنوم / الموت، فيما الانتباهة في سياق الفيزياء وقد هَتكت أسرارُها وغموضها والمستعصي على الفك والكشف حياةً نظل نعرفها في حدود نومنا الأرضي موتاً.

***

لكأن الانتباهة حياة ...

الانتباهة في بعدها المدرك لما حولها...

المدرك لما بعد ذلك الحَوْل...

لكأن الحياة نوم في تناقض ماثل: تناقض الحركة والغموض.

***

الشهداء أموات أحياء ... أحياء بانتباهتهم الدائمة ووجودهم الخالد؛ فلا يموت شهيد ارتفع بذكره الى السماء ولا يسقط شهيد تقلد أعلى مناصب الجنان التي تحيله طيفاً واسماً حاضراً ما حضرت الحياة .

الشهداء انتباه للعمل والفعل قبل أن يكونوا انتباهاً للذكرى والمحبة .

هم الوحيدون الذين لا ينتظرون الموت لينتبهوا!

***

ليس كل موت هو خوف أو قلق. في الموت أمل آخر لمن أحسن لدنياه بعمله.

وليس كل كتابة عن الموت مشروع ترهيب أو وعظ ديني .الشعراء تغنوا به كما حلم به الأتقياء، والعشاق بعد رحيل من يعشقون انتظروه كما انتظره الشهداء الذين يحلمون بلقاء رب رحيم.

في الموت حياة أخرى وغموض آخر أو وضوح.

***

على «مستطيل» يُحْمَل الواحد منا حين ينتبه في موته...

إلى « مستطيل»يساق ويوارى...

شاهد القبر «مستطيل «.

في الحيز ذاك ثمة عمق في الانتباهة.

العين التي لا ترى أمام النافذة، باتت ترى بموت صاحبها.

لا نافذة في المكان، لكن كل المشاهد حاضرة تترى في ذلك الحيز.

مستطيل / حيز / بيت / من دون نافذة.

كيف هو تعاطي تلك الانتباهة في ذلك البيت؟

على أحدنا أن يموت لينتبه

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3409 - الجمعة 06 يناير 2012م الموافق 12 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:24 م

      جيفري

      يمكن تعليقي جاء متأخر لكن المقال من قرأته من الصبح وللحين في بالي ومافارقني دقيقة

      واقول لو كل من فكر نفس تفكيرك كان من جفنا الناس تظلم
      جان ماجفنا الناس تسرق وتهتك وغيرهم من الاشياء
      ما يدون أن العمر يمضي كأنه حلم

      يابني آدم وحواء فكر في الموت لو دقيقة كل يوم بجوف روحك تتغيير بدون ما تحس

      الموت حق بس انته شقدمت للموت ...

    • زائر 1 | 3:59 ص

      من اقوال أمير المؤمنين (ع)

      الناس نيام فإذا ماتوا أنتبهوا من أقوال أمير المؤمنين (ع) وليس من الأحادث النبوية الشريفة ومعناه ( إن أغلب الناس غافلون عما يفيدهم بعد موتهم، ثم بعد الموت يعرفون فيصيبهم الندم عاى مافاتهم.



      بو عبد الله - العكر

اقرأ ايضاً