العدد 3508 - السبت 14 أبريل 2012م الموافق 23 جمادى الأولى 1433هـ

أكبر ماكنة إعلامية!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حين أطلق ثلاثةٌ من الشبان الأميركيين موقع التدوين القصير «تويتر» قبل سنوات، لم يكن يخطر ببالهم أنه سيتحوّل إلى أكبر منتدى حوار سياسي في منطقة الشرق الأوسط.

لم يكن هؤلاء (جاك دورسي، إيفان ويليامز، بيز ستون) من ضمن موظفي البيت الأبيض، ولا ضمن طاقم وزيرة الخارجية السابقة (كونداليزا) التي أرادت استيلاد «الشرق الأوسط الجديد»، ولا اللاحقة (هيلاري) التي عملت جاهدةً لاحتواء «الربيع العربي». وحتى حين أطلقوا «تويتر» في مارس/ آذار 2006، كان أحدهم يرى أنه مجرد مضيعة للوقت، وحين انتقد أحد المستخدمين ذلك أجاب: «نعم! إنه غير مفيد، لكنه مثل الآيسكريم تشعر بالسعادة عند تناوله»! وما هي إلا سنوات حتى أصبح مشروعهم ثالث شبكة تواصل اجتماعي في العالم، وحين بدأ باراك أوباما حملته الانتخابية اعتمده كأحد وسائل تواصله مع الجمهور.

الشبان الثلاثة من مواليد النصف الأول من السبعنيات، التي شهدت أكبر فضيحةٍ سياسيةٍ في بلادهم (ووترغيت)، حيث أطاحت الصحافة بالرئيس نيكسون بسبب التجسس على الحزب المنافس أثناء حملة الانتخابات. وبلاشك لم يكن يخطر ببالهم أن ملايين الشباب العرب سيستخدمونه بعد بضع سنواتٍ لمناقشة أوضاع بلدانهم السياسية والاجتماعية الخانقة.

المدوّن المصري جمال عيد، الذي عرّف عن نفسه على الطريقة المصرية: «حقوقي مستبد، يساري رأسمالي، عسكري ديمقراطي»، ويتابعه 85 ألفاً، كتب قبل أيام: «أعتقد وعلى مسئوليتي أنه بالنسبة للعالم العربي، تويتر يتكلّم بحريني وليس عربي، فإندونيسيا الثالثة في العالم، والبحرين الأولى عربياً في تويتر». وهي إشارةٌ ذكيةٌ للواقع الجديد الذي مازال يجهله عددٌ من القائمين والعاملين في الإعلام التقليدي.

موقع «تويتر» ماكنةٌ إعلاميةٌ ضخمةٌ، تحرّك أكبر عملية حوار عام مفتوح في الشأن السياسي في البحرين، وبسقف حريةٍ أعلى بكثير من كلّ ما تتيحه قنوات التواصل التقليدية الأخرى مجتمعةً. وفي الوقت الذي تراجع منسوب الحرية خلال العامين الأخيرين، وضُيّق على هامش حرية التعبير في الصحافة إلى مستوى التسعنيات، فإن التقنية الحديثة أصبحت تقدّم بدائل أسرع وأكثر انفتاحاً واتساعاً.

في هذا الفضاء ليس هناك محرماتٌ إلا ما يمليه الضمير عند أصحاب المبادئ والقيم، ولا شخصيّات مقدسة أو فوق النقد. وحين اعتبر بعض الوزراء التواجد في هذا الفضاء ميزةً تجلب له الشهرة، سرعان ما تحوّل إلى عامل ضغطٍ وإحراج، لما يتعرّض له من نقدٍ وردودٍ صريحةٍ ومحرجةٍ لكل ما يتفوّه به أمام جماهير «تويتر». فالشخصية العامة لا تتوقّع أن تجد أمامها مصفّقين في هذا الفضاء، وعليها أن تنزع الهالة الضخمة التي تحيط بها نفسها بمجرد دخول العتبات الأولى لعالم «تويتر». فالوزير ذات مصونةٌ في وسائل الإعلام الكلاسيكية، أما في «تويتر» فهو شخصٌ من الجمهور.

جاء «تويتر» في لحظة تاريخية حاسمة، بعدما اختنقت الشعوب بفعل التضييق الشديد على الحريات، والاستهانة التامة بالكرامات، وشرعنة قوانين النشر وتقييد حرية التجمعات، في ظلّ برلمانات صورية مشلولة الإرادة لا تمثل الشعوب... وانتشار الفساد لدرجاتٍ غير مسبوقةٍ، جعلت البلدان العربية تتنافس على المراكز الأولى في تقارير الفساد في العالم.

لقد ضاقت ولما استحكمت حلقاتها، جاءت التقنية الحديثة لتلقي للشعوب المخنوقة بأطواق النجاة، تويتر وفيسبوك وبقية الأخوات... للتعبير عن خلجاتها وإطلاق الصراخ من شدة الألم.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3508 - السبت 14 أبريل 2012م الموافق 23 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 4:59 م

      بكل صراحة

      تويتر فيس بوك وبقية الاخوة من مواقع الاجتماعية
      هم متنفس الحرية وطلاقة السان
      فلا قيود تمنعك وديمقراطية القرار في من تسمع من لا تسمع من تصدق من لا تصدق لست مجبراً
      انت حر

    • زائر 21 | 1:35 م

      bahraini

      Al sallam Alikum ,,I just want say thank you sayed Qassim Ya Beladi Ya Shareef

    • زائر 20 | 7:39 ص

      الاولى أيضا

      لا تنسى أنها الأولى أيضافى عدم مشاهدة تلفزيونها الرسمى

    • زائر 19 | 7:23 ص

      الاعلام الجديد الشائع الان هو

      الاعلام الجديد هو على قاعدة ( تلفون العملة ) من فئة 100 فلس فقط

    • زائر 18 | 6:56 ص

      اشهر ماكينه اعلامية

      الله هداك ياسيد قاسم ؟؟؟؟؟؟

      مو جنك نسيت قناة العائلة العربية ...

    • زائر 16 | 3:05 ص

      الغريب أن شباب يبتكر ويكتشف ودول لها معاول تخرب وتهدم

      هناك فرق بين البناء والهدم ، البناء يبقى ويثبت في الارض ويستفيد منه الناس والهدم يذهب مع الزبد جفاء لكن بعض الناس لا يفرق بين ذلك فيجهد نفسة ويدفع بالملاييين وتكون في النهاية حسرة وندم لانه استخدمها في مضرة البشرية ؟!
      هل يعي ذلك لكن بعد فوات الاوان فالبعض بقدم ملايين لشراء بكسفيس على قولت القدافي والبعض بملايين الشعوب بيشتري التويتر حسبلهم هذه تنباع وتشترى مثل بائعي الضمير والاحساس والوجدان ؟؟

    • زائر 15 | 2:25 ص

      مكاتب اعلامية واعلاميين مستأجرين

      مكاتب اعلامية واعلاميين مستأجرين مدفوع لهم ثمن مشاركتهم في كل ندوة أواتصال

      هذه سياسة الاعلام الرسمي الجديدة التي تأخذ بها

      الدول متحدثون بالنيابة وبأجر مدفوع في الداخل والخارج لماذا ؟؟

      حتى لايؤخذ على الدولة موقف ما

    • زائر 12 | 1:37 ص

      شكرا للكاتب السيد قاسم حسين

      انا يوميا اقراء كتاباتك وانت كاتب راقي بدرجه الاولى ونغزاتكم اليوميه لا يستطيعون كتاب الصحف الصفراء الرد عليها الا بالكذب

    • زائر 11 | 1:11 ص

      الربيع العربي

      الشهادة لله ان الفيس بوك والتويتر ساعدا الربيع العربي ونتمنى ان نرى نتائج الربيع

    • زائر 9 | 1:05 ص

      سطرين هدية لوزارة الإعلام البحرينية

      كما عودتنا يا سيدنا الجليل بمقالاتك وقلمك الرائع، كل الشكر والتقدير لك ياسيد قاسم. \r\nالعبارة المذكورة في المقال \" البحرين الأولى عربياً في تويتر». وهي إشارةٌ ذكيةٌ للواقع الجديد الذي مازال يجهله عددٌ من القائمين والعاملين في الإعلام التقليدي.\" هي مفخرة لكل بحريني مخلص يعلم مستوى وعي هذا الشعب . ومن حبي وإخلاصي لهذا الوطن الغالي علينا أهدي العبارة المذكورة أعلاه في سطرين لوزارة إعلامنا الرسمية لتعلم أين موقعها من التغريد .

    • زائر 8 | 12:32 ص

      انا تعبان

      المتنفس الوحيد الشكر الي الكاتب

    • زائر 7 | 12:25 ص

      وهذا هو الزمن والعالم الجديد

      سيدنا لايمكن ان تخفي اي شيء بعد اليوم جريمه استباحه محلات جواد شاهدها على التويتر واليوتيوب قرابه 100الف حول العالم في اول يوم وربما بلغ اليوم عدد مشاهدينها الى قرابه المليون في اقل من اسبوع مافيه مجال ان يخفي اي كان مايجري في تشيلي عن متتبع في نيوزلندا بفعل تتطور الاتصالات اصبح العالم حقيقتا قريه صغيره وابشرك سيدنا ان شعب البحرين الاول عربيا ان لم يكن عالميا في الخوض في بحر التويتر المتلاطم فهنيئا للبحرين هذا الشعب الواعي والسباق في مجالات التقدم...ديهي حر

    • زائر 6 | 12:16 ص

      مؤلم مايجري في وطني

      لا أعتقد هناك بلد تمرمط من التويتر مثل البحرين
      الله كريم ياخوك

    • زائر 5 | 11:50 م

      الحقيقة

      شكرا للكاتب للجهود الجبارة
      هذه الحقيقية التي يجب يستوعبها المجتمع الدولي و المحلي
      إن تويتر ماكينة إعلامية ضخمة
      شكرا لطرح المتميز

    • زائر 4 | 10:55 م

      هل تعلم ان هناك بدائل

      هل تعلم أن مناك بدائل للاعلام الرسمي وهو ما يسمى بالمتحدثين نيابة عنه مدفوع لهم الاجر يسارعون بالرد كلما استدعى الامر ويستلمون على كل اتصال ومشاركة الشئ المعلوم تحت اسم مكاتب اعلامية أو يعرف ب تلفون عملة أو ب on call

    • زائر 3 | 10:44 م

      هــنــيـتئــا للـــشـعــوووووب

      **
      هنيئا لكل شعوب العالم المخنوقة هذه الماكمة الاعلامية الضخمة (( كل وسائل الاتصال الحديثة )) ـــ فليس هناك شيء أفضل وأسمى من الحرية التي هي الان مطوقة بمجموعة من القوانين الحديدية .
      في وسائل الاتصال الحديثة محد على راسه ريشه .

    • زائر 2 | 10:15 م

      احسنت

      اخي العزيز اتعرف لو لا التويتر والفيس بوك نحن في الغربة كلما ضاقت بنا فسيح الفضا صرخنا في الفيس بوك والتويتر ونرتاح نفسيا ؟ كما يقول علماء النفس في داخلي طفل يجب ان يدلل وفي داخلي مستشار يجب ان يستشار ؟ ويجب ان ترصخ بأعلى صوت كي تخرج الشحنات السلبية من داخلك؟ ايضا لدى الغرباء واللاجئين والمكتومين والمقهورين انشاء حساب في الفيس بوك والتويتر واصرخ مناعماقك كي ترتاح من ظلم الحكام وبعض ممن يسمون برجال الدين واصرخ اصرخ كي تعري ظلمهم وكي ترتاح لا تصاب بجلطة انه التويتر والفيس بوك اطباء نفسيون

    • زائر 1 | 9:54 م

      المشكلة

      ليست المشكلة فى مستعمل التويتر. بل المشكلة فى الذى لا يعرف التويتر و لم يعترف بوجوده و تأثيره.

اقرأ ايضاً