العدد 1398 - الثلثاء 04 يوليو 2006م الموافق 07 جمادى الآخرة 1427هـ

الروتين الزوجي وأزمة منصف العمر...

منصورة عبد الأمير mansoora.amir [at] alwasatnews.com

ما الذي يجلب السعادة للحياة الزوجية، أهو الحب بين طرفيها، أم النجاح في تنشئة أبناء صالحين وناجحين في حياتهم، أم أنه التمكن من عيش حياة مستقرة وهادئة. ثم لماذا يقال دائماً إن الروتين هو ما يقتل الحياة الزوجية، وما هو الروتين أصلاً، أهو الاعتياد على الأمور، وهي هنا شريك الحياة، أو امرأة، والأسرة والأبناء ومشكلاتهم و... «وجع رأسهم»، ثم دخرجلاًول دوامة الملل والسأم منهم، أم إنه اللا تجديد الذي يؤدي إلى موت شباب وزهوة العلاقة، أي علاقة أسرية، زوجية أو أبوية.

السعادة الزوجية، والروتين الذي يقتلها، وابتكار طرق لمحاربة هذا العدو الذي يتربص بكل تفاصيلها، هي أهم المحاور التي بنى عليها المخرج بيتر تشيلسوم الفيلم الذي قدمه العام ecnaD ew llah وتعرضه شبكة «شوتايم» على قناة الأفلام مساء كل ثلثاء من الشهر الجاري. تشيلسوم بالمناسبة كان قد قدم فيلما حقق نجاحا مشابها في العام هو الفيلم الرومانسي الكوميدي الرائع ytipidnereS الذي حصل على استحسان المشاهدين حال عرضه وحقق أرباحا لا بأس بها.

في فيلمه الجديد يستعرض تشيلسوم أحد سبل القضاء على الروتين الزوجي عبر قصة المحامي جون كلارك (ريتشادر غير) الذي يعلم تماما أنه يعيش حياة كاملة تقريباً، فهو يحب زوجته الجميلة (تقوم بدورها الرائعة سوزان ساراندون)، كما إنه تمكن من أن ينجح في عمله وأن ينشئ ابنين رائعين وناجحين في حياتهما.

على رغم كل ذلك يعاني كلارك من الروتين ومن الحياة التي لا إثارة فيها والتي يعيشها بين مكتب المحاماة الذي يعمل فيه لساعات طويلة، وبين منزله الذي يقضي فيه ما تبقى من ساعات اليوم. هذا العمل الذي يأخذه من كل شيء ويمنعه حتى من التفكير في نفسه وفي أسرته، يكاد يقضي على كل حيوية بداخله، كما يجعله غير قادر على أن يجيب على سؤال زوجته، في أحد مشاهد الفيلم، عما إذا كان كل شيء بخير، فيرد عليها بكل ثقة مؤكدا ان كل شيء على ما يرام، بينما تنبئ تعابير وجهه بأمر آخر. منذ البداية يشعر المتفرج أن هناك ما هو مفقود في حياة كلارك، ليس الحب طبعاً ولا النجاح ولا أي شيء آخر، بل السعادة والتوقد والحماس.

تتغير الأحوال، وتنقلب حياة كلارك رأسا على عقب، حين يقرر فجأة الالتحاق بإحدى مدارس الرقص. يفعل حينها ما لم يكن متوقعاً من شخص مثله، وما لم يخطر على بال أي أحد، لا لشيء إلا لأنه أراد الاطلاع على السر الذي يتسبب في تعاسة فتاة تطل من شباك المدرسة يوميا.

فضول كلارك هو ما يأخذه إذاً، فهناك ما يثيره في عزلة هذه الفتاة ووحدتها واستغراقها الشديد والدائم في التفكير، ومن الواضح أيضاً أن هناك ما يشده إلى... جسدها الممشوق. هكذا يجد نفسه فجأة في داخل مدرسة تعلم الرقص، واقفاً عند مكتب التسجيل، بل ومطلوب منه الاستعداد لبدء أول دروسه خلال دقائق.

هل هو مهتم بالرقص حقا؟ طبعاً لا... هل يحمل اهتمام وانجذاب لتلك المرأة، باولينا، التي تلعب دورها جنيفر لوبيز، ويدفعه فضول لمعرفة ما يسبب كآبتها؟ نعم... لكن السؤال هل تبادله هي الاهتمام؟ كلا وقد ردت عليه صراحة حين قالت في أحد المشاهد، رداً على دعوة منه للعشاء، «لا أحب أن أصادق الطلبة».

بداية يبقي كلارك الأمر سراً عن أي أحد، ربما لرغبته الأولى في مغازلة باولينا والتقرب إليها، خصوصاً أنها تشكل عامل الإبهار الأول لكثيرين ممن ينضمون لدروس الرقص تلك، وهذا ما أكدته زميلتها في المدرسة بوبي (ليزا آن والتر) حين يمتنع كلارك عن الاجابة عن سؤالها بشأن ما دفعه للالتحاق بفصول الرقص. فتفاجئه مباشرة بمعرفتها للسبب الذي يدفع كثيرين مثله للالتحاق بالمدرسة فقط من أجل عيون الأميرة وهي تقصد هنا باولينا.

تزيد حدة انبهار كلارك بباولينا ويشتد انجذابه اليها حين تقوم هي نفسها بتعليمه الرقص، وحين تشاركه رقصة تانغو تطلق فيها العنان لنفسها ولمشاعرها وأحاسيسها المرهفة، وهي التي تنكرها عادة في حياتها ومع الجميع.

مهما يكن من أمر، فإن العلاقة التي تربطهما لا تبدو كأنها تشكل أهمية كبرى للمتفرج، المهم هو الناتج الذي يخرج به كلارك، والآثار التي تعود على حياته من وراء دروس الرقص تلك، وخصوصاً أن المخرج يسعدنا حين يغير مجرى الأحداث، ويفعل ما هو غير متوقع من كثير من الأفلام التقليدية، فلا نجد أنفسنا فجأة وسط علاقة عاطفية سرية غامرة بين رجل يمر بأزمة منتصف العمر يقتله الروتين فيقرر اللجوء لحضن فتاة تحتاج لمن يضمد جروحها بعد أن هجرها الحبيب وبعد أن فقدت مجدها وهي التي كانت بطلة رقص عالمية.

هكذا وعند نقطة ما، لا تبدو لعلاقة البطلين أي أهمية فباولينا غير مهتمة بكلارك، وحب كلارك لزوجته أقوى من أي طوفان آخر سواء أكان طوفان باولينا أم طوفان الروتين.

ما يحدث هو أنه على رغم كل انبهار كلارك بباولينا، فإنه يجد نفسه بعد فترة وقد دخل عالماً جديداً، عالم من الحركة، والموسيقى، والرفقة الطيبة، والعواطف الجياشة. عالماً يخلق منه شخصا مختلفا، خفيف الحركة، متقد الحماسة، كما تتغير حياته عموماً، والأهم من ذلك كله، فإن عالمه الجديد يشكل حياته الزوجية من جديد، ويعيد الحرارة والحماس والتوقد للجانب العاطفي الذاوي فيها

إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"

العدد 1398 - الثلثاء 04 يوليو 2006م الموافق 07 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً