العدد 3535 - الجمعة 11 مايو 2012م الموافق 20 جمادى الآخرة 1433هـ

المسلمون الأميركيون والجمهوريون:أعداء أم حلفاء أم أصدقاء؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تصعب مشاهدة انتخابات العام 2012 من دون التفكير بأن الخطوط السياسية والدينية تقطع بعمق عبر أميركا. من الأمثلة البارزة على ذلك حليفان سابقان هما الجمهوريون والأميركيون المسلمون، الذين سادت علاقتهما الصور النمطية وانعدام الثقة والتواصل. فالحزب الجمهوري موصوم بالرهاب الإسلامي بشكل يائس، كما أن المسلمين موصومون بكونهم طابوراً خامساً. لذا أصبحنا نعتقد أن العلاقة تعاني من خلافات لا يمكن حلها.

ليس الواقع بهذا الوضوح، فهناك تاريخ طويل من التعاون بين الجمهوريين والأميركيين المسلمين، مازال موجوداً حتى اليوم، حتى في أميركا ذات نظام الحزبين الذي يبدو أحياناً وكأنه يعزز الفرقة.

لم يمضِ وقت طويل، قبل الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، عندما صوّت غالبية الأميركيين المسلمين لصالح الجمهوريين. كان الأمر وقتها يتعلق بقضايا ثقافية مثل الجنس والعنف على محطات التلفزة والسياسة الخارجية، حيث اعتبر المسلمون الجمهوريين أنهم الحزب الذي سيدعم على الأرجح المسلمين في الخارج، بمن فيهم الفلسطينيون والبوسنيون والأفغان. مازال صدى الكثير من هذه القضايا يرن في أذهان الأميركيين المسلمين.

حث الشيخ حمزة يوسف، وهو زعيم أميركي مسلم معروف، حث المسلمين العام 2010 على «تشكيل تحالفات استراتيجية» مع المحافظين، «وإدراك أننا نتشارك في الكثير من الأرضية المشتركة»، ويضيف الشيخ حمزة أن «الجنس قبل الزواج وخارجه، وانحلال الأسرة وانتشار الدعارة والإباحية والمخدرات» هي من الأمور المقلقة المشتركة.

انجذب الكثير من الأميركيين كذلك إلى الأفكار الليبرالية لعضو الكونغرس من ولاية تكساس والمرشح الرئاسي الجمهوري رون بول. وفي الوقت الذي يفضّل فيه المحافظون تشريع القضايا الاجتماعية وسلطات واسعة للشرطة وسياسة عسكرية متشددة، فإن المعمداني البالغ من العمر 76 سنة عارض بشدة «قانون الوطني (Patriot Act)»، الذي تمت صياغته بعد الحادي عشر من سبتمبر والذي يزيد من سلطات الحكومة في مراقبة المواطنين، ووعد بإبقاء أميركا خارج النزاعات الدولية، التي تضم غالباً دولاً مسلمة.

هناك أيضاً سابقة تاريخية مهمة لهذه القواسم المشتركة الليبرالية. دين الإسلام تأسس على يد نبي كان تاجراً ناجحاً ولم يعظ فقط بالممارسات الأخلاقية في الأعمال، وإنما كان مهتماً بنظام السوق الحر.

على سبيل المثال، وبعد وقوع كارثة طبيعية رفعت أسعار السلع، رفض النبي محمد (ص) عملية السيطرة على الأسعار، بحسب مؤسس معهد منارة الحرية في بتسدا (Bethesda) بولاية ماريلاند عماد الدين أحمد، الذي يركّز على تعريف المسلمين بفكر السوق الحر.

بدأ المسلمون الذين غالباً ما يتذمرون من اعتبارهم وحدة واحدة جامدة، بدأوا يدركون أن الحزب الجمهوري يضم الكثير من الفلسفات السياسية المتنوعة، والليبرالية هي واحدة منها فقط. هناك أيضاً محافظون ماليون ومحافظون اشتراكيون ومحافظون جدد والمحافظون القدامى والجمهوريون الليبراليون وأتباع حفل الشاي. يمكن للمسلمين أن يتفقوا مع أي من هذه الفلسفات أو حتى مع الكثير منها.

وعلى رغم أن بعض المحافظين رفضوا المسلمين بطروحات رهاب إسلامي لا تخجل، كانت هناك استثناءات مثيرة للانتباه. قام محافظ ولاية نيوجيرسي كريس كرستي، وهو مرشح لخوض الانتخابات الرئاسية العام 2016، ليس فقط بتعيين محامٍ مسلم هو سهيل محمد قاضٍ كبير في محكمة الولاية العليا السنة الماضية، وإنما قام أيضاً برفض المنتقدين الذين ادّعوا أن القاضي الجديد سيفرض الشريعة الإسلامية، معتبراً إياهم «مخبولين». كذلك قام المرشح الرئاسي والمسيحي الإنجيلي محافظ ولاية تكساس ريك بيري بإنشاء علاقات جيدة مع المسلمين في ولايته. وقام الجنرال كولين باول بتوبيخ الجمهوريين العام 2008 لمهاجمتهم باراك أوباما على أنه مسلم متخفٍ، قائلاً: «وما المشكلة إذا كان كذلك؟ هل هناك شيء خاطئ في كون الإنسان مسلماً في هذا البلد؟ الجواب هو لا».

وعلى رغم أن المسلمين المعروفين بشكل أكبر في السياسة الأميركية اليوم هم من الديمقراطيين، مثل عضوي مجلس الشيوخ كيث إليسون من مينيسوتا وأندريه كارسون من انديانا، فإن الكثير من المسلمين برزوا في السياسة المحافِظة، مثل سهيل خان الذي كان مدير السياسة والمسئول الصحافي لدى عضو مجلس الشيوخ الجمهوري توم كامبل من ولاية كاليفورنيا، وقد عمل فيما بعد في إدارة الرئيس جورج بوش.

كما برز ريحان سلام واحداً من الأصوات الرئيسية في الطرح المحافظ، وهو يكتب في مجلات محافظة وشارك العام 2010 بتأليف كتاب «حزب جديد عظيم: كيف يستطيع الجمهوريون كسب الطبقة العاملة وإنقاذ الحلم الأميركي».

في الوقت الذي تظهر فيه هذه الأمثلة وغيرها أن «الجمهوري المسلم» ليس بالضرورة تضارب في التعبير، إلا أن الأرقام تقترح أن الجمهوريين والمسلمين لا يتكلمون كما كانوا يفعلون في الماضي. وقد وجد استطلاع أجراه مركز بيو في شهر أغسطس/ آب الماضي أن 70 في المئة من الأميركيين المسلمين يميلون نحو الحزب الديمقراطي، مقارنة بِـ 11 في المئة يميلون باتجاه الحزب الجمهوري.

إذا أخذنا هذه النقاط المشتركة بعين الاعتبار نجد أن الجمهوريين ليسوا بحاجة لإجراء تغييرات كبيرة لاستعادة بعض المسلمين على الأقل، وإنما يتوجب عليهم التعامل مع جذور الرهاب الإسلامي التي تنبع من داخل حزبهم. يمكن للتعامل مع الصور النمطية داخل الحزب أن تحقق الكثير.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3535 - الجمعة 11 مايو 2012م الموافق 20 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً