العدد 1433 - الثلثاء 08 أغسطس 2006م الموافق 13 رجب 1427هـ

ماذا سيفعل العرب للبنان؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يوجز محمد حسنين هيكل في كتابه عن حرب أكتوبر، وقائع الحرب التي استمرت 22 يوماً، في مرحلتين: 11 يوماً كانت الكفة فيها للعرب، و11 يوماً لـ «إسرائيل»، بعد أن استخدم أرييل شارون الدبابات بصورةٍ واسعةٍ على الجبهة المصرية في سيناء.

أثناء احتدام المعارك، اختار وزير الخارجية الأميركي آنذاك هنري كيسنجر أن يذهب في إجازةٍ لقضاء شهر العسل، على أن يعود إلى المنطقة وقد نضجت «الطبخة». عندما عاد، أدهشته حرارة الاستقبال في العواصم العربية، بالأحضان والقبلات، حتى قال كلمته المشهورة: «لقد خشيت على عذريتي من كثرة التقبيل»! مع انه كان معروفاً بأنه «زير نساء»، إذ كان يغازل حتى طالباته أثناء تدريسه بالجامعة.

خلال مفاوضات فك الاشتباك، كان كيسنجر يطلب من المصريين والسوريين ألاّ يتكلموا معه عن التاريخ أو العدل أو الحقوق المشروعة، وإنما عن الوقائع المادية على الأرض، والبحث عن «حلول وسط» وليس عن «حقوق»، حتى لو كانت هذه الحقوق أراض محتلة في حجم سيناء. وهكذا وجد العرب أنفسهم أمام «زير تنازلات»! وهكذا سارت «مباحثات السلام»، على إيقاع سياسة «الخطوة خطوة»، وتُوّجت بزيارة السادات للقدس وتوقيع كامب ديفيد، التي خرج من رحمها مشروع غزو لبنان 1982.

هذا البلد، الذي وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى عاصمته وحاصرتها، حتى أجلت الفلسطينيين، نهض من تحت الركام والدمار والخرائب، وسطر ملحمة التحرير العربية الكبرى بطرد الجيش الإسرائيلي، بعد اثنين وعشرين عاماً من الاحتلال. وهو ما لم ينسه الإسرائيليون، فعادوا اليوم للأخذ بالثأر. فالحرب الأخيرة أكبر من تحرير جنديين أسيرين، بل ان يهود أولمرت نفسه نصح أهلهما بعدم الانتظار لأنهما لن يعودا قريباً.

اليوم أصبح من المعروف للجميع أن ما كسبه الجيش العربي في الميدان في حرب أكتوبر، أضاعه السياسيون على طاولة المفاوضات. ولأن العرب لا يقرأون، ولا يتعلّمون من تجاربهم، فنحن على موعد آخر مع تكرار الأخطاء، فلن تفيد دموع فؤاد السنيورة ولا مناظر الأشلاء واستهداف النساء وقتل الأطفال، في تحريك جثة السياسة العربية الهامدة التي لم تعد تشعر بالهوان.

اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت قبل يومين، قرر إرسال وزيري خارجية بلدين خليجيين صغيرين بمعيّة عمرو موسى، لإدخال تغييرات على مشروع القرار الأميركي الفرنسي تتوافق مع خطة السنيورة. الاجتماع انتهى ولكن مسلسل الأسئلة لم ينته بعد؛ ألم يكن الاجتماع متأخراً جداً جداً؟ ألم يكن من الواجب أن يتحرّكوا في اليوم الثاني أو الثالث من العدوان؟ ألم يكن من المفترض أن «يقاوموا» أوامر كوندوليزا رايس بعدم عقد اجتماع القمة العربية التي دعا إليها اليمن؟

والآن... بعد أن قرّروا تبنّي النقاط السبع، هل سيستطيع المندوبون الثلاثة أن يواجهوا الأميركيين والفرنسيين لإقناعهم بإدخال التغييرات المقترحة؟ وهل من الصحيح أنهم خرجوا من بيروت متفقين على رأي واحد، ولكنهم اختلفوا في الجو؟ يقال - والعهدة على الراوي - انه في الطريق إلى نيويورك، تلقى أحدهم مكالمةً هاتفيةً من وزيرة الخارجية الإسرائيلية لمدة ساعتين، ماذا قالت له وماذا قال لها؟ هل كان حديثاً عاطفياً لا يحسن بنا معرفته؟ أم انه أمنياتٌ، أو أوامرُ وإملاءات؟ أم ان ما لم تحققه «إسرائيل» في الميدان سيحقّقه العرب على طاولة «التنازلات»... لأن جرعة الانتصار لم يعد يتحملها الجسم العربي المنهار؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1433 - الثلثاء 08 أغسطس 2006م الموافق 13 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً