العدد 3606 - السبت 21 يوليو 2012م الموافق 02 رمضان 1433هـ

نفيسة عبيد... وجائزة «قيادة التغيير»

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

فازت التربوية البحرينية نفيسة عبيد بجائزة «مكتب التربية العربي لدول الخليج» عن مشروعها المعنون «قيادة التغيير نحو مجتمع مدرسي عالي القيم التربوية والتعليمية»، ضمن المشاريع والتجارب التربوية، وذلك في الحفل الذي أُقيم في 15 أبريل/ نيسان 2012م للمكتب في دورته السابعة بالرياض.

بدأت فكرة المشروع لدى عبيد من خلال عملها وخبرتها في قطاع التعليم، عندما لاحظت وجود قصور واضح على مستوى الوعي لدى بعض الطلبة وفئات المجتمع في تقديرهم لحقوق الآخرين من حولهم، وحقهم في العيش المشترك، والتفاعل الاجتماعي الإيجابي المستمد من الموروث القيمي الإسلامي والإنساني.

والأهم من ذلك، فقد لاحظت عبيد النزعة الذاتانية على كثير من الأفراد في حبهم للاستملاك، والسعي نحو توفير احتياجاتهم الشخصية وعدم الاهتمام بمن حولهم والنظر في احتياجاتهم التي تؤهلهم لبناء شخصياتهم وتحقيق ذواتهم، مما يحقق لهم الشعور بالأمن والسلام والاستقرار.

استمدت عبيد مفردات مشروعها من أدبيات منظمة اليونسكو بالالتفاف حول فكرة السلام، والاجتماع على المحبة، واحتواء الجميع دون تمايز أو طبقية.

عملت عبيد في سلك التعليم كمديرة مدرسة، وبدأت تتعرف على جذور المشكلات القيمية للطلبة في المدارس والتي ترجع أساساً ـ في نظرها ـ إلى الاعتداد بالأصل أو المركز الاجتماعي أو المالي، والتي تبدو جلية وبارزة في مدرسة وأخرى حسب النسب والتناسب، وهنا قد يختلف البعض معها في تعميمها لأصل وجذور هذه المشكلات التي قد تخضع لاعتبارات وظروف موضوعية أخرى، منها خصوصية المدارس الواقعة في المدن وتلك الواقعة في القرى، كما لاحظنا في عدد من الدراسات الميدانية الحديثة، منها دراسة دكتوراة مهمة جُمعت في كتاب في 200 صفحة بعنوان «الشباب البحريني ومستقبل وطن» للباحثة البحرينية فاطمة حسن عيد، في مناقشتها لمفهوم المواطنة بالدولة الديمقراطية المعاصرة، وربطه بمفاهيم الشباب البحريني ومعارفهم حول المواطنة وما يرتبط بها من حقوق وواجبات وممارسات.

ولكي نعزز روح الإخاء والمحبة والتعاون والمعاني السامية وحب الوطن لدى أبنائنا وبناتنا الطلبة، رأت عبيد ضرورة أن (نعلِّم أبناءنا) أننا نحبكم كما أنتم، وعليكم أن تحبونا كما نحن، لنختلف معها مرة أخرى في تقديمنا وتوظيفنا لاستراتيجية التعلُّم بدل التعليم، أي أن (يتعلَّم أبناؤنا) بدلاً من (نعلِّم أبناءنا)؛ لأن المطلوب هو إحداث التغيير في السلوكيات والممارسات الطلابية بعيداً عن كل أشكال الوصاية والإملاء.

ترى عبيد أن مدارسنا بحاجة إلى برنامج استراتيجي يعزز القيم الإسلامية والإنسانية ضمن الحياة المدرسية، وعليه فقد قامت بدراسة شاملة للمدرسة التي طبقت فيها المشروع من خلال تشخيص واقعها، وتحديد الفرص المتاحة، والتحديات التي تواجها في تطورها التربوي والتعليمي، استناداً إلى خطة استراتيجية وضعتها لتلمُّس حاجات المجتمع المدرسي لثقافة تنظيمية خاصة به، إلى جانب إعدادها لمنظومة من القيم التي اعتبرتها أساس المشروع؛ وذلك لتيسير نشر هذه الثقافة وهي تتكون من ثمان وعشرين عبارة وصفية لمجموعة من الأفراد في مجتمع مدرسي مثالي، بالإضافة إلى عبارات وصفية لبيئة مثالية منها المبنى المدرسي، وهذه العبارات الوصفية ترتكز على قيم دينية ثابتة ومبادئ أخلاقية إنسانية ومجتمعية وطنية وتربوية عالية المستوى يتحلى بها كل منسوبي المدرسة، بناءً على التغيير المرتقب المراد بناؤه والمراد إحداثه في سلوكيات الأفراد وفي البيئة التي تحتضنهم.

طبّقت عبيد مشروعها في مدرسة ابتدائية إعدادية للبنات، ومدرستين ثانوية للبنات، وأظهرت النتائج تقدماً ملحوظاً على مستوى الانضباط الذاتي للطالبات في فترة التطبيق، وتحقيق الفوز في العديد من المسابقات والأنشطة التربوية والتعليمية على مستوى البحرين، وارتفاع نسبة النجاح في المواد العلمية، وابتكار العديد من البرامج والمجالات الإبداعية من قبل الطالبات، وتحقيق نتائج إيجابية في ثلاث مدارس حكومية في ضوء التقييم الذي صدر من قِبل عدة لجان تابعة لـ «مكتب التربية العربي لدول الخليج»، منها لجنة الجائزة في الرياض، ولجنة التحكيم المكونة من أساتذة من الجامعات الخليجية الست، مع مسئولي الجائزة ومصور المكتب من الذين حضروا إلى البحرين للمشاهدة والتقييم المباشر لنتائج المشروع بعد متابعته لمدة أربع سنوات، والقياس والتوثيق بالصوت والصورة لكل جوانب المشروع ونتائجه.

ثمة نقطة أخرى حرصت عبيد التأكيد عليها، وهي أن مشروعها يعدُّ امتداداً للجهود المبذولة في الحقل التربوي بالبحرين، وبأنه يسير في خط موازٍ وفلسفة التعليم لمدارس المستقبل وجهود وزارة التربية والتعليم في تأصيل القيم في نفوس الطلبة، ودور المناهج الدراسية للمرحلة الثانوية، وربط هذه المشاريع بالخطة الدراسية لكل مقرر دراسي، وتطبيق منظومة القيم في كل درس نظري وعملي وكل نشاط مدرسي لتتماشى وخطط الوزارة للمشاريع التطويرية بالمرحلة الثانوية.

وبما أن مشروع عبيد يتناول بُعداً حقوقياً مهماً، وهو حقوق الآخرين في التعايش والتفاعل مع القيم الإنسانية، وقد أثبت نجاحه وفعاليته في المدارس التي طبق فيها حتى نيله للجائزة، فإنني أعتقد بضرورة تطبيقه على المدارس الأخرى؛ لتعمّ الفائدة على مستوى الميدان التربوي، تماشياً مع السياسة الحالية لوزارة التربية والتعليم في تنفيذ ورش العمل والمشاريع التي تشمل عناوين حول قيم التسامح والمواطنة وحقوق الإنسان والحوار المدرسي، إلى جانب تطوير مناهج المواد الاجتماعية والتربية للمواطنة والمواد الإنسانية، استعداداً للعام الدراسي القادم 2012-2013م، وهو ما قرأناه في التصريح الأخير لرئيسة جهاز متابعة تنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق دانة الزياني.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3606 - السبت 21 يوليو 2012م الموافق 02 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 7:25 ص

      كيف ترى نفيسة عبيد ذاتها

      تذكرني هذه المديرة بصدام حسين حيث ملئت مدرستنا جداريات بصورها في سنة تقاعدها حتى بلغ عدد صورها في الصالة الرياضية بالمدرسة فقط اكثر من

اقرأ ايضاً