العدد 3487 - السبت 24 مارس 2012م الموافق 02 جمادى الأولى 1433هـ

إيرادات جابر

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

جابر يعتمد بشكل أساسي في مدخوله على بيع الحطب، وهي مهنة ورثها عن أبيه، إذ يذهب للغابة ويجمع طناً من الأخشاب في اليوم الواحد ويبيعه بثمن بخس لا يتعدى دينارين. جاءت سنة شديدة البرودة ما زاد الطلب على الخشب للتدفئة، وبالتالي ارتفعت الأسعار، وأصبح جابر يبيع طن الأخشاب بسعر 50 ديناراً بدلاً من دينارين، فازداد ثراءً.

بينما كان جابر يفتخر بأنه قام بتنمية مدخول أسرته من دينارين إلى 100 دينار في اليوم الواحد، نصحته زوجته أن يستغل وفرة الأموال في مجالات اقتصادية أخرى، بمعنى أن ينوع مدخوله.

وبانتهاء موجة البرد التي استمرت 3 شهور، تراجع الطلب على الأخشاب، وهبطت الأسعار بشكل حاد إلى دينارين للطن، وبذلك عاد جابر ليعيش حياة الفقر السابقة، وندم علىعدم استغلال الفرصة في تنويع مدخوله.

بعد 5 سنوات، جاءت موجة برد قارس جداً، فأصبح الخشب سلعة رئيسية بالنسبة للناس لتوليد الحرارة والتدفئة، وارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية، وانتعش جابر وارتفع رصيده النقدي وأصبح غنياً، وقال لزوجته: «نجحت في زيادة المدخول من دينارين إلى 200 دينار في اليوم الواحد». فنصحته زوجته أن يستغل وفرة النقود في تنويع مدخوله. وقرر أن ينفذ نصيحة زوجته لكن لم يتخذ خطوات جادة، وبعد أن انتهت موجة البرد، هبطت إلى دينار واحد. فأصبح جابر في أزمة خانقة.

بعد 10 سنوات، جاءت موجة برد قارس ليس لها مثيل، ما أدى إلى ارتفاع أسعار طن الخشب إلى 300 دينار، فانتعش جابر انتعاشاً بتضاعف مدخوله.

وكرر جابر مقولته لزوجته: «نجحت في زيادة المدخول من دينار إلى 300 دينار في اليوم». فكررت زوجته نصيحتها بأن ينوع مدخوله، ويستثمر الأموال في مشاريع متنوعة.

لكن جابر لم يتخذ خطوات جادة، وبانتهاء موجة البرد، هبطت الأسعار إلى 500 فلس للطن، واستمرت لسنوات طويلة، وعندما جاءت موجة برد قارس، لم ترتفع أسعار الخشب، لأن العلماء اخترعوا أجهزة لتوليد الحرارة، فانكسر ظهر جابر، وندم ندماً شديداً، وعاش طول عمره فقيراً، يتلقى المساعدات من الآخرين، بل إنه حمّل أبناءه ديوناً ضخمة كدّرت حياتهم.

يقال إن «جابر تصنعه الأحداث»، عندما ترتفع الأسعار يصبح غنياً، وعندما تهبط يصبح فقيراً.

كثير من الناس مثل جابر، تأتيهم الفرص ولكنهم لا يقتنصونها، لتحقيق نجاح مستمر وحياة سعيدة دائمة.

كل إنسان تمر عليه في حياته فرص كمر السحاب، لكن القليل منهم من يقتنص هذه الفرص. والكثيرون يدركون الحقيقة بعد فوات الأوان.

وعلى الإنسان لكي يحقق النجاح، أن يصنع الأحداث، ويعتبر الإنجازات التزاماً يلبيه، ويرى في العمل أملاً، وينظر للمستقبل ويتطلع لما هو ممكن، وألا يكون مثل جابر تصنعه الأحداث ويرى في الإنجاز وعداً يعطيه، ولا يتعظ من دروس الحياة.

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 3487 - السبت 24 مارس 2012م الموافق 02 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:43 ص

      جابر مثل حكومة البحرين

      جابر مثل حكومة البحرين
      والحطب مثل النفط،
      وكل مرة يرتفع أسعار النفط، ما تسوي الحكةمة حلول لتنويع مدخولها.
      وديونها بلغت 3 مليارات دينار، وهذه الديون سيدفعها الجيل المقبل.

    • زائر 1 | 5:11 ص

      ارجو الاجابة ..

      هل صورة الرجل البحريني الاصيل و المسن الموجودة صورته اليوم في الصفحة الاخيرة من جريدة الوسط تصنعه الاحداث ام هو يصنع الاحداث ؟ ارجو الاجابة يا استاذ عباس على هذا التساؤل

اقرأ ايضاً