العدد 3620 - السبت 04 أغسطس 2012م الموافق 16 رمضان 1433هـ

الحل التائه في ضمير الغائب

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

في مجلس فيصل جواد يوم الخميس الماضي (2 أغسطس/ آب 2012)، أكد ولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، أن «رسالة أهل البحرين واضحة نحو السعي إلى إيجاد حل يلتقي فيه الجميع بتوافق للانتقال بالوطن إلى ما يصبو إليه من تعافٍ من آثار الفترة الماضية، وتحقيق المزيد من المكتسبات والتقدم، تأسيساً على ما عمل أهل البحرين على إنجازه».

للأسف أنه على رغم الطموح الذي يقودنا إليه سمو ولي العهد والذي نلتفّ جميعنا حوله، إلا أن بيننا من لا يريد لنا أن نعثر على طريق الحل، بل يعمل على قطع كل السبل المؤدية إليه، فكلما خرج تصريح رسمي عن بدء حوار قريب بين الدولة والمعارضة وأطراف المعادلة السياسية الأخرى، انهالت بيانات الاستنكار من كل حدب وصوب بعباراتها المصاغة بأسلوب مكرر عن «تعاون المعارضة الطائفية مع الخارج ودعمها لأعمال العنف، وسعيها لتحقيق أهداف فئوية ضيقة لا تخدم مصلحة العامة»، وأن «الشارع الذي التفّ حول الوطن وقيادته في فترة الأزمة لن يلتزم الصمت إزاء سلسلة التنازلات التي تقدمها الدولة للانقلابيين، وهو مستعد للنزول إلى الشارع إن تطلب الأمر» و«المطالبة بتطبيق القانون على الجميع دون محاباة».

هذا، فضلاً عن سلسلة المقالات الصحافية التي تتزامن مع هذه البيانات وتركز في مضمونها على حوادث فردية تعرض لها أشخاص في فترة الأحداث، في محاولة لإسقاط التهمة على مكون من المجتمع، وإضفاء صبغة طائفية على تلك الحوادث، وترك النفوس غير مهيأة لأي حل سواء من خلال حوار علني أو حتى مشاورات خلف الأضواء، على قاعدة «لا حوار مع الخونة».

وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي تقول إن «الحوار بين مكونات المجتمع ليس شعاراً بالدولة وإنما ممارسة، وكذلك بالنسبة لتحقيق المصالحة الوطنية؛ فإنها ليست غاية وإنما وسيلة لدعم الوحدة الوطنية والتأكيد على ثقافة احترام دولة المؤسسات والقانون»، بينما الواقع يؤكد عكس ذلك، فالحوار بات شعاراً مستهلكاً يتندر عليه المواطن، وتتهكم علينا الدول بسببه، بينما يتحدث عنه المسئولون بأمل وتفاؤل وهو الذي لم يجلب لنا إلا المزيد من الحسرة والألم، فأطراف وشخصيات كثيرة ترى فيه زوالها وانحسارها من الوجود، وهو ما لا تبتغيه وإن كلفها ذلك التضحية بالغالي والنفيس، فالمكاسب المتحققة في اليد والمغانم القادمة مع الأيام أكبر وأهم بالنسبة لها من إنهاء أزمة بين ليلة وضحاها. وهذا ما تفسره محاولات وأد أي حوار في مهده قبل أن يولد.

الوزيرة البلوشي خلال تدشينها المرحلة الثانية من حملة «وِحدة وَحدة»، أشارت إلى أنها «عبارة عن عمل متكامل للمصالحة الوطنية، في إطار تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، والتي تهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز قيم المواطنة في المجتمع، وترسيخ مفاهيم التعايش بين جميع الفئات والطوائف».

وإذا جئنا للمشاركين في الحملة فسنلاحظ أنهم مجموعة - ونضع خط تحت هذه الكلمة لأنهم لا يمثلون كل أفراد الشعب البحريني - من مختلف الفئات والأعمار، اشتركوا في عدد من الأنشطة تتعلق بالحوار والفن والألعاب الشعبية، بالإضافة إلى ورشة عمل بعنوان «التكيف مع الأزمات»، وما بعد ذلك نقطة على السطر، فلا أحد من عامة الناس بلغته أهداف الحملة ولا الأفكار التي طرحت فيها.

وعملياً لايزال هناك احتقان طائفي، تغذيه بشكل مباشر وسائل إعلام وصحف وأقلام خارج نطاق الرقابة والسيطرة، ومواقع تواصل اجتماعي تتحرك بشكل ممنهج لتصعيد التوتر بين الناس، فعن أي مصالحة وطنية تتحدث الوزارة؟ وأي تعايش هذا الذي يمكن أن يستنشق الأوكسجين وفينا من يتعامل مع زميله في العمل على أنه لا يستحق وظيفته التي يعمل فيها لأنه خائن ومرتهن لجهات خارجية ويتبع «الولي الفقيه»؟ ومن ذا الذي يشعر بالمواطنة وهو في كل مكان موضع استفهام (؟) لأنه ينتمي إلى طائفة من الناس وكل أفعاله بحاجة إلى تبرير ومسوغات حتى لا تفهم على أنها ضد الدولة أو مخالفة لمعايير الوطنية؟

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3620 - السبت 04 أغسطس 2012م الموافق 16 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً