العدد 1470 - الخميس 14 سبتمبر 2006م الموافق 20 شعبان 1427هـ

أرقام هندية 1/2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

خمسة آلاف سنة من الحضارات القديمة، 325 لغة محكية و1.652 لهجة، 18 لغة رسمية، 29 ولاية، وخمس حدود اتحادية. 3.29 ملايين كلم مربع. 1.3 بليون نسمة. 5600 صحيفة يومية، 15000 مجلة أسبوعية، 20000 دورية في 21 لغة وتوزيع إجمالي يصل إلى 142 مليون نسخة. ناتج إجمالي يقدر بنحو 576 مليار دولار ونمو سنوي يبلغ 8 في المئة. حكومة تنتخب من البرلمان. أكبر ديمقراطي في العالم. رابع أكبر اقتصاد عالمي. اعتراف دولي بتفوق ملحوظ في صناعة تقنيات المعلومات، والتقنية الحيوية إلى جانب الصناعة الفضائية. أكبر أمة ناطقة باللغة الإنجليزية في العالم. ثالث أكبر جيش على أهبة الاستعداد في العالم. ثاني أكبر مخزون عالمي من العلماء والمهندسين. هذه نظرة خاطفة وسريعة على الاقتصاد الهندي. لكن لو اقتربنا أكثر قليلا فسنكتشف، أن شركة هيرو هوندا التي تنتج 1.7 دراجة نارية في العام الواحد أصبحت اليوم أكبر مصنع للدراجات النارية في العالم. كما تمتلك الهند ثاني أكبر مصنع لصناعة المركبات الثقيلة (tractor) في العالم.

ويبلغ إجمالي حجم صناعة الأدوية الصينية 6.5 مليارات دولار، وبنمو سنوي يتراوح بين 8 -10 في المئة، وهو رابع أكبر صناعة أدوية في العالم، ومن المتوقع أن يصل حجمه إلى 12 مليار دولار في العام 2008. كما ستبلغ صادرات الهند من الأدوية ما يربو على مليارين من الدولارات. وهناك ما يربو على 170 شركة لصناعة الأدوية في الهند، يتوقع لها أن تشهد نموا سريعا خلال العقد المقبل.

وعلى صعيد العلاقة مع الشركات العملاقة المتعددة الجنسية تقول الأرقام إن: هناك 18.000 موظف هندي يعملون في شركة جنرال إلكتريك (General Electric). و11.000 في هاولت أند باكرد (Hewlett-Packard)، و6.000 في آي بي إم (IBM)، و4،000 في أميركان إكسبريس (American Express)، و3.800 في شركة دل (Dell).

وعلى مستوى الاستثمار في الهند، فقد بلغ ما أعلنت شركة ميكروسوفت العملاقة لإنتاج برامج الكمبيوتر إنها ستستثمر مبلغا قدره 400 مليون دولار من أجل توسيع فعالياتها ودعم التطور التقني في الهند. وجاء إعلان مايكروسوفت عن قرارها هذا في وقت يواصل فيه رئيسها بيل غيتس جولة في الهند في العام 2002. كما ستستثمر الشركة مبلغا قدره مليون دولار في شركة ميديا لاب آسيا وهو مركز هندي حكومي متخصص بالأبحاث التقنية، كما ستستثمر 20 مليون دولار في شركة شيكشا المتخصصة بالتعليم عبر الإنترنت.

وقال غيتس حينها: إن الاستثمارات الجديدة التي ستمتد لثلاث سنوات ستشمل توسيع مركز تطوير البرامج التابع لميكروسوفت في الهند والارتقاء بالمعرفة الكمبيوترية في الهند من خلال تأسيس العديد من المشروعات ذات الأغراض التثقيفية والتدريبية.

وأكد غيتس أن ذلك »يتيح ذلك للحكومة الهندية القيام بدور فريد في خلق اقتصاد وثّاب أساسه العلم ويشجع الابتكار«.

