العدد 3485 - الخميس 22 مارس 2012م الموافق 29 ربيع الثاني 1433هـ

المناهضون للتمييز العنصري

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

احتفل العالم الأربعاء الماضي (21 مارس/ آذار) باليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري.

البداية كانت عام 1960، حين أطلقت شرطة جنوب افريقيا العنصرية الرصاص على مظاهرة سلمية ضد «قوانين المرور» فقتلت 69 شخصاً. كان لهؤلاء القتلى عوائل وزوجات وأطفال وأصدقاء، مُلئت قلوبهم هماً وحزناً وغضباً جامحاً على الاستهانة بدماء الأبرياء.

في الذكرى السادسة للمجزرة، تبنت الأمم المتحدة فكرة اليوم العالمي لمناهضة العنصرية، ودعت الجمعية العامة المجتمع الدولي إلى مضاعفة جهوده للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. يومها لم يكن الناس يتابعون أخبار العالم إلا عبر أجهزة الراديو المصنوعة من صناديق خشبية كبيرة. مع ذلك فإن بشاعة المجزرة فرضت نفسها على ضمير العالم، وساهمت مع غيرها من مجازر وعمليات قتل، في تحريك الضمائر، وخصوصاً في العالم الحر الذي كانت أغلب حكوماته تدعم نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.

كان نظام «الابارتهايد» الذي يميّز بين الناس تبعاً للون بشرتهم، يعيش أزمةً أخلاقيةً خانقةً، فحتى الكتّاب العنصريون كانوا يدركون في قرارة أنفسهم أنهم يتعاطون لعبةً قذرة، ويقفون في الجانب الخاطئ من التاريخ. ولم يحتج الأمر لأكثر من ثلاثة عقود، حتى يكتشف عتاة السياسة العنصرية في جنوب افريقيا أنهم وصلوا إلى طريق مسدود. وكانت لحظة تاريخية فاصلة حين توصّل فريدريك ديكليرك إلى قناعةٍ بضرورة وضع حدٍّ لهذه المهزلة، فقبل بالجلوس مع نيلسون مانديلا، الذي مضى على سجنه ربع قرن، للخروج من المأزق الذي يلف حياة الجميع بالسواد: الأفارقة السود، والأوروبيين البيض، والملوّنين.

اليوم تجاوز العالم أنظمة الفصل العنصري في أغلب أنحاء المعمورة، وتم إعلان «الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري»، كسياجٍ حامٍ للشعوب والقوميات، وقّعت عليها أغلب الدول. لكن الوحش الرابض في داخل البشر، ظلّ يمارس هوايته باضطهاد الآخرين وتجويعهم وقتلهم على الهوية، إن لم يكن بسبب لون جلودهم، فبسبب انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو القبلية. و «مازالت العنصرية تسبب المعاناة لملايين البشر عبر العالم، فهي تترعرع في أحضان الجهل والتحيّز»، كما قال بان كي مون.

يحتفل العالم باليوم العالمي لمناهضة العنصرية، ومازال هناك الكثير من الجماعات والمجتمعات تعاني من الظلم والاستئثار والإقصاء والتمييز العنصري في القرن الحادي والعشرين. وفيما برؤت بعض المجتمعات من دائها فنهضت، تتورّط مجتمعاتٌ أخرى في بث الكراهية والأحقاد بين أبنائها. وفي كثير من الأحيان يتولى ذلك كتّابٌ يفترض فيهم حمل أمانة الكلمة، ورجال دين يفترض أن يبشّروا بقيم التسامح والمحبة، بدل أن ينشروا اللعنات والشتائم على المنابر، دون خوفٍ من الله، ولا حياءٍ من الناس، ولا خشيةٍ من التاريخ.

نعم... لقد نصّت المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن «الناس جميعاً يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق»، لكن مازال هناك من لم يستوعب أن للناس كرامةً ورأياً وحرية.

يختلف الإنسان عن الحيوان، في أنه لم يكن يجري دائماً وراء الطعام فقط، بل كثيراً ما كان يجري ليحقّق الكرامة ويتحرّر من العبودية والقيود، وآخر البراهين الربيع العربي.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3485 - الخميس 22 مارس 2012م الموافق 29 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 4:25 م

      الأخ قاسم حسين

      الربيع العربي تخلص من بعض الطغاه و أبدله بطغاه من نوع آخر اشر و أكثر ظلم و اضطهاد فى تونس , مصر , ليبيا , اليمن و الآتي سوريا .

    • زائر 20 | 8:00 ص

      العقل العربي

      ان من نتعايش معهم في الحياة يصدمونك بأفعالهم وأقوالهم ويقلبون الصفحة عليك فترى نفسك بعد انقلاب الصورة لديهم انك الخائن للوطن والطائفي والعنصري والحاقد وترى الغريب الآتي من البعيد فد اصبح هو من يحب الوطن ويدافع عنه ويحمي من قلب الصوره مع ان الساكن الجديد لم يعش بيننا الا سنين قليله فهل تصدقون انه يحب وطني وجاري اكثر مني

    • زائر 17 | 6:02 ص

      لن تلغي العبودية الكرامة

      المطالب بالكرامة ليس كمن يصر على العبودية

    • زائر 15 | 4:42 ص

      النغزه ليش ياجاره !

