العدد 3501 - السبت 07 أبريل 2012م الموافق 16 جمادى الأولى 1433هـ

جرائم عجز مأمورو الضبط القضائي عن اكتشاف مرتكبيها

علي محسن الورقاء comments [at] alwasatnews.com

محامٍ بحريني

كثيراً ما نقرأ في بعض التقارير الصادرة من جهات أمنية، دولية كانت أو محلية، تفيد بوجود جرائم عجز الأمن العام، أو مأمورو الضبط القضائي، عن اكتشاف مرتكبيها، وهي جرائم يعبر عنها عادة «بالجرائم مجهولة الفاعل».

ومن المقرر في شأن الجرائم مجهولة الفاعل، ألا يجوز تبرير «عدم معرفة الفاعل» إلاّ إذا توافر أحد أمرين على الأكثر؛ هما: قيام مأموري الضبط القضائي بالتحري الجاد والمُعمَّق عن طريق البحث الجنائي المقترن بالضبط والتنقيب والتحقيق والاستدلال العلمي دون أن تسفر التحريات إلى نتيجة أو عندما لا يكون هناك أي أثر يذكر للجريمة وللجاني معاً.

فبالنسبة للأمر الأول: «التحري» أو «التحريات» فإنها تعني مجموعة الإجراءات التي تقوم بها الضبطية القضائية لتمكينها من جمع الاستدلالات عن الجريمة محل التحري التي هي بالطبع في غير حالة التلبس أو بمعنى آخر: هي جمع المعلومات التي تمكن الباحث من تحديد كشف الحقائق الجوهرية المتصلة بالجريمة للوصول إلى معرفة الجاني.

ومن المقرر قانوناً أن التحريات المشار إليها هي التزام جوهري أناطه المُشرِّع بأمور الضبط القضائي في سبيل البحث عما وقع من جرائم، بما فيها البحث عن الجرائم المستترة، وغايتها (أولاً) ضبط أدلة الجريمة والحفاظ على معالمها، (وثانياً) جمع ما يلزم من ادلة وقرائن وإمارات للوصول إلى الجاني.

أما بالنسبة للأمر الثاني: وهو «انتفاء آثار الجريمة وآثار الجاني» كسبب مسوِّغ لتبرير عدم اكتشاف مرتكب الجريمة، فهذا السبب لا يمكن الاستناد إليه إلاّ إذا انتفى أثر الجريمة كلية، أو عندما لا تكون هناك آثار تدل على الجاني.

أما إذا تبين أن آثار الجريمة لاتزال موجودة وأن هناك خيوطاً بارزة ترشد إلى الجاني، أو عندما تكون الجريمة مستمرة أو متكررة، فليس من المنطق أو المقبول أن يُعلن مأمور الضبط القضائي عن عدم توصله إلى معرفة الجاني، وإلاّ قد يعتبر ذلك ضعفاً في خبرته ومقدرته العلمية والفنية، إن لم يُحمل ذلك على أنه قصورٌ في أداء الواجب، سواءً كان هذا القصور عن عمد أو عن تكاسل.

ومثال ذلك تكرار سرقة وتخريب «برادات جواد» بأسلوب واحد وأمام الكاميرات، وغيرها من الجرائم ذات النمط المماثل، لا يعقل والحال ذلك أن يُقبل من مأموري الضبط القضائي اعتذارهم عن عدم توصِّلهم إلى معرفة الجناة وغلق ملفات هذه الجرائم على رغم استمرارها أو تكرارها بالأسلوب ذاته وبالوسائل المستخدمة نفسها! ولكن قد نلتمس عذراً لمأموري الضبط القضائي إذا ما أخفقوا في معرفة الجناة في مثل تلك الجرائم السابقة لسبب أو لآخر، فقد يكون ذلك مثلاً بسبب وجود عـُـقد غامضة تحيط بالجريمة تحتاج إلى المزيد من الوقت لفكها ومعرفة الجناة، أو بسبب ضعف الأجهزة المتاحة، أو بسبب قلة الخبرة العلمية لديهم، وإنْ كنا نشك في السبب الأخير لما تبين لنا أن قدرة مأموري الضبط القضائي قد بلغت حداً تجعلهم قادرين على التحقق من شخص صبي يحمل زجاجةً وسط جمع غفير من الصبية.

إنما من غير المعقول أبداً أن نعذر مأموري الضبط القضائي عند عدم معرفتهم الجاني في الحالة التي تكون فيها الجريمة علنية ومعروفة المصدر والفاعل.

وعندما نتحدث عن هذه الجرائم «العلنية المعروفة المصدر والفاعل» كان لزاماً علينا أن نكون أكثر شفافية، وأن نضع النقاط على الحروف ونسمي الأسماء بمسمياتها حتى نكون أكثر وضوحاً وصدقاً وإبلاغاً.

فمثلاً عندما نسمع خطيباً في مسجداً يبدأ الخطبة وينهيها بشكل دائم ومستمر بشتم وسب طائفة معينة بأقذر الالفاظ وتسفيه عقيدتها ومبادئها والتحريض عليها، فضلاً عن تهديدها، فلا يجوز في مثل هذه الحالة أن نلتمس عذراً لمأموري الضبط القضائي إن ادعوا عدم معرفتهم بالجاني، ثم لا يجوز التذرع بعدم إبلاغ الشرطة بهذه الجريمة من قبل الطائفة المجني عليها. وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: إن مصدر الجريمة ثابت والجاني معروف بشخصه لدى الداني والقاصي، وهو دائماً ما يرفع صوته عالياً ويتجاهر بقوله افتخاراً فيكون بذلك غنياً عن البحث والتحري.

ثانياً: إن هذه الجريمة من الجرائم القائمة في حالة تلبس التي تُلزم مأمور الضبط القضائي بالقبض على الجاني، أو وقف نشاطه على الأقل، دون الحصول على إذن من النيابة العامة.

ثالثاُ: إن هذه الجريمة ليست من الجرائم التي يلزم فيها القانون رفع الدعوى بشأنها بناء على شكوى من المجني عليه، فضلاً عن أن الشكوى بشأنها ليست من قبيل التبليغات التي يدعي فيها مقدمها بحقوق مدنية حتى يلزم تقديمها من قبل صاحب الحق المدني.

رابعاً: ان هذه الجريمة تجتمع فيها جملة من الجرائم والآثام ؛ فهي: (أولاً) من الجرائم الماسة بعقائد ملة مُعاقب عليها جنائياً بصريح نص المادة رقم (309) من قانون العقوبات التي تنص على أن من يتعدى بإحدى طرق العلانية على إحدى الملل المعترف بها، أو يحقر من شعائرها، يعاقب بعقوبة تصل إلى الحبس مدة سنة واحدة.

وهي (ثانياً) من الجرائم التي تحمل في طياتها الدعوة إلى العنف والتحريض ضد جماعة معينة بذاتها. وهي (ثالثاً) من الجرائم التي تثير الفتنة وتؤجج الصراع الطائفي في المجتمع الواحد، وهي (رابعاً) جريمة تقوم على التضليل والضلالة والافتراء، وهي (خامساً) جريمة أخرجت الصلاة والمُصلى عن غايتهما.

إذاً، وبناء على ما تقدم، ألا يحق لنا أن نسأل: هل حقاً عجز مأمورو الضبط القضائي عن اكتشاف مرتكبي تلك الجرائم السابق ذكرها أم ان هذه الأفعال لم تعد مصنفة على أنها جرائم يعاقب عليها القانون أم أن وراء ذلك سبب آخر لا نعرفه؟

إقرأ أيضا لـ "علي محسن الورقاء"

العدد 3501 - السبت 07 أبريل 2012م الموافق 16 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:08 ص

      استاذ على معذورين

      استاذي اطلع المغربيه فوف سطح البيت وبتعذرهم وبتصدق كلامهم مايدرون مايدرون استاذ لمعان في سماء الديره غريب انا اتوقع صحون طائره تنزل منها مخلوقات ما فيه بشر يقدر يحدد هويتهم طلقات رصاصهم غير رصاص الداخليه شوزنهم غير شوزن الداخليه وحتى الاصفاد البلستيك اللي يقيدون ايادي العالم بها غير اصفاد الداخليه ليل نهار المسؤليين يصرحون ربعهم سنع واخلاق عاليه وزوارنا من الفضاء يعتدون على الاطفال اتصور دليل واضح ان من كوكب اخر لانخوه عرب ولاشيمه رجال يسحبون الحرمه من شعرها لا لا غرباء ما فيه احد يعرفهم؟ديهي حر

اقرأ ايضاً