يذكر أن شركة ميكروسوفت، أسوة بغيرها من شركات إنتاج البرامج الكمبيوترية، تعتمد بشكل متزايد على الهند بوصفها من المنابع الغنية للقدرات والمواهب البرامجية زهيدة الثمن.

ولعل ذلك ما جعل غيتس يقول: »بعد الصينيين، فإن الهنود هم أذكى شعوب العالم«.

وفي النصف الأول من هذا العام نقلت وسائل إعلامية من نيودلهي عن بنك الاحتياط الهندي توقعه بان ينمو اقتصاد البلاد بنسبة تتراوح ما بين 7.5 و8 في المئة خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي مع نهاية مارس/ آذار المقبل بفضل الانتعاش القوى في الانتاج الزراعي والصناعي.

وكشف المصرف الذي أبقى على أسعار الفائدة الرئيسية بدون تغيير في تقريره السنوي بشأن سياساته المالية ان الاقتصاد الهندي شهد نموا بلغ 8.1 في المئة خلال العام المالي المنتهي في 31 مارس/ آذار الماضي بزيادة عن 7.5 في المئة في العام السابق، لافتاً إلى أن النمو المستمر في الصناعة والخدمات كان له أثره الإيجابي على الاقتصاد الهندي.

وأضاف التقرير انه سيتم احتواء التضخم خلال العام المالي الجاري ليتراوح ما بين خمسة و5.5 في المئة وان النجاح في احتواء التضخم عزز من احتمالات النمو الاقتصادي القوى في بيئة تتسم بالاستقرار والثقة.

وترجح التحليلات كافة إلى أن الهند ستصبح واحدة ضمن أكبر خمسة اقتصادات في العالم خلال النصف الأول من القرن الحالي وستتجاوز اليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا خلال الخمسة والعشرين أو الخمسين عاماً المقبلة.

كان ذلك على الصعيد الاقتصادي المحض، أما على الصعيد العسكري والنووي والتحالفات الدولية، فيقدم لنا أشلي جيه. تيليس، خبير الدفاع والأسلحة النووية البارز، في تقرير حديث له خطة عمل مفصلة لبرنامج الهند النووي. ويورد تيليس وهو عضو بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي التي تضم مجموعة من كبار المفكرين المستقلين. وبعيون مفتوحة ينظر تيليس إلى الهند، من دون أي نوع من التعالي، وبشجاعة يطالب الجانب الأميركي بإجراء تغييرات جذرية. ويخرج هذا التقرير الذي كتبه تحت عنوان »الهند كقوة عالمية جديدة: خطة عمل للولايات المتحدة« عن قالب الموقف السياسي المعتاد والمألوف والذي أدى إلى عدم وضوح أفكار الرئيس جورج بوش إزاء الهند خلال فترة ولايته الأولى.

ويقتبس تيليس عن تقرير لوكالة المخابرات الأميركية حول ترتيب الدول وفقاً لقوتها استناداً إلى مجموعة من العوامل هي: إجمالي الدخل القومي، حجم الإنفاق على الدفاع، وحجم النمو السكانى والتكنولوجي. ووفقاً لهذا التقرير سوف تصبح الهند رابع أكبر »مركز قوة« بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين بحلول عام .2015 كما يصف تقرير وكالة المخابرات الأميركية الهند بأنها أهم »دولة متأرجحة« في النظام الدولي دولة تستطيع أن توازن بين الحرب والسلام، بين الفوضى والنظام. أما مجلس المخابرات القومي، وهو عبارة عن مجلس استشارى لوكالة المخابرات الأميركية ويضم مجموعة من الخبراء الاستراتيجيين، فقد قارن بين صعود الهند والصين وبين صعود ألمانيا خلال القرن التاسع عشر والولايات المتحدة خلال القرن العشرين وذلك في التقرير الذى أصدره بعنوان: »تحديد مستقبل العالم«.

وأشار التقرير إلى إن الخطوات اللاحقة التي كثر الإعلان عنها في عملية الشراكة الاستراتيجية كانت عبارة عن إنجازات من غير المؤكد أن تتحقق. فالفترة الرئاسية الثانية للرئيس بوش قد تمكنه من أحداث تغيير حقيقي من خلال تغيير مشاعر الأميركيين تجاه الهنود. ولا يجب أن يكون الأمر عملية شاقة حيث يكون على نيودلهي أن تقوم بصورة متكررة بإثبات جدارتها للفوز بأي شيء. فمثل هذا الاتجاه »غير استراتيجي« على الإطلاق. وهو يخلق موقفاً خطراً حيث ينتهي المطاف بالولايات المتحدة بدعم قوة الصين من خلال عدم الموافقة على منح الهند التكنولوجيا التي تحتاج إليها.

وبدلا من ذلك فإنه على بوش أن يساعد في عملية نمو القوة الوطنية للهند من خلال دعم اقتصاد الهند وقدراتها الدفاعية بدلا من تكبيلها. ولابد عليه ان يقوم بإلغاء المواطنة من الدرجة الثانية ويدعم محاولات الهند في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن وتزويد الهند بالتكنولوجيا النووية وتقديم شراكة دفاعية وتبادل المعلومات السياسية والعلمية والتكنولوجية لكي يؤكد أن نيودلهي شريكاً حقيقياً. ويجب عليه أن ينهي »المعيار الوهمي للحافظ على توازن عسكري بين الهند وباكستان بالنظر إلى الفروق في قدرات كلتا الدولتين«.

ويشير تقرير كارنيجي إلى أنه لابد أن يكون هناك إشراف على مستوى عال، إذا أردنا للحوارات الثلاثة (في المجال الاستراتيجي ومجال الطاقة ومجال الاقتصاد) أن تحقق ما هو اكثر من مجرد الخطابة البليغة المفعمة بالصخب والانفعال الذي لا طائل من ورائه. إن القادة المشاركون في عملية الحوار يجب أن يجدوا سبيلا لمعاملة الهند كاستثناء عن القواعد الحالية، ولا سيما فيما يتعلق بالأمور النووية. ويقول تيليس إنه يجب أن تقوم الولايات المتحدة إلى حد ما بمكافأة الهند على هذا الالتزام (بخصوص منع انتشار الأسلحة النووية) وليس مجرد الإطراء.

إما في مجال الطاقة بين البلدين، لابد وأن يركز على حاجة الهند المتزايدة للبترول والغاز الطبيعي والطاقة النووية. وكبادرة طيبة، يتعين على الولايات المتحدة أن تؤيد عضوية الهند في الوكالة الدولية للطاقة التي تضم مجموعة من الدول الصناعية والتي تتعامل مع مسألة إمدادات البترول. وينبغي على الولايات المتحدة أن تتراجع عن معارضتها لمشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي بين الهند وإيران، ولا سيما وأن الولايات المتحدة لم تمانع قيام الدول الأعضاء في مجموعة الثماني بإرساء مشروعات واستثمارات في مجال الطاقة في إيران. ولعل الموافقة على هذا المشروع سيكون بمثابة حافز لإيران لنسيان طموحاتها الخاصة بامتلاك السلاح النووي، ويساعد في الوقت ذاته على إحلال السلام بين الهند وباكستان. وعلاوة على ذلك، فإن التعاون في المجال النووي مع الهند لن يكون سهلا في ظل القيود الأميركية والدولية الكثيرة على الهند بسبب عدم قيامها بالتوقيع على اتفاق حظر انتشار الأسلحة النووية.

هذه الأرقام المبهرة لا تعني أن الهند لاتعاني من مشكلات تحاول التخلّص منها. ما هي تلك... وماهي سياسات الهند لوضع حد لها.... وما هي صورة الهند في العشرين سنة المقبلة؟ هذا ما ستتناوله في الحلقة الثانية من هذه المقالة

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1470 - الخميس 14 سبتمبر 2006م الموافق 20 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً