العدد 1421 - الخميس 27 يوليو 2006م الموافق 01 رجب 1427هـ

مشروع الكرامة في مواجهة مشروع الهيمنة

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها الأمة والتي تكاد حلقات التآمر والحصار تطبق على شعوبها، وخصوصاً في ظل التفويض الأميركي لـ «إسرائيل» لتمعن في تدمير لبنان وارتكاب أبشع المجازر فيه، وإبادة الشعب الفلسطيني، وبعد كل ما صنعته أميركا المحتلة في العراق، أتوجه الى شعوبنا العربية والإسلامية لأؤكد عليها أن تكون مفتوحة العينين حيال ما يجري في لبنان وفلسطين بعد الذي جرى في أفغانستان والعراق.

إن المشروع الأميركي التدميري والتفتيتي للمنطقة، والذي انطلق بشعار «الفوضى الخلاقة» وبدأت علائم فشله في العراق، استدار إلى مكان آخر، وأراد للآلة العسكرية الإسرائيلية الأميركية الصنع أن تعيد إليه الاعتبار، وما نشهده في فلسطين ولبنان هو جزء من محاولة إعادة الحياة إلى هذا المشروع الذي يهدف إلى فرض الاستسلام على الأمة كلها. ولذلك، فإننا نشهد محاولة دولية تقودها الإدارة الأميركية، بجيش من الدبلوماسيين والسياسيين الخاضعين للصهيونية العالمية، وإن حملوا أسماء أميركية أو أوروبية أو حتى عربية أحياناً، لإخضاع العالم العربي والإسلامي، لتكون هذه المجازر المتنقلة، وهذا التهديم التدريجي للبنى التحتية والعقاب الجماعي الذي لا مثيل له، هو السوط الذي يراد له إخافة شعوبنا وترويعها وإسقاطها، وبالتالي إسقاط روح المقاومة والممانعة.

لقد تحولت الأمم المتحدة إلى آلة بيد الإدارة الأميركية، وسقطت الأمم المتحدة، وسقط الاتحاد الأوروبي وسقطت معه شعارات الحرية والعدالة والمساواة... وفي كل ذلك نرصد أن هناك حركة لمشروعين: مشروع المقاومة في مواجهة الظلم والهيمنة والاحتلال، وعلى هذا المشروع أن تتماسك أطرافه وتنجذب إلى بعضها بعضاً على ما بينها من فوارق سياسية وغير سياسية؛ ومشروع ثقافة الاستسلام ليقال للأمة إنها لن تستطيع أن تأخذ شيئاً إلا من خلال ما تعطيها إياه أميركا أو ما تقبل به «إسرائيل». ومساحة المواجهة بين هذين المشروعين ليست في لبنان فقط، إنها تمتد على طول الامتداد العربي والإسلامي.

لذلك، فإنني أدعو كل الطيبين والخيرين والعاملين والدعاة والعلماء وكل المخلصين في الأمة الى العمل سريعاً وفق الوجهة التي سارت فيها المعركة، وهي الوجهة الحق قبل الإسرائيليين والأميركيين وكل أعداء الأمة. لقد حان الوقت لإسقاط كل الحسابات المذهبية والشعارات الطائفية، وحتى أن نسقط من حساباتنا ماذا تربح إيران أو سورية أو هذه الدولة العربية أو تلك الخليجية، لأن علينا أن نفكر في ما تربحه الأمة أو تخسره. فـ «إسرائيل» تقتل الفلسطيني واللبناني بدم بارد، ولا تبحث عن جنسيته أو هويته وانتمائه، لأنها تعمل لقتل روح المقاومة فينا وقتل كل إحساس بالعزة والكرامة، وكل طموح ينشد التحرر والاستقلال الحقيقي.

إنني، وعلى رغم كل المآسي التي حصلت، أتطلع بعين التفاؤل إلى أن شعوبنا باتت تعرف الأفق الحقيقي للمعركة الدائرة، وبدأت تخرج من السجون التي وضعتها الأنظمة بها، وقد أوشكت أن تأخذ بزمام المبادرة، وعليها أن تفعل، لأنها الخطوة الأولى التي ستقودها إلى خطوات ثابتة نحو النصر.

أقول لشعوبنا جميعاً: إن الفرصة متاحة لظهور شرق أوسط جديد من خلال انتصارها لمشروع المقاومة والممانعة في لبنان وفلسطين، وفي كل مواقع الممانعة في طول العالم الإسلامي وعرضه، وإن الفرصة سانحة لأن تتضافر الجهود لإسقاط الهيمنة والاحتلال الأميركي والإسرائيلي، وعلى الحركات الإسلامية والوطنية وكل طلائع الحرية والتحرر في شعوبنا ألا تكتفي بكلمات التنديد ومواقف المؤازرة والتبرعات المالية على أهميتها بل أن تبدأ بالنزول إلى الشارع لتأخذ مسيرة النصر طريقها على مستوى الأمة، كما تتحرك المقاومة في لبنان نحو النصر إن شاء الله، «إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً» (المعارج: 6 و7)

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1421 - الخميس 27 يوليو 2006م الموافق 01 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً