العدد 3516 - الأحد 22 أبريل 2012م الموافق 01 جمادى الآخرة 1433هـ

بحثاً عن تسوية سياسية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الطرح القائل بوجوب تحقيق «تسوية سياسية» للأزمة المستمرة يتخذ من تجارب ماثلة أمامنا في بلدان عدة. ففي إقليم «شمال ايرلندا» كان هناك صراع مستمر اتخذ لوناً طائفيّاً على مدى سنوات طويلة، وتعمق الخلاف السياسي بحيث كان، مثلاً، طفل كاثوليكي يفتح عينيه على الحياة وهو يتمنى أن يلحق بالحركات المعارضة التي يتخذ بعضها العنف طريقاً لتحقيق الأهداف، بينما يفتح عينيه طفل آخر ينتمي إلى المذهب البروتستانتي وهو يفكر في المركز السياسي أو الاقتصادي الذي سيحصل عليه. في الأخير كان لا بد من «تسوية سياسية» تحققت من خلال «اتفاق الجمعة العظيمة» الذي أحدث تطوراً سياسيّاً كبيراً في 1998 لأنه كان اتفاقاً متعدد الأطراف من قبل معظم الأحزاب السياسية في إيرلندا الشمالية، وكان في الوقت ذاته اتفاقاً دوليّاً بين الحكومتين البريطانية والإيرلندية، ووضع الاتفاق سلسلة معقدة من القواعد المتعلقة بمستقبل الإقليم ونظام الحكم في إيرلندا الشمالية، والعلاقة بين إيرلندا الشمالية والمؤسسات في كل من جمهورية إيرلندا والمملكة المتحدة، وحقوق الإنسان، ومبدأ الاحترام المتبادل بين مكونات المجتمع، ونزع السلاح ومكافحة العنف عبر قوى أمن ومؤسسات يشترك في إداراتها جميع أبناء الإقليم، وتحوّل أعداء الأمس إلى زملاء في إدارة الإقليم.

هناك تسويات عدة أخرى في مختلف أنحاء العالم... «اتفاق الطائف» في 1989 لتحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية جرى بين أعضاء البرلمان اللبناني القديم (1972) من الباقين على قيد الحياة، وشمل الاتفاق إصلاحاً سياسيّاً، وإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية، عبر نقل بعض من السلطة من الطائفة المسيحية المارونية إلى الطوائف الأخرى.

«التسوية السياسية» مخرج للأزمات المزمنة، وهي مخرج يتم الاتفاق عليه بين النخب والأطراف السياسية والحقوقية، وتقوم هذه الجماعات بإقناع أنصارها بالموافقة على التسوية. فالتسوية السياسية في نهاية الأمر لن تكون عادلة بالكامل، ولن تكون ديمقراطية بصورة تامة، وإنما هي وسيلة لإخراج الوضع المتأزم من حالته المزمنة إلى حالة أخرى يمكن من خلالها أن يتعافى المجتمع ويتعافى الاقتصاد وتهدأ التوترات السياسية. والتسويات السياسية الناجحة تتطلب اعتراف الأطراف باختلاف وجهات نظرهم، وتتطلب التنازل إلى بعضهم بعضاً، وتتطلب التوصل إلى تفاهم يخرج استخدام العنف من قبل المعارضين، ويخرج استخدام القوة من قبل الماسكين بزمام الأمور، من طريقة التعامل مع الوضع.

التسوية السياسية تستهدف وضع حد للصراع الذي يبدو أزليّاً، كما تستهدف تحويل طريقة إدارة الشئون العامة من النمط الاستبدادي إلى أنماط أخرى أكثر تعددية وأكثر ديمقراطية. والتسوية السياسية الناجحة تصل إلى تفاهمات معمقة بين النخب والأطراف الفاعلة على الساحة، وهذه التفاهمات تُبنى على شعور قوي يولد قناعة بأن عدم المرونة في التعامل مع الوضع، والاستمرار في حالة الإنكار، واتهام الآخر بكل أصناف الاتهامات، والتنكيل به سعياً إلى سحقه، سيؤدي إلى خسارة وإنهاك الجميع، لأنه لن يتمكن هذا الطرف أو ذاك من القضاء التام على مخالفيه.

إن علينا أن نستكشف الطرق التي ربما توصلنا إلى تسوية سياسية تحفظ نسيجنا المجتمعي المتنوع، وتعزز احترام الدولة، على أساس إدماج مختلف المكونات في هيكليات السلطة، على أن يكون كل ذلك ضمن خطة واضحة المعالم وجدول زمني، بمساعدة جميع من يحب لبلادنا أن تعيش بخير وأمان ضمن محيطها الخليجي والعربي.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3516 - الأحد 22 أبريل 2012م الموافق 01 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 45 | 4:08 م

      اذا تحقق السلم الاهلي فماذا بقي للمتمصلحين

      لدينا اناس يعتاشون على فتات اسيادهم وياكلون من سرقة قوت غيرهم ومن نهب محلات الاخرين ومن منابر الفتنة والتأزيم الطائفي
      فكيف يعيشون اذا حلت المشكلة؟؟!!

    • زائر 43 | 3:12 م

      من ؟؟

      حلو التعليقات التى تقر بان طائفة واحدة قامت بالتحرك ولكنهم يصرون با حركتهم هي لصالح جميع الشعب !! فعلا عقلية مغيبة عن الواقع ، صحوا النوم ، هل الاخرين اغبياء لكى يتركوا طائفة واحد الحديث باسم الجميع ؟ شرط الاجماع الوطنى ليس بدعة ولكنه التاريخ لدى البشرية وصحوا النوم

    • زائر 40 | 2:26 م

      ربطة العنق .. والعقال

      اعقله واتكل !
      اذا كانت المسائل والمشاكل لها حلول فلماذا التسوية ؟ فالتسوية لا تساوي الحل.
      ومن البديهي ان الترضية والتسوية ليس فيهما الحل . فهي تسوية وترضية.
      قد يكون ذلك مرحلة للحل الوهمي المؤقت فهو ليس الحل. فالحل اما صحيح وعادل ، او دونهما.
      ومن المعلوم واليقين فيه، انه يلقن الميت ويهال التراب عليه ثم تسوى الارض من فوقه..
      فاي تسوية بعدها؟؟

    • زائر 38 | 6:28 ص

      رقم 23

      بعد التحية
      عقبت على مداخلتي رقم 20 (نقطة نظام) بتعقيب صعب عليّ أن أفهمه ربما لكثرة الأخطاء الإملائية فيه، والخلط بين العامية والفصحى.

    • زائر 35 | 5:53 ص

      رقم 20

      ماهذا يا أخي؟ والفتواة جاهزه وسهله.بس علي كيفه الواحد يفسر ويئول....لا نصير مثل من قالو ان البقر تشابها علينا....وهذي ثقافة الأنه ولذلك وبما انه لذا كان من ووووو لغة المماطلين ..الله يحفظك كلام الرجال واضح طائفية 100%

    • زائر 34 | 5:43 ص

      نعم يا 14 انا شيعي واقول الحق

      بما ان الحراك طائفي ...فمن البديهي ردة الفعل للأخر ان تكون طائفية...فمن بدء بالطائفية من أستفرد بمطالب لفئته وحقر الغير

    • زائر 33 | 5:38 ص

      في الصميم

      17 ووووو18

    • زائر 32 | 5:37 ص

      نقطة نظام

      ليس تعليقاً على الموضوع وإنما لتوضيح نقطة فقط.
      حين نطلق على أي حراك بأنه حراك طائفي نعني بذلك أن المتصدي للحراك هم طائفة تسعى لمكاسب طائفية حتى لو كان هذا الحراك يجمع كل طوائف الوطن، أما حين تقوم طائفة واحدة فقط بحراك تطالب فيه بمطالب تحقق عدالة وأمن للجميع فلا يطلق على هذا الجراك حراكاً طائفياً حتى لو كان كل افراده من طائفة واحدة. إذن المطالب ونوعها هو ما يحدد نوعية الحراك لا. لننظر لمطالب المعارضة لو طبقت من المستفيد منها؟ هل طائفة واحدة فقط؟ الإجابة تحدد نوع الحراك

    • زائر 31 | 5:22 ص

      مشكور يا دكتور منصور

      ...

