العدد 1510 - الثلثاء 24 أكتوبر 2006م الموافق 01 شوال 1427هـ

التشغيل والعمالة

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

عندما نتحدث عن التشغيل والعمالة وعلاقتهما بالتنمية، فإن اول ما يواجهنا بصدد هذا الموضوع هو برامج التعليم والتدريب.

وقد سبق لدراسة للبنك الدولي أن أوضحت أن عائد الاستثمار في التعليم لم يكن بالحجم المتوقع مقارنة بما تم انفاقه واستثماره فيه في الدول العربية، مرجعة ذلك الى أن الدول العربية تقوم بإعداد الطلاب للانخراط في الوظائف الحكومية في الوقت الذي تختلف فيه طبيعة المؤهلات الملائمة لمتطلبات الاقتصاد عموماً. إن المشكلة بدأت تظهر مع التغيرات الدولية خلال الثمانينات في حين كانت المنطقة قد شهدت منذ بداية الستينات ثورة تعليمية ادت الى جعل الانفاق الحكومي على التعليم يرتفع الى مستويات عالية (معدل وسطي يبلغ 4.4 في المئة من الناتج المحلي و14.9 في المئة من اجمالي النفقات).

إلا أن عقدي الثمانينات والتسعينات أبرز الكثير من الظواهر التى اكدت فشل برامج التعليم في الوطن العربي في تحقيق جوانب اساسية من اهدافها. ومن بين هذه الظواهر ارتفاع معدلات الاخفاق في مواصلة التحصيل الدراسي، إذ سجلت هذه المعدلات ارقاما قياسية في بعض دول المنطقة «مصر 36 في المئة، المغرب 34 في المئة، اليمن 69 في المئة، تونس 28 في المئة»، بالاضافة الى الزيادة المطردة في اعداد العاطلين وخصوصا في اوساط المتعلمين وذوي التعليم العالي بالتحديد. إذ يلاحظ أن نحو 60 في المئة من العاطلين من حملة الشهادة الثانوية أو الجامعية، وكذلك الحال في بعض دول المنطقة والانخفاض التدريجي في الاجور الحقيقية الذي ادى الى انخفاض العائد المتوقع من التعليم، ما جعل الاستثمار فيه اقل جاذبية في وقت تبدو فيه بجلاء حاجة اقتصادات دول المنطقة الى مهارات اكبر ما يتوافر لديها حاليا، يقابل ذلك الارتفاع التصاعدي لكلفة التعليم وخصوصاً في المراحل الدراسية العليا.

إن التنمية البشرية ستبقى تمثل المعضلة الرئيسية امام التنمية وبالتالي أمام محاولات تشغيل العمالة الوطنية، ولابد من مجابهتها مجابهة جادة وعلمية تحقق استجابة للتحولات العالمية من جهة، وتستجيب لمتطلبات تسريع عجلة التنمية، من جهة اخرى. إن وضع استراتيجية للتنمية البشرية تمثل أحد الاشكال الطموحة التي يتطلع الجميع لرؤيتها في حيز التطبيق الفعلي مستقبلا.

كما أن هذه الجهود لابد أن تلقى صدى ايجابيا واسعا لدى القطاع الخاص، وتدفعه للمساهمة الايجابية والفاعلة في انجاحها لأنه سيكون المستفيد الاول من فتح الابواب امام العمالة الوطنية لتأخذ مكانها الطبيعي في التنمية.

من اجل تجاوز معضلة التشغيل وعلاقته بالتنمية وتحقيق التنسيق والتكامل بينهما، والتوجه نحو تنمية بشرية حقيقية لابد من تغيير نظام التعليم لبناء اقتصاد متكيف مع المتغيرات الدولية وذلك على رغم صعوبة عملية تغيير نظم التعليم وارتفاع كلفتها اقتصاديا واجتماعيا، بسبب ما يتميز به هذا القطاع من التعقيد والتداخل المهنيين. كما أنه لابد لانظمة التعليم من أن تبدأ باستيعاب الخطوات التنسيقية والتكاملية المتخذة على الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وترجمة هذا الاستيعاب في هيئة اعادة تشكيل الهياكل الافقية والعمودية لاطر وبرامج التعليم لتجسد بذلك خطوة اساسية اولى نحو بناء استراتيجية موحدة للتنمية البشرية

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1510 - الثلثاء 24 أكتوبر 2006م الموافق 01 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً