العدد 3573 - الإثنين 18 يونيو 2012م الموافق 28 رجب 1433هـ

بعد قرار إلغاء التأشيرة... تونس مفتوحة للأشقاء الخليجيين

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

قررت السلطات التونسية رسمياً إلغاء تأشيرة الدخول إلى أراضيها لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، حسبما نشرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية. وبينت وزارة الخارجية التونسية أن هذا القرار يأتي اعتباراً «للعلاقات المتميزة التي تجمع تونس بشقيقاتها الدول العربية ودعماً للروابط الأخوية معها وزيادة توثيقها».

ويأتي هذا الإعلان في إطار تفعيل القرارات الصادرة عن زيارة رئيس التونسي المنصف المرزوقي إلى الكويت يومي 23 و24 أبريل/ نيسان الماضي.

وكان وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام كشف في ديسمبر/ كانون الأول الماضي أن بلاده ستقوم برفع التأشيرة عن مواطني مجلس التعاون. وسيكون مشروع هذه الاتفاقية من أوائل الملفات التي سيفعّلها وذلك بهدف تسهيل قدوم الخليجيين إلى تونس. وقد ركّز الوزير منذ أن تقلّد منصبه الحالي على دول الخليج التي زارها كذلك رئيس الحكومة حمادي الجبالي، في إطار مراجعة السياسة التونسية مع دول الخليج حتى تكون أكثر فاعلية وتعبر عن المصالح المتبادلة بين الأشقاء.

ولئن كان الهدف من إلغاء التأشيرة أساساً تسهيل قدوم المستثمرين الخليجيين إلى تونس في مثل هذه المرحلة الحساسة التي يمرّ بها الاقتصاد التونسي، فإنّ هذه التسهيلات تدعم علاقة الصداقة والتواصل بين الأشقاء الخليجيين وإخوانهم في تونس؛ فلطالما تعلّل السائح الخليجي بصعوبات التأشيرة ليبرّر عدم اتخاذه تونس وجهة سياحية خاصّة لما لَقِيَه بعضهم في عهد نظام المخلوع من تضييقات في المعاملات. وأذكر قصة شخصية خليجية بارزة ترك في التسعينيات تونس لكون رجال الأمن الجامعي بكلية الطب بتونس منعوا دخول بناته «المحجبات» حرم الجامعة، فقرّر على إثر ذلك مغادرة تونس ومواصلة مهماته الدبلوماسية في بلد عربي ثانٍ.

أمّا اليوم والحمد لله وقد استعادت تونس عافيتها واستتبّ فيها الأمن وسادت فيها الحريّات فإنّ الفرصة سانحة للمواطن الخليجي كي يتعرّف على حبيبته التي طالما غازلها بـ «الخضراء» على حد قول الشاعر: يا تونس الخضراء جئتك عاشقاً.

ولئن وقع التركيز سابقاً على شواطئ تونس الزرقاء ورمالها الذهبية وخدماتها الفندقية لتسويق صورتها السياحية فإن هذه البلاد حباها الله بعيون ماء دافئة تحوّلت إلى مراكز استشفائية. ومازالت تونس تحتلّ المرتبة الثانية عالمياً بعد فرنسا في مجال السياحة الاستشفائية، فهي ثاني أكبر وجهة للسياح في هذا المجال بفضل انطلاقتها المبكرة في هذا الاختصاص منذ 1994 وتعدُّدِ المراكز المتخصّصة وجودتها. وتستقطب السياحة الاستشفائية في تونس نحو 150 ألف سائح سنوياً، ويتوافر حالياً بتونس ما يناهز 60 مركزاً للمعالجة بمياه البحر موزّعة على مختلف مناطق الجمهورية، أمّا العدد الإجمالي للحمامات الاستشفائية بها فيَصل إلى 42 حماماً بالمياه المعدنية، أما عدد المحطات الاستشفائية فهي 4 محطات.

ومن المشاريع الضخمة أيضاً بعث مدينة استشفائية مندمجة بمنطقة حمام بنت الجديدي (محافظة نابل) تضمّ محطة استشفاء ونزلاً للإقامة ووحدات إقامة ومركزاً رياضياً وآخر تجارياً.

إن ازدهار السياحة الصحية يشجّع الأشقاء الخليجيين والعرب عموماً على زيارة تونس، يدفعها إلى ذلك انعدام العائق اللغوي والنفسي مقارنة بالدول الأوروبية.

