العدد 3655 - السبت 08 سبتمبر 2012م الموافق 21 شوال 1433هـ

الكادر الطبي... رايتكم بيضاء

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في حدث فريد على مستوى العالم العربي؛ اجتمع أفراد الكادر الطبي الذي قدم للمحاكمات العام الماضي في أصبوحةِ جمعةٍ جميلةٍ بأحد المجمعات التجارية، للاحتفال بذكرى عامٍ على الخروج من السجن.

الحدث فريدٌ بكل معنى الكلمة، فلا يمكنك أن تقرأ مثل هذا الخبر أو تسمع عنه في أية صحيفة أو فضائية عربية، سواءً في البلدان التي تعرضت لرياح الربيع العربي أو تلك التي مازالت في سباتها العميق.

القضية من أساسها يمكن أن تدخل كتب عجائب التاريخ، فهذا الكادر الطبي شارك في إنقاذ حياة عشرات المواطنين حرفيّاً، وأسعف مئات الحالات التي تعرضت للاختناق والإصابات الخطرة، قياماً بدوره الإنساني، والتزاماً بالقَسَم الطبي الذي يؤديه كل طالب طب عند تخرجه. وفي الوقت الذي تلكأت وزارة الصحة عن التعامل مع الحدث بدرجة خطورته، ومنع الوزير السابق سيارات الإسعاف من الإسعاف في تلك الأيام الحرجة؛ قام هذا الكادر بواجبه المهني على أكمل وجه، وهو على قناعةٍ تامةٍ بأنه بسبب ذلك تعرّض لهذه الانتهاكات الصارخة، التي بدأت بالاعتقال ولم تنتهِ باستقطاع الراتب والفصل عن العمل وصدور أحكام بالسجن لمددٍ طويلة.

الكادر الطبي لم يقتصر على الرجال، بل شمل الجنسين، وهذه إحدى الجوانب العجائبية في الموضوع على مستوى العالم العربي الذي مازالت أكثر دوله تراعي للمرأة مكانتها وتحفظ لها كرامتها وتتجنب إيذاءها أو سجنها لسبب سياسي.

والكادر من مناطق وأعمار مختلفة، من العشرينات حتى الستينات، ويتوزعون على عدد من الاختصاصات (طبية وتمريضية)، وبعضهم استشاريون، وهم يمثلون جزءًا أساسيّاً من الخبرات البحرينية التي يفخر بها الوطن.

الأطباء اليوم يتساءلون عن سر إصرار الوزارة على عدم رجوعهم إلى أعمالهم ومرضاهم، رغم تبرئة القضاء ساحتهم من التهم التي وجهت إليهم. كما يطالبون بمحاكمة من قام بالتشهير بهم في وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، وأحياناً في مؤتمرات صحافية لبعض الوزراء، فضلاً عن محاسبة من قام بتعذيبهم. وهم يطالبون بإعادة الاعتبار ولديهم إصرار على التمسك بحقوقهم، والالتزام بالبقاء في أرض الوطن لتقديم الخدمة للمرضى حتى وإن تلقوا عروضاً مغرية للعمل في الخارج.

إحدى القضايا المهمة التي أثارتها النقاشات في هذه الأصبوحة؛ وجود المئات من خريجي التمريض الذين ينتظرون التوظيف، بينما تنشر الوزارة إعلانات توظيف ممرضين في صحف دول أخرى عربية وآسيوية، وأكملت توظيف بعضهم في فترة قياسية.

الأطباء لم يكن لهم شأن بالسياسة كما يقولون قبل الرابع عشر من فبراير/ شباط 2011، ولكن الأحداث العنيفة وسقوط العدد الكبير من الجرحى والمصابين، ونقلهم تلقائيّاً إلى السلمانية (أكبر مجمع طبي حكومي) جعل من المستشفى مركزاً لتسليط الأضواء على الحدث البحريني. وشاهدنا حينها تواجد كثير من المراسلين العرب والأجانب هناك، حرصاً على تتبع الخبر وتداعياته. فالأطباء كانوا من الفئات البعيدة عن الحراك السياسي، لكنهم وجدوا أنفسهم في قلب الحدث، وتصرفوا انسجاماً مع ضمائرهم ووظيفتهم، وما تعرّضوا له من تنكيلٍ جعلهم اليوم في الصفوف الأولى لكل تجمع سياسي أو حقوقي.

