العدد 3649 - الأحد 02 سبتمبر 2012م الموافق 15 شوال 1433هـ

القس ديزموند توتو والحكّام العرب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

دعا القس الجنوب إفريقي ديزموند توتو إلى وجوب تقديم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وحليفه البريطاني طوني بلير إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، على خلفية حرب العراق، ووجّه لهما انتقاداً لاذعاً بسبب الدمار المادي والأخلاقي الذي سببته هذه الحرب.

المقال نشره في صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية، واتهم فيه بوش وبلير بالكذب بشأن أسلحة الدمار الشامل، وبينما لن يبلغ الخبر بوش قبل مرور عدة أسابيع، إلا أن بلير سارع للردّ بغضب، قائلاً: «إن ذلك ليس فيه جديد، وتكرار (الفرية) القديمة بأننا كذبنا بشأن أسلحة الدمار هو أمر خاطئ!

صدّام قتل الآلاف من شعبه وذبح خصومه السياسيين وقتل عرب الأهوار، وقتل الآلاف بأسلحته الكيماوية في مجزرة حلبجة، ووصل ضحايا الحرب العراقية الإيرانية إلى المليون». وهو دفاعٌ لا يبرّئ ساحته من التدليس، وفيه إقرارٌ بدوره في فبركة أدلةٍ كاذبةٍ لتبرير الحرب، حتى وإن تمخّضت عن إسقاط أحد الطغاة المستبدين في الشرق الأوسط.

توتو كان زميل نضال لنلسون مانديلا، وشاركه في الحركة المناهضة لنظام الفصل العنصري، الذي كانت تدعمه بريطانيا وأميركا حتى ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأ التغير في موقفهما حتى انتهى إلى الانهيار. وقد حصل على جائزة نوبل للسلام العام 1984، تقديراً لنضاله ضد النظام العنصري.

مقال توتو يكتسب أهميةً خاصةً، لأنه يقدّم قراءة رجل تاريخي خاض غمار السياسة من أوسع وأشرف الأبواب، وهو باب النضال من أجل الإنسان. وهو ينظر إلى المنطقة من خارجها، بعيداً عن الاستقطابات المذهبية التي يُراد لها أن تتحكّم في أمزجة وعقول شعوب المنطقة. كتب توتو: «قام زعماء أميركا وبريطانيا بفبركة الأدلة ليتصرفوا كبلطجية الملاعب الرياضية ويزيدوا الشقاق بيننا، ودفعونا نحو شفا الكارثة التي نقف عندها الآن وأمامنا مصير سورية وإيران». وأضاف أن «عدد قتلى حرب العراق منذ 2003 كافٍ لمحاكمة بوش وبلير في لاهاي... وفي عالم متصالح مع نفسه، يجب أن يكون مصير المسئولين عنها مثل مصير نظرائهم من الأفارقة والآسيويين الذين حوكموا على أفعالهم».

توتو يرى أن الهجوم على العراق جعل العالم «أكثر اضطراباً من أي نزاع آخر»، على خلاف ما يروّجه الإعلام الأميركي والبريطاني بأنه جعل العالم أكثر أمناً. ويرى أن حرب العراق هيّأت الظروف للحرب الأهلية في سورية واحتمالات صراع قد تطال نيرانه عدداً من بلدان الشرق الأوسط.

يبدو توجس القسّ توتو في محله تماماً، ففي حرب العراق وقفت أغلب الدول العربية مع الغزو، وبعضها قدّم دعماً لوجستياً وسخّر إمكاناته المادية وقواعده العسكرية للغزاة، وبعدما سقط الجمل انقلب يبكي على العراق!

والإعلام الذي نعت صدّام بالطاغية حوّله فجأةً إلى «شهيد الأمة». وهذا السيناريو يبدو حاضراً أمام توتو وهو يكتب مقاله، وعينه على ما يجري في سورية حيث يتطاير الشرر باتجاه لبنان والأردن وتركيا والعراق. وربما يقرأ الناس بعد عشرين عاماً، مقالاً لرجلّ مستقل من خارج المنطقة، يكلّمهم عن أنظمة دكتاتورية لم تعرف رائحة الديمقراطية يوماً، تحارب نظاماً دكتاتورياً آخر لإحداث تغيير «ديمقراطي» خارج حدودها!

ما يزيدنا إكباراً للرجل، انسحابه الأسبوع الماضي من قمةٍ للقادة في جوهانسبورغ، لرفضه الجلوس على منصةٍ واحدةٍ مع بلير، وهو موقفٌ لا يمكن أن يتجرأ على فعله أي سياسي عربي، حتى بعد أن أحيل بوش وبلير على التقاعد وأخرجا من حلبة السياسة للأبد!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3649 - الأحد 02 سبتمبر 2012م الموافق 15 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 12:19 م

      محرقية

      هذا قدرين نحن المسلمين نطلع من حرب وندخل في حرب

    • زائر 13 | 11:50 ص

      اتصدق ابوهاشم عندي احساس كبير بحصول احد المناضلين الحقوقين الخواجة اوبن رجب على جائزة نوبل للسلام

      واقول عندها تحقق الوعد بوجود توتو في البحرين بحصول احدهما وممكن شراكةبينهما بالحصول على جائزة نوبل للسلام وحينها سينقلب السحر على الساحر كما حدث في جنوب افريقياوسترى العجب العجاب اتمنى ان يحدث ذلك دعواتك سيدنا لنمحي هذه الظلامة ونقيم دولة المؤسسات والقوانين بحق بتفعيل قيمة المواطنة المستباحة حاليا وسابقا ولن تكون كذلك مستقبلا فنحن ننظر للمستقبل بعين التفاؤل برغم الالم والماسي التي نعيشها حاليا من تمييز وقطع لقمة العيش بسد باب الحصول على وظائف في قطاعات واسعة .

    • زائر 12 | 8:22 ص

      كلام فى الصميم

      صح الله لسانك ياسيد بل قل وهل يجرؤ أحد من الحكا م الشرق أوسطيين من عدم تنفيذ الأوامر الصادره لهم من المستر بوش وابلير وأضرابهم

    • زائر 11 | 6:36 ص

      ضحكتني

      زائر يقول زادة رواتب العراقين عشرة اضعاف و ما فائدتها اذا قيمة الدينار في الحضيض و ما فائدتها بدون امن انشاء الله معاشك مليار و لا تستطيع الخروج من بيتك فما فائدتها الاحسن تتلحف بمعاشك زائر كفاية كل يوم تفجيرات احمد الله انت في نعيم تنما من الله ان لايغير علينا

    • زائر 10 | 4:48 ص

      ريوس بالريوس!!!!!!

      في العراق يا ريوس ارتفعت الرواتب عشرة اضعاف .ليس هناك مقابر ماعية. ليس هناك اعتقال بسبب الرأي. احزاب كثيرة تتنافس على السلطة وانتخابات دون تزوير. التفجيرات التي تحدث من بين فترة واخرى يقوم بها فلول النظام السابق من الصداميين والتكفيريين.نعم هناك تقصير وهناك فساد وهذا يحتاج الى رقابة شعبية دائمة لمحاربة الفاسدين واستبعادهم من المراكز . نحن نزور العراق ونعرف لا احد يترحم على صدام كما تدعي يا ريوس.الله يحفظ العراق وينصر بقية الشعوب العربية.

    • زائر 9 | 4:29 ص

      الى رويس رقم

      ضحكتني با اخي كأنك غير موجود على الكرة الارضية هل جأت من المريخ توا ؟؟
      يا اخي شوف اللي صاير بوضوح واترك عنك الضبابية.
      وما يحدث في العراق هم ما يريده من ذعم صدام المقبور قبلا.

    • زائر 8 | 3:29 ص

      واقع الحال اذا حكم القوم من ليس اهلا للحكم

      واقع العرب مضحكا مبكيا في نفس الوقت ولا زال الى الآن كذلك لأن المتسلطين على رقاب الناس هم ليسوا اهلا لتسنم ابسط المناصب فما بالك بان يصبح احدهم زعيم امة.
      زعامة الامة تحتاج الى انسان لديه من الايمان والخوف من الله ما يجعله في خوف دائم من اي ظلم يقع على اي مواطن قريبا ام بعيدا.
      اما اذا انعدم الخوف من الله وحسابه وعقابه فالله يساعد هذه الشعوب التي تقع تحت طائل هذا الحاكم

    • زائر 7 | 2:03 ص

      ظالم و شهيد

      هناك مقولة تاريخية من لا يرد منكرا هو المنكر زات نفسه كما يقول المصريون ، وهذا عين العقل .
      في كان صدام بطل الأمة المغوار وسيفها الجبار
      ويأتي دور يفضح جرائمه ويدعون عليه عند الواحد القهار
      وبعد اعدامه تحول الى شهيد الأمه ، هذا يذكرني بالممثل
      الباز عندما أخذ هو ومجموعته بالتصفيق وحده وحده وحده
      عليهم . هذا هو الحال عليهم وياهم ما تفرق حسب الموجة . الرجل توتو أبى الا أن يكون صاحب مبدأ واضح لا تختلف عنده المواقف بالأمس ظالم واليوم شهيد.

    • زائر 6 | 1:21 ص

      ريوس

      ذهب صدام سواء أكان شهيدا أم طاغية, ولكن ماذا أتى بعده ؟ هل حصلت العراق على الديموفراطية المنشودة؟ هل تجسن حال المواطن؟ هل يشعر بالإمن والأمان ؟ هل يحصل على الكهرباء؟ هل تحسنت الأمور المعيشية؟ بإختصار - العراقيون هم أول من يترحم على أيام صدام وأول من يلعن خلفه. جاء بالدمار والقتل والدموية وفوق ذلك أصبح العراقيون أفقر دول العرب .. ريوس

    • زائر 5 | 1:19 ص

      حسرة عليهم

      بالامس تامروا على العراق واليوم يتامرون على سوريا. فسيبنفقون اموالهم ثم كتكون عليهم حسرة كما قال القران الكريم.

    • زائر 4 | 1:07 ص

      بين النسيان والانسان

      ليس من البديهيات بل من المسلمات أن الفتنة أشد من القتل .. وأن التجسس والهمز واللمز والتحريض على الكراهية يجران الى القتل ... فهل يسقطهما القانون بالتقادم أم نتذكر ولا ننسى؟

    • زائر 3 | 12:57 ص

      قانون الحكم وحكم القانون

      ألم يكن حكم القانون وحدود الله في التنزيل ميزانهما. فلا كيل بلا مكيال ولا وزن بلا أوزان ولا قدر بلا تقدير.
      فخارج القانون ليس فيه مخرج و قانون بلا خرج وخروج - هرج ومرج ..
      فكيف يحكمون والملك والأمر والحكم لله؟

    • زائر 2 | 12:57 ص

      تناقضات

      فعلا كانوا يوصفون صدام بفارس العروبة ولما غزا الكويت قالوا انه كافر وطاغية ويجب محاربته والجهاد ضده. وهم الذين سهلوا غزو العراق وبعدين يصيحون . ولما طبق عليه القصاص العادل وصفوه بالشهيد. امة متخلفة متناقضة اعماها التعصب المذهبي.

    • زائر 1 | 12:52 ص

      حجة على الحكام العرب

      هذا القس المسيحي حجة على الحكام العرب الذين ينفقون اموالهم على حرب بعضهم بعضا على حساب الشعوب ومصالحها وتنميتها.ز

اقرأ ايضاً