العدد 3688 - الخميس 11 أكتوبر 2012م الموافق 25 ذي القعدة 1433هـ

«موقعة الجمل» وسقوط القضاء

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الأخبار التي صدمت ملايين المصريين والعرب، صدور حكمٍ ببراءة المشاركين في «موقعة الجمل» ممن قتلوا المتظاهرين في ميدان التحرير أواخر أيام الدكتاتور المسجون حسني مبارك.

الواقعة اعتبرت حاسمةً في أحداث ثورة 25 يناير، حيث أسقط النظام المصري آخر ورقة توت تستره وكشف عن عورته للمرة الأخيرة. فقد أرسل مجموعةً من البلطجية لمهاجمة المتظاهرين الآمنين، فأوقعوا عدداً من القتلى والجرحى، في عرضٍ بربريٍّ شاهده العالم على الهواء مباشرة، في بث مباشر على الهواء.

حين ترجع بالذاكرة الآن، تعجب ممن أشار على النظام بارتكاب هذه الحماقة، وتعجب أكثر كيف استجاب لها النظام. فلم يكن النظام بحاجةٍ لمشهدٍ أشد انحطاطاً، من منظر بلطجيةٍ يهاجمون متظاهرين آمنين على ظهور الجمال والخيول. ولم يتلقَّ النظام ضربةً أقسى ولا أوجع من هذه الحماقة، التي عجّلت بالذهاب بآخر ما تبقى لديه من هيبةٍ واحترام.

لقد كانت «موقعة الجمل» معركةً حاسمةً فعلاً في تاريخ ثورة 25 يناير التي فجّرها شباب مصر، وقدّموا فيها التضحيات الجسام مطلع الربيع العربي. ولذلك أثارت تبرئة قتلة المتظاهرين موجةً عارمةً من الحنق على القضاء المصري. وعلى إثرها تداعت الأحزاب المصرية المختلفة، وطنيةً ويسارية، ليبراليةً وإسلامية، بما فيهم «الأخوان المسلمون»، إلى المطالبة بإعادة محاكمة كل المتهمين في أحداث ثورة الشباب الأحرار.

إن صدور أحكام بالبراءة بصورةٍ جماعيةٍ على جميع المتهمين، يطرح الكثير من الأسئلة عن مدى جدية النظام الجديد الذي يتحكم فيه الأخوان أنفسهم، ويضعهم على المحك من ناحية الرغبة في تطبيق العدالة للجميع. كما يطرح أسئلةً أكثر إيلاماً عن مدى نزاهة القضاء المصري، وعن مدى صحوة ضمائر القضاة الذين لم تحرّكهم دماء الضحايا، فإذا ماتت ضمائر القضاة وسدنة العدالة، فعلى البلاد السلام.

إن من الصعب أن يثق الشعب بقضاءٍ محنّطٍ من هذا القبيل، وكان الرأي العام المصري والعربي والدولي، ينتظر أحكاماً غير هذه الأحكام الهزلية الفاضحة؛ أحكاماً تدل على احترام حقوق البشر، ولا تستخف بآلام ومعاناة الشعب. فالقضاء الذي يفترض أن يكون محراباً للعدالة، وعوناً للضعفاء، وملجأً للمظلومين، تحوّل إلى مقصلةٍ لحقوق الضحايا والأبرياء... ومهزلةٍ لتبرئة القتلة والجناة.

إن سقوط هيبة القضاء المصري، لا يقتصر على داخل مصر، وإنما هو سقوط مدوٍّ على مستوى العالم. فالجريمة تمت فصولها على مسمع ومرأى من العالم أجمع، حيث كان يتابع أحداث ثورة الشباب الأحرار يوماً بيوم. ولم يكترث النظام وأركانه، باحتمال أن تُبثّ وقائع هذه المجزرة على الهواء، حيث كانت الكثير من الفضائيات العربية والأجنبية تغطي الحدث المصري عن كثبٍ آنذاك. لقد أثبت النظام المصري السابق استهتاره بدماء شعبه وبموقف العالم الخارجي على حدٍ سواء.

