العدد 3557 - السبت 02 يونيو 2012م الموافق 12 رجب 1433هـ

«المَقْعَدُ المُلْتَهِب» في تعلّم حقوق الإنسان

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

إن أحد أهداف برنامج تحسين الزمن المدرسي هو تحقيق أقصى درجات الجودة في عملية التدريس والتعلُّم بالصفوف الدراسية من خلال تبنِّي استراتيجيات تُعنى بالتدريس والتقويم معاً.

ومما يساعدنا أكثر في معرفة شروط ومواصفات الدرس الجيد هو الاستثمار الأمثل لزمن التعلّم الذي من شأنه أن يساهم في تخفيف الأعباء والواجبات المدرسية المطلوبة من الطلبة بعد انتهاء الدوام المدرسي، وإتاحة الفرصة أمامهم لممارسة الأنشطة المتنوعة، وصولاً إلى تطبيق التعليم المتمايز الذي يراعي كل فئات الطلبة الضعاف ومتوسطي التحصيل والمتفوقين، هذا إلى جانب إراحة المعلم من الاستراتيجيات التقليدية القائمة على الإلقاء والمحاضرة التي لا تجلب له سوى الإرهاق والتعب؛ لأن المقصود هو تحفيز وتشجيع الطلبة نحو المشاركة الفعالة وإثراء الحصة بالحوار والمناقشة وإبداء الرأي، والتركيز على خاتمة الحصة التي تساعد في تثبيت مفردات الدرس في أذهان المتعلمين، وتشكل صورة واضحة لديهم عن المسائل التي أتقنوها في الدرس، وهو الأمر ذاته الذي تؤكد عليه تقارير هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب.

ما يتوقعه الطالب من المعلم في نهاية الحصة هو تقديم خاتمة جميلة ومشوقة، تستثير دافعيته واهتمامه تجاه التعلم، بمستوى النشاط الاستهلالي والمقدمة التي بدأ بها المعلم درسه، ولذا أصبح اليوم النشاط الختامي بأنواعه المختلفة في المؤسسات التعليمية أحد أهم الاستراتيجيات الحديثة، وسنركز في مقالنا هذا على «المقعد الملتهب» أو ما يسميه البعض «مقعد الاعتراف» كنشاط ختامي بشكل خاص في تعلُّم مبادئ حقوق الإنسان.

«المقعد الملتهب» في أبسط معانيه هو أن يجلس الطالب على المقعد أمام زملائه ومن ثم يطرح عليه المعلم سؤالاً، كأن يسأله: عبِّر في دقيقتين عن أهم النقاط التي تعلمتها في موضوع (حرية الرأي والتعبير)، أو ما رأيك في هذا الدرس؟ هل فهمته؟ أو اذكر أربع كلمات خرجت بها من الدرس أو صِف الدرس بعبارة من كلمات ثلاث بدون تأتأة أو تلعثم في الكلام أو توقف ولو للحظة واحدة.

يمكننا القول ان أهم مزايا هذا النشاط الختامي للدرس أنه يحترم إنسانية الطالب في «حق السؤال» والحصول على الإجابة، وهذه الاستراتيجية تكون بوجوه متعددة، ويحكم ذلك طبيعة الأسئلة الموجهة، ومن يقوم بإعدادها.

ما وقع بين يدي من أوجه تطبيق (المقعد الملتهب) أربعة، وسأكتفي بأكثرها ملاءمة مع تعلّم مبادئ حقوق الإنسان.

يختار المعلم بشكل عشوائي طالباً ويطلب منه الجلوس على مقعد ويكون ظهره جهة السبورة، كما يُعطى ورقة وُضِع على أحد وجهيها الرمز (صح) باللون الأخضر، وعلى الوجه الآخر الرمز (خطأ) باللون الأحمر تماماً كالإشارات الضوئية المرورية، ثم يترك المجال أمام الطلاب لتوجيه الأسئلة للطالب بحيث تتم صياغة الأسئلة التي تحتمل الإجابة بصح أو خطأ، ثم الاستماع للسؤال وتدوينه على السبورة، إلى أن يرفع الطالب الجالس على «المقعد الملتهب» بطاقة صح أو بطاقة خطأ دون أن يتكلم، في حين يقف طالب آخر بالقرب من الأسئلة ويضع الإجابة.

بعد الانتهاء من الأسئلة ـ ولكي يتأكد المعلم من معرفة الطلاب بحقهم في ممارسة حرية الرأي والتعبير وأبعادها الإنسانية وما تمثلها من أهمية في صقل وتنمية مواهبهم وقدراتهم وشخصياتهم في مجال الابتكار والإبداع ـ تدور مناقشة مع الطلاب عن تصويب الأخطاء فيها.

«المقعد الملتهب» كغيره من الأنشطة الختامية للدرس يكون ناجحاً وذا أثر على مستوى الممارسات المدرسية إذا راعى المعلم الإعداد الجيد والمسبق له، فلا يأتي وليد اللحظة؛ لأننا نتحدث عن حقوق الإنسان فلابد أن يكون المعلم ملمّاً بها كما وردت في المواثيق العالمية، وأن يقوم بضبط النشاط بزمن معين، وأن يكون النشاط مثيراً وجذاباً بحيث يجعل خاتمة الحصة كبدايتها، والاستمرارية في تقديم الأنشطة الختامية في نهاية كل حصة وعدم الاستسلام للملل مع مرور الأيام، وأن يُقصد من النشاط الختامي معالجة قضية ما يعاني منها الطلبة ويكتشفها المعلم أثناء عملية التدريس كما بيَّنا في موضوع (حرية الرأي والتعبير) مثلاً.

ربما تصلح بعض النصوص الشعرية في مادة اللغة العربية لأن تكون نشاطاً ختامياً رائعاً للدرس على طريقة «المقعد الملتهب»، وأن تكون في الوقت ذاته مدخلاً ملائماً لأن يتعرّف المعلم على الذائقة الشعرية لدى طلابه، وربطها بالمبادئ العالمية لحقوق الإنسان.

نقرأ في رباعية الشاعر العراقي محمد صالح بحر العلوم بعنوان: أين حقي؟!

ما لِبَعْضِ النَّاسِ لا يَحْسَبُ لِلتَّفْكِيْرِ فَضْلَا

ومَتَى نَاقَشْتَهُ الرَأيَ تَعَدَّاْكَ وَوَلَّى

زاعماً إِبْقَاْءَ مَا كانَ على مَا كانَ أَوْلَى

مِنْ جديدٍ يَعرِف الواقعُ مِنْه: أينَ حَقِّي؟!

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3557 - السبت 02 يونيو 2012م الموافق 12 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:27 ص

      نكته

      سنعلم أبنائكم حقوق الإنسان لكن يجب ألا يدافعوا عن حقوقهم المهدوره

    • زائر 2 | 2:04 ص

      مقارنة

      في اليابان .. لا يألون جُهداً في المساعي لإبتكار آليات جديدة من أجل تنمية و تطوير طلاب المدارس و الجامعات!!
      أما لدينا!! ف .........

اقرأ ايضاً