    • زائر 30 | 4:53 ص

      رقم 14

      يا أخي انا علقت علي رقم واحد في ماقاله ان الحراك ليس بطائفي وهذا كلام غير صحيح..أما عن المظالم فليس وحدك ...والمطلوب للبحرين أكثر من مطالبك....شوف العراق هكذا المطلوب..أرجو ان لم تعلم فعلم واذا تعلم فالذي في الضفة الأخري ميقن..ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين والسلام

    • زائر 29 | 4:49 ص

      بدل ما الاسلام يوحدنا فرقنا

      والله لعبوها اليهود من قديم الزمان وهاهم يجنون الحصاد من ما دبو من خرافات وقصص لا تمس حقيقة هذا الدين وما ظهرت المذاهب من بدع الكراهيه...فصلاة علي النبي الذي ادي الامانه وبلغ الرسالة ولا من بعده الا بدع او احاديث موضوعة

    • زائر 27 | 4:37 ص

      عزيزي الزائر 12 وأرجو ان لا تزعل من الصراحة التي طلبتها

      وصم الحراك بالطائفي من السبب فيه ، هل من يطالب بالمصلحة لكل البحرينيين ؟ كون المعارضة في غالبها من الشيعة ومعها بعض الأخوة الكرام السنة لا يعيبها ، من المفترض النظر للمطالب والحكم عليها وليس للطالب بها ، كما أن الأخوة السنة الكرام منقسمين هناك من هو مع المطالب وهو عضوا فعال في الحراك وهناك من هو ضد المطالب لأنه اوهم بأن المطالب لها أجندات خارجية وكانت ردات فعلهم على هذا الآساس دون أن يكلف نفسه الأطلاع عليها عزيزي اذا اردنا ان نتحد لننظر للمطالب بتجرد وليس بما يملى علينا .

    • زائر 25 | 4:27 ص

      دكتورنا العزيز

      هناك من لا يعترف بحقك في العيش فضلا عن المطالبة بالحقوق ، ويعتبر ما يجري ما هو الا ( فئة مدفوعة من الخارج ) وهذا هو المأزق الذي يعيشونه دعهم يعترفوا أولا بأن حراكك وطني ويعترفوا بك كأحد أقطاب هذا الوطن الأصيلين ثم تعرض عليهم التسويات ، الأستعلاء على الآخر هو ما أوصلنا لما نحن فيه . ..........

    • زائر 24 | 4:26 ص

      رقم 12

      طائفية في نظرك لان اغلبية المعرضة من ظائفة الاخرى. ولكن انظر للواقع من المضطهد من الذي يعاني ولا ينال حقوقه اين السواسية ومع هذا كله المعارضة لها مطالب وحقوق غير طائفية وليس لمصلحة طرف على اخر. الرجاء الاطلاع على الواقع قبل الحكم فهناك حساب في الآخرة. والحمد لله ننام مظلومين وليس ظالمين

    • زائر 23 | 4:15 ص

      نعم يارقم 12

      سؤال بسيط من يجب عليه يعرف من من السبب في كل ما حصل او التداعيات كلها يتحملها من الذي تسبب في ما حصل في البحرين من 14 فبراير الي يومنا هذا؟ ومن البادي؟

    • زائر 20 | 3:38 ص

      رقم واحد ويامشرفين خلونا نصارح بعضنا بعض

      الحراك في البحرين طائفي بأمتياز....أحنا في البحرين ولا صغير او عود يختلف عليه..وهذا ما خلا الكثير من الداخل والخارج عدم مباركتهم لحراك كونه من طائفة وحده...أرجو قراءة الواقع والابتعاد عن التضليل الذي لا يجدي والشمس كلن يشوفها

    • زائر 19 | 3:11 ص

      عزيزي ديهي حر

      اخالفك الرأي

      الطرح هذا في وضعنا هو فرش الورد على طريق المتمصلحين. التمصلح باب بناء واسع له نوافذ عدة يدخل منها المتمصلحون بتعدد الازمات.بالترويج للسياسة والترويج للكياسة!

      لكن الدخول يكون بعد الخروج أولا من الغرف التي لا تحوي نوافذ !!!

    • زائر 18 | 3:08 ص

      بعد هذا العرض للازمة ,,,عندي اسالة دكتور:-

      1-إلى أي اتجاه تسير الامور ؟إلى الاحسن أو الأسوء؟
      2-من الذي يمسك بخيوط اللعبة و يستطيع التغير؟
      3-من المستفيد من استمرار الوضع على ما هو عليه؟و هل هو ممن يمسكون بخيوط الحل؟

      و على الدنيا العفى,,,,

    • زائر 15 | 2:38 ص

      لا للمحاصصة

      لا نريد تسوية تهضم حق أحد ...
      لا نريد تسوية سياسية تنتهي لمحاصصة طائفية ...
      التسوية السياسية المطلوبة معروفة للجميع ... الشعب (بسنته وشيعته وأقلياته) هو مصدر السلطات جميعا ... غير ذلك مستحيل ....

