العدد 3647 - الجمعة 31 أغسطس 2012م الموافق 13 شوال 1433هـ

اللهجات في البحرين: الضمائر المتصلة وظاهرة الكشكشة

هناك عدد من الضمائر التي تتصل بالفعل تعرف باسم الضمائر المتصلة، وهي موزعة على مجموعتين، تمثل المجموعة الأولى ضمائر الرفع أو تاء الفاعل ونون الفاعلين، أما المجموعة الثانية؛ فتمثل ضمائر النصب والجر كياء المتكلم وكاف المخاطب. وسنتناول في هذا الفصل ضمائر النصب والجر والتي تستخدم منها اللهجات في البحرين ثمانية منها فقط. وتختلف اللهجة البحرينية عن لهجة العرب في بعض الضمائر المتصلة، بل إن اللهجة البحرينية تنقسم إلى قسمين أساسيين بحسب نوعية الضمير المتصل المستخدم؛ وبالتالي فهناك ثلاث مجموعات من ضمائر النصب والجر المتصلة.

الضمائر المتصلة في لهجة العرب

المجموعة الأولى من تلك الضمائر المتصلة وهي الخاصة بلهجة العرب؛ وهي: ياء المتكلم (مثل: علمني)، وناء المتكلمين للمثنى والجمع بنوعيهما (مثل: علمنا)، وكاف المخاطب وهي موقوف عليها بالسكون مطلقاً (مثل: علمكْ)، وچاء المخاطبة (مثل: علمچ)، وكاف الخطاب للمثنى والجمع بنوعيهما (مثل: علمكُم)، وهاء الغائب وهي موقوف عليها بالسكون مطلقاً (مثل: علمهْ)، وهاء الغائبة (مثل: علمها)، وهاء الغائبين (مثل علمهُم).

الضمائر المتصلة

في اللهجات البحرينية

وفيما يخص اللهجة البحرينية، وبحسب نطق هذه الضمائر؛ فتنقسم إلى قسمين: اللهجة البحرينية العتيقة واللهجة البحرينية المتطورة. وتتشابه الضمائر المتصلة في اللهجة البحرينية المتطورة مع الضمائر في لهجة العرب وتختلف عنها في ضمير المخاطبة حيث يستخدم حرف الشين بدلاً من الچاء (مثال: علمشْ).

وأما في ما يخص اللهجة البحرينية العتيقة؛ فهي تتميز بوجود شين المخاطبة كما في اللهجة البحرينية المتطورة، وتتميز أيضاً بوجود چاء المخاطب أي للمذكر (مثل: علمچ) وچاء المخاطبين للمثنى والجمع بنوعيهما (مثل: علمچِم)، وكذلك هاء الغائبين حيث تنطق الهاء بالكسر (مثل: علمهِم). وقد كان النطق المرتبط بهذه اللهجة منتشراً بصورة واسعة في المناطق البحرينية المختلفة وخصوصاً هاء الغائبين التي بها كسرة والتي كانت منتشرة في جميع القرى البحرينية تقريباً باستثناء المنامة (Al-Tajir 1982، p. 221)، إلا أن النطق بهذه اللهجة انحصر حاليّاً في عددٍ من المناطق، وقد خصت چاء المخاطب وچاء المخاطبين بجزيرة سترة والقرى القريبة منها؛ كالعكر والمعامير والنويدرات وجد علي وتوبلي والكورة وكذلك بعض قرى الساحل الغربي كالدمستان وشهركان (مطر 1976، ص 86) و (Al-Tajir 1982، p. 221) إلا أنها لاتزال باقية في لهجة العديد من النساء المسنات في القرى البحرينية في المنطقة الشمالية، وهي لهجة في طريقها للانقراض. وكان الشخص الذي يتحدث بها يسمى أحياناً بالعكراوي (نسبة لقرية العكر من قرى الساحل الشرقي في البحرين).

ظاهرة الكشكشة

الكشكشة بمفهومها الحديث؛ هي عبارة عن نطق الكاف شين أو چاء في مواضع محددة، إلا أن هذا المفهوم لم يكن معروفاً في السابق، ويعتبر سيبويه أول من وصف ظاهرة الكشكشة دون أن يسميها بهذا الاسم؛ حيث قال: «فأما ناس كثير من تميم وناس من أسد فإنهم يجعلون مكان الكاف للمؤنث الشين، وذلك أنهم أرادوا البيان في الوقف؛ لأنها ساكنة في الوقف، فأرادوا أن يفصلوا بين المذكر والمؤنث، وأرادوا التحقيق والتوكيد في الفصل؛ لأنهم إذا فصلوا بين المذكر والمؤنث بحرف كان أقوى من أن يفصلوا بحركة ... وذلك قولك إنش ذاهبة، ومالشِ، يريد: إنكِ ومالكِ ... وقوم يلحقون الشين ليبينوا بها الكسرة في الوقف، كما أبدلوا مكانها للبيان؛ وذلك قولهم: أعطيتكِش وأكرمكِش، فإذا وصلوا تركوها» (عبد التواب 1999، ص 142).

وعرفت هذه الظاهرة بعد سيبويه باسم الكشكشة ونسبت إلى ربيعة ومضر وبكر وعمرو بن تميم وناس من أسد (عبد التواب 1999، ص 141 - 142).

