العدد 3431 - السبت 28 يناير 2012م الموافق 05 ربيع الاول 1433هـ

رأس النعامة!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عندما تواجه النعامة خطراً يواجهها، فإنّها تقوم بدفن رأسها في التراب، ظنّاً منها بأنّ الخطر سوف يتلاشى، ولن تُمس بأي سوء، ونحن اليوم في البحرين ندفن رؤوسنا في التراب، حتى لا نقول بأنّ لدينا مأساةً حقيقية وواقعاً مريراً مؤلماً نعيشه في بلادنا.

فكل يوم مواجهات وأحداث جسام وقتلى وجرحى واستنشاق للغازات السامة وتكسير للمحلاّت ومولوتوف على الشوارع العامة، وكأنّك لست في البحرين، بل في فلسطين. وآخرون يعيشون في رفاهية وعالم وردي، وأبراج عاجية بعيدة كل البعد عما يحدث من واقع عنيف في نفق مظلم.

وإلى اليوم الرؤية غير واضحة للجميع من مختلف الأطياف والألوان، والجميع يغنّي على «ليلاه»، والبحرين تغرق شيئاً فشيئاً، والشعب البريء الذي لا دخل له في سياسة ولا اقتصاد هو الذي يعاني الأمرّين، فما الحل يا تُرى؟

مازلت أتذكّر حديث الأستاذ جمال شحاته، الأستاذ الزائر في نهاية التسعينيات بجامعة البحرين، إذ كان حديثه شيّقاً عن السادات بعد حرب أكتوبر 1973 في التنمية المستدامة للأرياف ومختلف القرى المصرية، حيث أشار إلى توجّه السادات في الاستعانة بأساتذة الجامعات من مختلف التخصّصات وأهمها تخصّص «علم الاجتماع»، وكوّن جيشاً للقيام بدراسات ميدانية تَقيس المستوى الاجتماعي على الأصعدة كافة، وعلى ضوء ذلك انتشر الاجتماعيون في مختلف المناطق، وقاموا بدراسات علمية متخصّصة استعان بها السادات في مجال التنمية الحضرية.

والمغزى هنا هو أهمّية هذه الدراسات في القضاء على ما يحدث لنا الآن في البحرين، ولا نتكلّم عن دراسات الورق، فالجميع يستطيع تجميع الورق، والجميع يضع اسمه واسم من طبعه واسم من أرسله وقد يكون اسم من نظف الغبار عن هذه الدراسة! إننا نريد دراسة تختفي فيها الذاتية ويحل محلّها الصدق في حب الوطن، حتى نظهر بنتائج نستطيع من خلالها فك رموز الأزمة، فلقد أرهقتنا ومرّضتنا، ونريد فعلاً واقعياً لا كلاماً يوضع على الرفوف!

وكاختصاصية اجتماعية فإنّني أحلل المواقف، فموقف كموقف زيارة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لمختلف مناطق البحرين، إبان ميثاق العمل الوطني، فانّ أهل البحرين استقبلوه ووضعوه على الرأس، ولم يكن رياءً أو كذباً ذلك الحب، بل كان نابعاً من تحقيق الحلول الحقيقية الصحيحة التي خدمت الموقف في تلك الأيّام.

ولكنّنا نتساءل إن كانت هناك دراسة قاست سبب توجّه الشعب إلى القائد، وسبب ذلك الحب و«الشيل على الراس»، ومخطئ من ظنّ بأن الحب يُباع ويُشترى، بل هو مشاعر متداخلة لا تعرف للكذب أي باب.

فلو كانت هناك دراسة اجتماعية حقيقية متكاملة عن أسباب رفع سيارة جلالة الملك فقط، ولو قدّمت تلك الدراسة لجلالته عن أسبابها وعن آلية استمراريتها، لما وصل حالنا إلى هذا الحال، بل لكانت مسيرة الإصلاح أنموذجاً يُقتدى به على مستوى العالم.

ولا يسعنا عندما نتكلّم عن التنمية المستدامة وخصوصاً التعايش بين أطياف المجتمع، أن نتكلّم عن الأنموذج الغربي، فأوّل أساس لهم كان إطلاق جيش من الاجتماعيين والانثروبولوجيين لدراسة مجتمعاتهم، وكان لهم دور نفّاذ قوي لدخول دول أوروبا الشرقية ضمن الاتحاد الأوروبي، على رغم أنّ شعوبها كانت تنضوي تحت «الاشتراكية» لعشرات السنين. فالدراسات قرّبت هذه الشعوب إلى دول أوروبا الغربية «الرأسمالية»، علماً بأنّ هذه الشعوب لا تتمازج تحت هوية أو لغة أو دين أو مذهب

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3431 - السبت 28 يناير 2012م الموافق 05 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 4:02 ص

      ذاكرتنا قوية كالفولاذ

      الاحداث الجسام التى حدثت ومازالت لن تزول من الذاكرة أبداً ستوثق ولو بعد ألف جيل من الان ، فلا ينسى مصارع الكرام الا اللئام ومابقي الا صبابة في القدر وقد اندلقت في 14 فبراير ولم يتبقى منها شيء الا حنين للماضى فقد ولد فجرأ جديداً للبحرين قد ينبلج منه النور او الدمار الشامل . أقول الآمال البسيطة مازالت معقودة لحصول هدنة مؤقته قد تعقبها صحوة ، قد تطول تقصر لكن ان ينسى الشعب من ذاكرته ما حصل أجزم كلمة لا كالفولاذ . والحروب الاهلية في الامم السابقة عبرة لنا .

    • زائر 14 | 3:08 ص

      سوأل لكي شخصيا اختي العزيزة

      هل تسمعون بما يحدث في سترة والقرى الأخرى ؟ وهل تسمعون بمن يقتل من التعذين أو الدهس ؟ وهل أهل مناطقكم يسمعون ؟ واذا سمعوا ماهي ردود الأفعال ؟ أعلم جيدا أنكي تختلفين عن غيرك فأنت مثال للوطنية يا مريم ولكن أسئلتي للآخرين الذي تعلمينهم أكثر مني .

    • زائر 9 | 1:40 ص

      الحسد وما ادراكما الحسد

      رباه ماذا اصاب البحرين الحبيبه ؟؟
      هل اصابتها عين الحسد .. كل دول الخليج وغير الخليج كانت تحسد البحرين وتتمنى يصير عندها الا عند شعب البحرين شعب متحاب شعب طيب شعب حنون وووووو يالله احفظ البحرين واهل البحرين من كل سوء (اللهم اكشف هذه الغمه عن هذه الامه بحضوره وعجل لنا في ظهوره انهم يرونه بعيدا ونحن نراه قريبا برحمتك يا ارحم الراحمين )




      9

    • زائر 7 | 12:47 ص

      يدانه الحد صباح الخير

      يبنيتي وماترفع النعامه راسها من التراب الا بعد فوات الاوان الا وان الخطر التى دست راسها خوفا منه تمكن منها وخلص الموضوع الاف الاجانب ومئات الشركات تحزم امتعتها راحلين الى دول الجوار وكل يوم نتاخر في اخذ قرار حقيقي لحل الازمه نحتاج سنه لا اصلاح ذلك اليوم

    • زائر 1 | 10:59 م

      نعم لا يوم كيوم سترة الخير يوم زيارة الملك لها

      كان يوما عبرت فيه أهالي سترة الخير بقراها العشر عن حبها للبحرين وقيادتها . نسي أهلها كل مأساة و كل مصيبة ، فحفوا بسيارة الملك وحملوها وفرح بالحفاوة و الإكرام من كل من حضر المجلس العامر لعائلة الشيخ منصور الستر رحمه الله ، ناهيك عن الكلمة التي ألقاها الشيخ الدكتور الستري التى كانت مضرب المثل على لسان كل أهالي البحرين ، وكم هي فرحة الأهالي بما جادت به يد جلالة الملك من عفو عن بعض أبنائها ، وبناء المدرسة الثانوية للبنات ، والمجمع التجاري وغيره . فما حالها اليوم ؟ حفظ الله البحرين من كل سوء .

اقرأ ايضاً