    • زائر 14 | 2:37 ص

      الإمثلة الجيدة موجودة ولكن النوايا الجدية غير موجودة

      انت وأمثالك يا دكتور لديكم اضطلاع واسع بالكثير من التجارب الجيدة والوصول الى خليط وعصارة تناسب البلد ليس امرا مستحيلا ولكن مع تعنت البعض واخص من هو على قايمة المستفيدين من الوضع الحالي والذي لا يريد ان يحصل اي تغيير هم اساس التأزيم.
      لأن البناء على باطل لفترة معين يخلق مجموعة من المنتفعين والمتنفذين هؤلاء اي حركة اصلاحة سوف تمس مصالحه الفردية ولذلك هم يؤزّم الوضع ويعرقل كل الحلول ويقف حجر عثرة ويحاول بكل ما اوتي ان لا تخرج البلد من مأزقها مهما حصل للوطن من دمار

    • زائر 12 | 2:11 ص

      صبا الخير دكتور

      هل بهذه السهولة الدوله والناس الي احرق قلبهم وتضررو بس هلون تنتهي الأمور....الذين قادو الحراك مسأولين كامل المسئولية عما حصل للبلاد والعباد..وكان الله في عون من صدقهم وتعبهم فجلبو له المصائب وهو في غنا عنها.

    • زائر 8 | 1:45 ص

      انصاف الحلول

      دكتورنا العزيز اما وبعد هذه التضحيات فلن نرضى بأنصاف الحلول

    • زائر 7 | 1:21 ص

      زائر رقم

      اعتقد انه مقصد الدكتور في جميع الامثلة التي ذكرها هو انه سبب الصراع هو استئثار فئة معينه بالحكم ومؤسساته كما هو حاصل هنا في البحرين.
      شكرا لك دكتور منصور ،، ودام قلمك مناصرا لهذا الشعب المظلوم

    • زائر 6 | 1:18 ص

      منصور يامنصور

      دكتور طرحك هذا يقطع ارزاق المتمصلحين من بقاء الازمه والناعقين بلا حياء في مقابلات مباشره وغير مباشره مظليين انفسهم قبل اي احد ناسين ومتناسيين انه على الاقل في الثلاثه ايام الفائته كان الوطن يعح بصحفيين عالميين لهم مصداقيتهم ويشهد لهم العالم بلحياديه ومتجاهلين هولاء النعاق الحكمه القائله ان الشمس لا يمكن ان يغطيها منخل........ديهي حر

    • زائر 5 | 1:04 ص

      كمن تؤذن في خرابة

      ونقول يكفي ذكر هذه التجارب فلقد وضعوا في اذانهم وقرا واغلقوا اعينهم ولماذا نستجدي الحوار فليركضوا هم وراءه والمسأله مع شديد الاسف وقت تضحياته كبيرة ومؤلمة لن نستجدي هكذا حوار فليركضوا هم وراءه وكما ذكرت فليخجل هذا العالم الذي يسمى نفسه متحضرا واقول هو يدعمهم وسينقلب عليهم وقريبا وسنظل صامدين وسنقدم ارواحنا برضى للحبية البحرين لكي يعيش ابناءنا متساوين في دولة مدنية

    • زائر 4 | 1:02 ص

      البحرين غير

      عندما يصبح الخلاف دمويا مثل ايرلندا تكون الحلول اكثر تعقيدا
      كلما تأخر علاج الجروح في البحرين تتعمق الفرقة
      الشجاعة ليست في قتال الأعداء و انما التصدي لأخطاء الأصدقاء
      عندما يخطف شيوخ الفتنة الأضواء يختفي صوت الحق
      عندما تهرم الحكومة تكثر فيها الامراض
      بين الحد و الدراز

    • زائر 2 | 11:27 م

      نضال شعب وليس صراع طائفي

      صباح الخير يا دكتورنا العزيز

      للتوضيح بس ... الامثلة التي ذكرتها تبدو بعيدة الشبه بوضع البحرين فما يحصل في البحرين ليس صراعا طائفيا ابدا ابدا ... بل هو نضال شعب بالكامل من اجل نيل الحقوق وإن صبغته السلطة بلون الطائفية

اقرأ ايضاً