      العننصريه موجوده عندنا منذ عشرات السنين وليس قبل عام فقط ! وانما زادت حدتها بمرور العام .........

    • زائر 14 | 4:17 ص

      ** كلكم لآدم وآدم من تراب

      لو فكر الانسان قليلا في منشئه وكيفية نهايته . ولو رجع إلى كتاب اااه قليلا . لما تجرا على ظلم أخيه . وتهميشه . وإهانته . وخلق الفوارق بينه وبين بني البشر . إن أكرمكم عند ااااه أتقالكم . (( ولم يقل إن أكرمكم الابيض او الغني ، أو من عائلة فلان وقبيلته .
      ااااه ااااه ااااه في نفسك (( يوم لا يعذب عذابه أحد ))


      م / الـــــــــــــــــبـــــــــــــــلادي

    • زائر 11 | 2:33 ص

      ولكن لابد من الانعتاق من العبودية وكسر القيود وقريبا جدا

      ولخص الشاعر التونسي ابو القاس الشابي ذلك في قصيدته :
      إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
      ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ
      ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ
      فــويل لمــن لــم تَشُــقهُ الحيـا ة مــن صفْعــة العــدَم المنتصـرْ
      كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ

    • زائر 10 | 2:22 ص

      دول التمييز أدركت أن لا مناص من الخروج منه ودولتنا الحمد لله

      الدول التي كانت تمارس التمييز العنصري كلها خرجت منه وتحاول القضاء على الرواسب الباقية ليقينها انه لا تصلح تلك البلاد الا بالخروج منه بعد سنين من التجربة وكلمة لا يصح الا الصحيح هي واقعية 100% فأي شيء يبنى على باطل فلن يستمر.
      وأما في دولتنا الحبيبة فتبني هذه السياسة لا زال مستمرا رغم معرفة البعض ان العالم قضى شوطا كبيرا في الخلاص من هذه السياسة العقيمة.
      ونقول لهؤلاء تداركوا الامور الآن بدل من الاحراج لاحقا
      فإن حتمية التغير لا بد قادمة ولا بد من حصولها

    • زائر 9 | 1:58 ص

      الحمد لله شفنا ورأينا وعشنا ونعيش التمييز والعنصرية كل يوم

      ونقول إن العنصرية هي التي تختلج في صدور الناس هنا في البحرين وهي التي تجعل من الناس يتحركون غير مبالين نقولها بصراحة ولا مجال للمجاملة فالبلد يسير الى طريق خطير والبعض يصب الزيت على النار يمارس العنصرية غير عابيء بمستقبل البلد ولا اهله.
      نعم من يريد الخير لهذا البلد فطريق الخروج من الازمة معروف وأما تكريس الواقع على انه امر لا مناص ولا خروج منه للافضل فهذا منطق لا يتقبله احد فلسنا فقد ولّى زمن العنصريا المقيتة والشعوب لن تعود للوراء
      هذه حتمية الخالق في خلقه

    • زائر 8 | 1:41 ص

      التمييز العنصري هو الطامة الكبرى

      صح لسانك موضوع في الصميم فكل مايحصل في بلدنا الحبيب هو بسبب التمييز العنصري ولو عولج هذا الملف فسوف تنتهى كثير من المشاكل تلقائياً وتحل جميع الملفات .

    • زائر 7 | 1:30 ص

      ان من الحيوان من يجري وراء حريته

      وانا صغير حبست عصفور و حاولت اقناعه بالاكل ولكن فشلت كل محاولاتي ففضل العصفور الموت على سلب حريته تلك اثرت في شديد التأثير فعلمت ان العصفور اكرم من كثير من البشر

    • زائر 4 | 12:52 ص

      جمعة مبارك ان شإ الله

      سيدي الكريم لايحتاج الانسان الكريم والحر وصاحب مبدأ شريف في هذه الحياة لا لكرامة تحفظ إنسانيته وان يتساوى مع ابنإ جلدته ، لا عل

    • زائر 3 | 12:45 ص

      سيدنا صباح الحريه

      الناس جميعاً يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق»، لكن مازال هناك من لم يستوعب أن للناس كرامةًياسيد من تأصلت في نفسه سمات وصفات العبيد لا يمكن ان يستوعب ان للناس كرامه ويستسيغ طعم الحريه هو يعيش في حلقه العبوديه المقفله لا يمكن ان يخرج عن شور لمعزب حتى في اختيار مسلك حياته في اختيار شريكة حياته الذي ربما قضى ليالي يحلم بها ولكن مايرضى لمعزب ومايقدر يطلع عن شوره خاطره يسرح شعره على طريقه توم كروز او جون ترفلتا بس مايرضى لمعزب انها العبوديه يحس من داخله انه حياته مقرونه بالتبعيه.ديهي حر

    • زائر 2 | 12:34 ص

      الكاتب الكبير الاخ العزيز قاسم

      شكرا لكم شكرا لكم ,,,,,,نتمنى من الله ان يهديهم الى الحق وان الحكومات تزول وتبقى الشعوب التاريخ يسجل في الحق والباطل واكبر دليل على ذلك ان الحق دائما منتصر

اقرأ ايضاً