وقد وصف غالبية اللغويين الكشكشة بأنها جعل الشين مكان كاف المؤنث، وينفرد أبو العباس ثعلب في كتابه المجالس بتعميم ظاهرة الكشكشة؛ فيصفها أنها جعل الشين مكان الكاف المكسورة مطلقاً سواء كانت للمؤنث أو لغيره (مطر 1976، ص 83)، ويبدو أن هذا التعميم أكثر مصداقية فنجد في كتاب رمضان عبدالتواب «فصول في فقه اللغة» العديد من الشواهد على الكشكشة في اللهجات العربية القديمة ومن ضمنها نطق كلمة الديك بالشين أي «ديش» (عبد التواب 1999، ص 144)، وقد علق عبد التواب على ذلك بقوله:

«أما تقييد القدماء ذلك بكاف المؤنثة فهو مبني - فيما يظهر - على استقراء ناقص، وعندما عثروا على مثال يعارض قواعدهم، وهو: (الديش) في الرجز الذي سقناه من قبل لجأوا في تفسيره إلى نظرية القياس؛ فقالوا: «شبه كاف الديك لكسرتها بكاف ضمير المؤنث». ويبدو أن «ثعلباً» فطن إلى ذلك حين تحدث في الكسكسة والكشكشة عن «الكاف المكسورة لا غير»، ولم يقيدها بكاف المؤنث كغيره من اللغويين» (عبدالتواب 1999، ص 144).

الكشكشة بين الشين والچاء

من أوائل من ناقش ظاهرة الكشكشة؛ هو إبراهيم أنيس في مطلع الخمسينات من القرن الماضي وذلك في كتابه: «في اللهجات العربية» حيث يتوصل أنيس إلى نتيجة مفادها أن العرب القدماء خيل لهم أن الكشكشة هي إبدال الكاف شيناً والواقع أن «ما خيل للقدماء أنه شين ليس شيناً خالصة كتلك التي نألفها «فهي حرف مزجي affricative هو «تْش» (أي چ) وهو متطور عن الكاف، وهذا هو الصوت الذي سمعه أنيس في بعض اللهجات في مصر ولم يسمع أبداً أية لهجة تبدل الكاف شيناً (أنيس 2003، ص 108). وهذا التطور خاضع لقانون «الأصوات الحنكية» الذي ظهر في أواخر القرن التاسع عشر وينص على أن «أصوات أقصى الحنك كالكاف والجيم الخالية من التعطيش، تميل بمخرجها إلى نظائرها من أصوات أمامية حين يليها صوت لين أمامي (كالكسرة)؛ لأن صوت اللين الأمامي في هذه الحالة يجتذب إلى الأمام قليلاً أصوات أقصى الحنك أو أصول الثنايا العليا» (أنيس 2003، ص 107 – 108).

كان أنيس مصيباً في استقرائه ولكن غاب عنه أن ظاهرة إبدال كاف المخاطبة شيناً خالصة هي أيضاً ظاهرة قديمة وباقية حتى يومنا هذا متمثلة في اللهجة البحرينية واللهجات الحضرية في شرق الجزيرة العربية وفي بعض مناطق الجزيرة العربية كمنطقة عسير، وموجودة لدى قبيلة العجمان في الكويت كما أنها شائعة في اللهجات اليمنية (القصاب 2001، الواحة العدد 22).

الكشكشة في لهجات البحرين

مما سبق يتبين أنه من بين الأصوات الساكنة في لهجات البحرين (لهجة العرب واللهجة البحرينية) والخليج العربي بصورة عامة يوجد صوت متطور عن الكاف وهو حرف الچاء، ويعتمد نطق حرف الكاف بهذا الصوت على مجاورة صوت اللين الأمامي وهي الكسرة أو ياء المد والفتحة المرققة أو ألف المد المرققة مثل: چاذب وچنعد ويبچي وسچين (مطر 1976، ص 79)، وتتميز لهجة العرب (كما في لهجة الخليج العربي) بظهور هذا الصوت «في خطاب المؤنثة: شلون أبوچ، عاش من شافچ. وفي اسم الإشارة للمؤنثة البعيدة، وإن لم يكن المخاطب مؤنثاً، نحو: هَذِيچ» (مطر 1967، ص 79).

بينما في اللهجة البحرينية؛ فتختلف الكشكشة عما هي في لهجة العرب حيث تستخدم الشين عوضاً عن كاف المخاطبة، بالإضافة إلى وجود ظاهرة فريدة وهي نطق كاف المخاطف چاء، وكاف المخاطبين چِم. أما كسر هاء الغائبين؛ فهي ظاهرة لغوية أخرى تعرف باسم الوهم وهي ظاهرة قديمة نسبت إلى قبيلة بني كلب (عبدالتواب 1999، ص 152) وهي لاتزال باقية في اللهجة البحرينية واللهجات الحضرية في شرق الجزيرة العربية لكنها آخذة في الانقراض (القصاب 2004، الواحة العدد 34).

العدد 3647 - الجمعة 31 أغسطس 2012م الموافق 13 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 7:46 م

      مافي تعليق

      حرف ch او تشأ لا يوجد في الحروف الابجديه ( حروف اللغه العربيه ) هو حرف فارسي بامتياز والسيد سيبويه ( رائحة التفاح) كان فارسيا

    • زائر 3 | 4:31 م

      أجمل اللهجات في البحرين

      أحب أن أتعلم لهجة أهالي سترة وكذلك الدير لأن كلامهم جميل ويضفي الابتسامة وحديثهم صريح وصادق ونابع من القلب، وقد حاولت أن أقلد كلامهم إلا أنه صعب جدا.

    • زائر 2 | 6:23 ص

      كلمة : لماذا ؟

      لماذا للسؤال نستعمل مكانها = ليش ؟ من وين جايه الكلمة ؟

    • زائر 1 | 2:07 ص

      الكاف تقلب إلى لفظ چ H

      عكراوي = عچراوي
      ديك = ديچ
      كم = چم

      والقاف تقلب غاء

      قلالي = غلالي
      قانون = غانون

اقرأ ايضاً