العدد 3518 - الثلثاء 24 أبريل 2012م الموافق 03 جمادى الآخرة 1433هـ

قرصنة اليابسة

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لا يستغرب المرء عندما تتناقل الأخبار حدثاً عن قرصنة، تحصل في بلد يعيش تحت خط الفقر، أو لا يحصل الناس قوت يومهم، أو في وسط البحر وبقاع المحيطات، لأنه عادة ما يحصل هذا النهب والسطو على السفن في القارة السمراء، أو في أدغال القارة الإفريقية وتحديداً في مالي والصومال وجيبوتي وغينيا وموزمبيق أو خليج عدن.

فلا غرابة أن تحصل تلك القرصنة والسرقات في القرن الإفريقي لعدم وجود الأمن في وسط البحار البعيدة عن المياه الإقليمية لتلك البلدان أو من الصعوبة السيطرة على مساحة هائلة في بقاع المحيطات، على رغم وجود المكافحة الدولية لمراقبة الملاحة البحرية.

لكن المثير للدهشة أن تحصل عمليتا السرقات والسطو عندنا، وعلى اليابسة بين المدن والقرى، في بلد ينتشر فيه الأمن في مدنه وقراه ودهاليزه وشوارعه، والغرابة أيضاً في دولة تحكمها القوانين وفي نظام دولة مؤسسات يُسمح لِتشكيل هذا النوع من الحركات ليعيثوا في الأرض فساداً!.

حينما نرفع الشراع بهدف تحديد نسبة درجة المخاطر لتقييمها، جراء هذا السلوك الخطير الذي قد يصبح ظاهرة، إن لم تتم السيطرة عليه واحتواؤه وتقديم منتهكي حقوق الغير للعدالة؛ ونحن إذ نرفع هذه التحذيرات من أجل حقوق الناس وخوفنا على البلد من ازدهار نشاط القرصنة، الذي يقودنا إلى انزلاق الفوضى العارمة.

لذا نطالب السلطات الأمنية بوضع حد لهذه الأجندات الخطيرة ولجم نشاط هذه الحركات قبل اتساعها، التي قد تصبح شرارة وبداية للسرقات وعدم احترام القانون، التي حقاً ستهدد سمعة الاقتصاد البحريني ودرجة المخاطر الأمنية في هذا الحقل.

وكذلك ندعو لإصلاح الخلل بشكل جدي وحاسم وتحديد أصل القضية، فالمشكلة في تقديري جراء هذه القرصنة لا تكمن في الفاعلين بقدر ما يجب محاسبة من يحرضهم ويحثهم على ذلك، فلهذا يجب مساءلة من يحرضونهم على فعل هذه الأفعال الشنيعة.

إن تعطيل القانون الذي لا يجزأ إلا في البلدان العنصرية، بعدم تنفيذه على شريحة بعينها بسبب انتماءاتها السياسية، أو تحمل ايديولوجيات ترضى عنها الدولة قد يضر الوطن... وسيدفع به إلى الفوضى والهاوية.

والشيء بالشيء يذكر، عندما كنت في شارع أكسفورد بوسط لندن المتصل بشارع اجوارد الذي يقطنه الأخوة العرب، وكانت بمقدمة هذه المتاجر (الشوكيسات) معروضات متنوعة راقية وغالية الثمن– حقيقة وليس خيالاً – وفي ظل كثافة بشرية تتسوق ذهاباً وإياباً.

ما لفت انتباهي حقاً عدم إغلاق هذه المتاجر الضخمة بالأبواب الحديد مع أفول المتسوقين ليلاً، وبزوغ بعض من اللوفرية الذين يتناولون المسكرات والعشاء على هذا الشارع الحيوي. قد رأيت هذه المتاجر معروضاتها ظاهرة للعيان حتى ليلاً في ظل تكدس المخمورين وفاقدي الوعي من اللوفرية، حتى تشعر بالخوف وينتابك الهلع من المناوشات والصراخ، والبعض مفترش الشارع وهو يصدح باللعنات على حبيبته التي هجرته أو يقذف حكومته التي شردته ولم تعطه حقوقه، أو صديقه الذي خانه وقت الشدائد وغيرها من الشتائم التي لا يلام من ويلاتها مادام فاقد الوعي من المسكرات.

ولكن الغرابة من كل ذلك، عدم تعرض هذه المتاجر المكسوة بهذا الشارع، للتكسير أو السطو ما رفع عندي الفضول، عندما لم أرَ رجال أمن يحرسون المتاجر الثمينة والضخمة، واضطررت لرفع السؤال الذي شغل تفكيري إلى أحد رجال الأمن الذي التقيته مصادفة، فأفادني بأن كل المتاجر مزودة بكاميرات أمنية متصلة بنقاط المراكز الأمنية (الشرطة) المنتشرة على طول الشارع. وأضاف أيضاً أن لو تتم عملية نهب أو تكسير في أي متجر يظهر لهم مؤشر الجرس بمكان الحادث وفاعله ويتم تطويق المنطقة برمتها في دقائق معدودة، والعمل على التحقيق الجدي والسريع للقبض على الجاني.

المحصلة النهائية، تكمن في تطبيق القانون على الجميع والجدية في اتخاذ القرار، لمن تسول له نفسه الاعتداء على حق الغير.

المفارقة أن لديهم أمناً قوياً ومحكماً في ظل عدم انتشاره، على عكس ما لدينا في ظل وجوده في القرى والمدن والزوايا والشوارع والحارات تحدث عملية القرصنة. فأين يكمن الخلل يا أولي الألباب؟.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3518 - الثلثاء 24 أبريل 2012م الموافق 03 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:55 ص

      موضوع شيق وفي الصميم

      شكرا للأنامل الصادقة والقلم الحر يا ولد الديرة

      ستراوي

اقرأ ايضاً