كما توجد في مدن الحمامات وجربة وطبرقة مراكز عديدة للعلاج بمياه البحر في جوّ ساحر يذكر السائح بأجواء الحمامات الرومانية والحمام العربي. أمّا في أقصى الشمال الغربي فيتعانق البحر والساحل مع الطبيعة والآثار، فتجد مدناً ومناطق وهبها الله من الجمال والسحر ما جعلها مقصداً للسائحين من شتى بلدان المعمورة.

وأما في أقصى الجنوب فالصحراء سحر: مناظر طبيعية متماوجة، مشهد شبيه بسطح القمر، وهاد ومسارب تأخذ الناظر إلى رحلة خيالية مليئة بالمغامرات، نخيل وكثبان رمال ضخمة وواحات قرى بربرية مشيدة على قمم الجبال وقصور صحراوية ذات طابع فريد ومنازل منحوتة في الصخر تحت الأرض.

إن ثراء الموروث التاريخي المادي واللامادي جعل تونس أهم قطب ديني وثقافي في بلاد المغرب في بداية العصر الوسيط، حيث تتميّز بمعالمها الإسلامية العديدة بدءاً بالمسجد الجامع في القيروان وجامع الزيتونة في مدينة تونس، وأمّا مدينة المهدية فهي شاهد على ما أبدعته الدولة الفاطمية حين شيّدتها سنة 916م. وأمّا رباط المنستير العظيم وسور المدينة العتيقة بصفاقس فهما من أبرز معالم الحضارة العربية والإسلامية.

وتفخر تونس لامتلاكها أهمّ مجموعةٍ من الفسيفساء الروماني في العالم، وتُقدِم قرطاج صورة رائعة لبقايا أهم حضارة عرفها المتوسط. أمّا صرح الكابيتول في دقة والقصر الروماني في الجم والمتاحف المنتشرة في البلاد فهي كلها تشهد على مرور أعرق حضارات الدنيا بها. لذلك تَعُدُّ تونس سبعة معالم ثقافية مصنّفة من طرف اليونسكو كتراث للإنسانية.

لهذه الأسباب وغيرها يعتبر قرار إلغاء التأشيرة قراراً سياسياً تاريخياً في مسيرة العلاقات بين شعب تونس وأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا خير دليل على أواصر التعاون القائم بين شعوب هذه الدول في كل المجالات، ما يساهم في تطور التواصل على جميع الأصعدة ونمائه بما يحقق طموحات تونس وأشقائها في دول الخليج.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3573 - الإثنين 18 يونيو 2012م الموافق 28 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 2:19 م

      لا يوبه

      لا يوبه , انتهى عصر السياحة في تونس وزال بزوال السيد زين العابدين بن علي , يا ريت كان عندنا في العراق واحد مثل بن علي ولا طاغيتنا ابن صبوحة المشنوق .على العموم انتهى عصر الازدهار في تونس وحل محله عصر الظلام

    • زائر 6 | 11:59 ص

      يا حلوة إنت يا تونس

      والله خبر جميل وطبع صاحب المقال أبدع في وصف بلاده

      فعلا لازم نغير ونشوف تونس

    • زائر 5 | 8:52 ص

      لكن هل سيسمح للتونسيين ؟؟

      هل سيسمح للتونسيين بدخول دول مجلس التعاون متى شاؤوا ؟

    • زائر 4 | 6:13 ص

      الله يديم المعروف بين التوانسة والخليجيين

      لهذه الأسباب وغيرها يعتبر قرار إلغاء التأشيرة قراراً سياسياً تاريخياً في مسيرة العلاقات بين شعب تونس وأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا خير دليل على أواصر التعاون القائم بين شعوب هذه الدول في كل المجالات، ما يساهم في تطور التواصل على جميع الأصعدة ونمائه بما يحقق طموحات تونس وأشقائها في دول الخليج.

    • زائر 3 | 6:06 ص

      شكرا

      مقال جميل لبلد أجمل
      حقا تستاهل تونس كل خير وإن شاء الله نزورها

    • زائر 1 | 10:56 م

      محرقية

      والله هذا القرار صائب وانا احب تونس وادعو الجميع لزيارتها

اقرأ ايضاً