العدد 3649 - الأحد 02 سبتمبر 2012م الموافق 15 شوال 1433هـ

سيرة مناضل... عبق تاريخ

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

لم تكن روحه إلا سحابة ظللت المتجمعين لإحياء ذكراه في تلك القاعة التي اكتظت بوجوه محبيه.

نعم... كان حاضراً بروحه البيضاء التي رسمت درباً نضالياً يسير عليه من أحب نهجه وخطه، أو كما قال ابنه وليد: نهج تسير عليه الأجيال القادمة ليبقى حياً وتبقى ذكراه خالدة.

كان ذلك هو عبدالرحمن النعيمي الذي ظل نبراساً بعلمه وعمله وبأمله الذي لم ينضب فكان اسماً على مسمى: «أبا أمل...».

وكان هذا الحدث في فعالية ذكراه السنوية التي أقامتها جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) يوم السبت الماضي بقاعة جمعية المهندسين، حيث تجسدت الصبغة الوطنية التي حاول الكثيرون تفنيدها والتغنّي بمحوها بعد أحداث 14 فبراير/ شباط ولكن هيهات. إذ كان الحاضرون مزيجاً من مختلف التيارات والتوجهات، ومن الطائفتين الكريمتين... فكان السني يجلس بجانب رفيق طفولته وصباه وشبابه وكبره الشيعي، وكان المتدين يجلس بجانب الليبرالي، والمتعصب يجانب المنفتح، والمرأة تجلس بصف الرجل، والطفل أمام الكبير حتى بدت القاعة لوحةً من منمنمات العصور الذهبية للعرب.

أبى الراحل المناضل النعيمي إلا أن يثبت حتى بعد مماته أن هذا الشعب قادرٌ على كسر حاجز التوقعات؛ إذ حضرت التأبين شخصيات ما كان المرء يظن أنه قد يراها في فعالية تنظمها جمعية سياسية. ليس حباً في السياسة ربما؛ وإنّما وفاءً لرجل أفنى حياته في حب الوطن والنضال من أجل حريته، ولكي تسوده ديمقراطية أحبها ونشدها ليتحقق الوطن الذي يحلم به، والذي لا يرجف فيه الأمل أبداً.

قالها رضي الموسوي ليلتها: لو كان النعيمي بيننا لفعل وفعل... وهذا ما كان يتمناه كثير من المهتمين بالشأن السياسي والسياسيين مع كل معضلة تتعرض لها بلادنا الغالية.

كل الكلمات التي قيلت في حقه كانت لا تفيه حقه، وهو الذي أجمع على روعة قلبه وبياض سريرته كل من عرفه. فبرغم حزم المناضل الثوري وجدية عمله، إلا أنه كان إنساناً رهيف الحس تعلم منه كثيرون معنى الإنسانية.

ما أثار الشجن هو أن تمنع وفودٌ ودّت لو تشارك في الحفل من الحضور كما أعلن المنظمون، وكما ذكر الموسوي في كلمته ونصت كلمة المقاومة الفلسطينية التي لم يستطع رجالاتها المجيء بسبب منع إصدار تصريحاتهم للمشاركة. وكأن التاريخ يعيد نفسه ليذكر بما حدث قبل عام من الآن، حين توفي ومُنعت بعض الجهات من حضور تشييعه، وأقيمت له جنازة لو ترك الخيار للشعب لكانت أضعافاً مضاعفة. وكيف لا وهو من زرع في كل قلب وردةً، وفي كل دربٍ سنبلة.

عبق التاريخ يصدح في القاعة من خلال كلمات المتداخلين، ومن خلال الفيلم القصير الذي بُث حول سيرة النعيمي. وهذا ما استشعره بعض من أعرف من السياسيين ممن كانوا في تنظيمات سرية عرفوا أبا أمل من خلالها، إذ كانوا يتذوقون روعة استذكار تلك الحقبة، على رغم ألم تجارب الاعتقال وذكريات المنفى الطويل... لكنهم قالوا: عبق التاريخ كان حاضراً بياسمين النعيمي الذي أطلقته روحه البيضاء.

لروحك السلام أيها النقي ولوطننا ما حلمت وتمنيت...

سيشرق الأمل ويورق ويغمرنا النور مهما طال طول النفق.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3649 - الأحد 02 سبتمبر 2012م الموافق 15 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:10 ص

      لكم في النعيمي أسوة حسنة

      يجب ان نستلهم من تلك الشخصية الوطنية الفذة كل ألوان الصمود و الثبات على الحق و نكران الذات و الأمل مع العمل لغدٍ افضل لا يرجف فيه الأمل ... رحمك الله يا ابو أمل ...

    • زائر 3 | 4:10 ص

      لكم في النعيمي أسوة حسنة

      يجب ان نستلهم من تلك الشخصية الوطنية الفذة كل ألوان الصمود و الثبات على الحق و نكران الذات و الأمل مع العمل لغدٍ افضل لا يرجف فيه الأمل ... رحمك الله يا ابو أمل ...

    • زائر 1 | 12:54 ص

      الرحمة للنعيمي

      رحم الله عبدالرحمن النعيمي هذا الرمز الوطني الكبير الذي ستبقى سيرته العطرة.

اقرأ ايضاً