أحد الاشكالات تتعلق باستبعاد الكفاءات في المراكز الصحية، والمعايير التي كان يؤخذ بها عند صدور تعيينات، أصبح يضرب بها عرض الحائط، ودخلت عناصر أخرى في التوظيف، لا تمتُّ للكفاءة والمؤهلات العلمية بصلة، مع توزيع المناصب الإدارية على أساس الانتماءات السياسية والطائفية، دون الاهتمام بالمعايير، وتجاوز معيار العدالة مع احتكار فرص التدريب. وهو ما ستظهر نتائجه قريباً، وقريباً جدّاً، على مستوى الخدمات الطبية.

إنه ليوم حزين أن يقف استشاري ليقدم شهادته قائلاً: «لقد لعبت وزارة الصحة دوراً في استهداف الأطباء ما أثر على الخدمات الصحية المقدمة للمرضى. الطبيب فَقدَ وظيفته وراتبه، ولكن المريض فَقدَ ثقته وحقه في الحصول على العلاج».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3655 - السبت 08 سبتمبر 2012م الموافق 21 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 3:30 م

      عجيب

      كشخها قاسم حسين

    • زائر 17 | 2:10 م

      اطبائنا الشرفاء .. شكرا لكم

      لم يخرج مواطن الى الشارع الا لطلب الاصلاح واسترجاع الحقوق المسلوبة ومن ميزات ثورتنا ان من خرج كان طبيب / معلم /عامل / محامي /مهندس كل فئات المجتمع
      كلنا لنا حقوق وسنأخذها رغما عمن لا يرضى

    • زائر 15 | 9:04 ص

      الي رقم

      تقرير بسيوني نفي اتهام الوزير السابق وايضا انتقذ تصرفات الاطباء والكادر الطبي فهم ليس ملائكة .. ولا تقرير بسيوني بس علي الحكومة ... والله البحرين كلها صارت عوراء حسافة عليك يا بحرين السنة والشيعة

    • زائر 14 | 7:25 ص

      وانقلب السحر على الساحر

      بدأت تظهر بوادر إنقلاب السحر على الساحر في الوزارات التي إتبعت سياسة إنتقامية من منتسبيها وخاصة وزارتي الصحة والتربية فعمت الفوضى في المدارس وفقدت إدارات المدارس سلطتها على المدارس بفعل تكدس المتطوعات بمسمى فنيات وهن لا يعرفن حتى مبادئ الطباعة على الحاسوب وبقين بلا عمل ومهام محددة
      ونفس الشيء حصل في المراكز الصحية والمستشفيات ففصل الأطباء والممرضيين أصحاب الخبرات وحل محلهم أطباء وومرضين وافدين بلا خبرات عملية وهمها في المقام الأول هو المادة فارتفعت معدلات الوفيات في الفترة الأخيرة بصورة واضحة

    • زائر 12 | 6:30 ص

      أفلام الكرتون وأفلام وثيقة بالحدث

      ليس من الغيبات ولا من المسلمات أن الله لا يحب المعتدين .. ولا تعتدوا .. ليس من إعملوا فيهما شيء.
      فلا يزال الناس في صدمة عميقة من الصورة التي بثتها القنوات التلفزيونية لما حدث. الصورة كانت أكثر تعبيراً عن اعتداء ثنائي المعنى جسدي ونفسي، إنساني ففردي وجماعي. أم أن ما حدث كان من مشاهد الأفلام لذا القبول به من المسلمات؟

    • زائر 10 | 3:56 ص

      الحقائق تبقى حقائق و ان عميت العيون عنها او تناساها البعض,,,,,

      "ومنع الوزير السابق سيارات الإسعاف من الإسعاف في تلك الأيام الحرجة"
      لو كان فيه قضاء عادل لقدم الى القضاء,,,,,

    • زائر 9 | 2:33 ص

      كل التحية والتقدير للكادر الطبي

      لقد رأفعتم رأس البحرين عاليا رغم الجور والظلم الذي نزل عليكم ولا زال ولكن كل ذلك بعين الله تعالى. فنتقدم لكم بالتهاني لنيلكم حريتكم وإن شاء الله كل حقوقكم وحقوق الشعب ورد الإعتبار.

    • زائر 8 | 2:14 ص

      استهداف الجميع

      ما يحدث في البحرين شيئ يفوق التصور ، وزارة الصحة ليست الوحيدة التي تمارس استهداف الكادر الطبي فقط بل الدولة بكل مكوناتها تحارب أبناء البلد ، لا توظيف ، لا بعثات ، لا تطبيب ، لا إسكان ولا حتى حرية التعبير عن الرأي ، بس ارجعو بيوتكم .

    • زائر 7 | 1:04 ص

      هي من عجائب الدنيا

      يقولون في الدنيا سبع عجائب ، الآن أصبحت ثمان عجائب ، أن يشهر ويهان ويعتقل ويضرب ويفصل كادر طبي وكادر أكاديمي فهي بلا شك أم المصائب وسوف تدخل في موسوعة العجائب الدنيوية، عموما صوت الحق سيعلو شاء من شاء وأبى من أبى وسوف ينال كل من شهر بهؤلاء النخبة من أفراد المجتمع سوف ينال العار وسيكون جزاءه مزبلة التاريخ وله الخزي في الدنيا والأخرة.

    • زائر 6 | 1:03 ص

      رايتهم انصع من البياض +لكن لا زال عقابهم قائم

      لا زال العقاب يمارس عليهم كما يمارس على باقي فئات الشعب الاخرى ثم يقولون لماذا لا تهدأون الشارع كيف يهدأ الناس والحرب قائمة على ارزاقهم واقواتهم وكرامتهم.
      نقول نحن شعب لم نخرج عبثا وانما خرجنا من اجل استعادة حقوق مسلوبة
      لن نتراجع عنها مهما يكن العقاب الجماعي ومهما يتخطى هذا العقاب لافضل فئات المجتمع مثل الكادر الطبي.
      المختصر المفيد لنا حقوق كشعب لن نتنازل عنها مهما لعب اللاعبون على الوقت ورقص الآخرون على الجراح ومن يتباكى على الوطن فالحل معروف

    • زائر 5 | 12:58 ص

      كم نفتقد الى أطبائنا الاستشاريين ونقص العلاج فى المستشفي الاكبر فى البحرين

      هذا هو حال الطائفية فى مجتمعنا الصغير والكبير بوعية السياسة والمتحضر، كما هو حال المرضي الذين يشتكون من نقص العلاج وعدم خبرة الاطباء المستقدمين من خارج البحرين مع وجود أكفأ الاطباء الاستشارين داخلها.

    • زائر 4 | 12:56 ص

      كم نفتقد الى أطبائنا الاستشاريين ونقص العلاج فى المستشفي الاكبر فى البحرين

      هذا هو حال الطائفية فى مجتمعنا الصغير والكبير بوعية السياسة والمتحضر، كما هو حال المرضي الذين يشتكون من نقص العلاج وعدم خبرة الاطباء المستقدمين

    • زائر 3 | 12:36 ص

      صدقت ياسيد

      فقدنا ثقتنا في الحصول هلئ العلاج ونتردد مائة مره قبل مانروح السلمانيه حفظكم الله يا اطباء ونصركم ونفع البلاد والعباد بكم

    • زائر 1 | 10:54 م

      شكراً لهم جميعاً

      شكراً لإنسانيتهم

اقرأ ايضاً