ما حدث في مصر حالةٌ نموذجيةٌ لتفسخ نظام القضاء في المنطقة العربية، فلا يعدم النظام طرقاً التفافيةً لتحقيق أهدافه في اغتيال العدالة من خلال طمس أدلة الجريمة، والتلاعب بأدلة الإدانة، والإمعان في احتقار الضحايا وإذلال أهاليهم، وضمان إفلات الجناة من العقاب.

لقد كانت تبرئة القتلة مهينةً لمصر، وهو ما دعا المصريين بما فيهم «الأخوان» الحاكمون، للدعوة إلى التظاهر اليوم-الجمعة، في مليونية «تحقيق العدالة والثأر للشهداء».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3688 - الخميس 11 أكتوبر 2012م الموافق 25 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 12:56 م

      وجهان لعملة واحدة

      الإخوان والسلفيون التكفيريون هم وجهان لعملة واحدة و إن إختلفت المسميات،و كلاهما لا يصلح للحكم، فمن أوصل هؤلاء لسدة الحكم بعد كل هذه التضحيات من الشعب المصري الأبي. هذا الشعب العظيم يحتاج إلى ثورة أخرى

    • زائر 21 | 12:43 م

      سقوط القضاء المصري (وغيره من القضاء الظالم)على مستوى العالم .. هذا صحيح .... ام محمود

      نتساءل هل ستنجح مليونية الثأر للشهداء في اعادة النظر في الأحكام الصادرة بالتبرئة و صور الموقعة واضحة و منتشرة عالميا و تذكرنا بالغزوات التي حدثت عندنا و الافلات من العقاب .. ولكن يا سيد قاسم عندما تقرأ أحاديث الرسول الأكرم الشريفة عن آخر الزمان فهي تطابق الواقع الذي نعيشه..
      قال رسول الله ص : لسان القاضي بين جمرتين من نار حتى يقضي بين الناس فإما الى الجنة و إما الى النار.
      - يكون في آخر الزمان أمراء ظلمه ووزراء فسقه و عرفاء ظلمه و أمناء خونة.
      -لكل شيء آفة تفسده و آفة هذا الدين ولاة السوء.

    • زائر 20 | 12:31 م

      الأنظمة العربية ارتكبت العديد من الحماقات و البطولات البهلوانية على حساب الشعب المستضعف .... ام محمود

      انصدمنا أمس بتبرئة المتهمين المتورطين في موقعة الجمل و هي الورقة الخاسرة التي نفذها حسني مبارك قبل تهاوي حكمه و لا ندري من صاحب هذه الفكرة الجهنمية و هي استخدام الوسائل البدائية من جمال و خيول و حمل السيوف و السكاكين و قتل المتظاهرين بأساليب الجاهلية
      و هذا الحكم الجائر سيكون له تداعيات في مصر
      كما اني ما زالت مصدومة بشدة من بيانات الاستنكار و الادانة التي قامت بها بعض الأندية الرياضية عندنا و المآتم و البوتيكات على قولتك في مقال الأمس و هذه كلها حركات مالت أول وكأنهم في سبات لماذا لم يستنكروا

    • زائر 17 | 6:12 ص

      قطاع غزة شاهد!!

      ثم ماذا تغير على قطاع غزة الذي كان محاصراً من قبل حسني مبارك قبل بني صهيون؟؟!! ألم يتنفس الغزاويون الصعداء - وهم الإخوانجية- بوصول الإخوانجي مرسي إلى سدة الحكم؟! ثم ماذا بعد؟ تدمير الأنفاق التي تعتبر الرئة التي يتنفس منها قطاع غزة!!! هذا هو مرسي ياسيد!! فكيف تريدنا أن نستغرب من تلك الأحكام لواقعة الجمل؟؟!!!
      أبو صادق الدرازي

    • زائر 19 زائر 17 | 7:15 ص

      وجهان لعملة واحدة

      صدقت يا بو صادق وعلى ما يقول المثل: تيتي تيتي مثل ما رحتي ايجيتي
      ومرسي ومبارك الإثنين يبدئون بحرف الميم (وإن اللبيب لبالإشارة ... يفهم.

    • زائر 14 | 4:28 ص

      تدهور أم ... إنحدار غامض

      أنّى لكم بقمة الكمال والقضاء العربي مازال يقبع في درك الهوان يواصل زحفه البطيء في المتاهات والمنعرجات ،يُنجز تعبئته خلف الستار ، ألا يعني ذلك مدلولا سياسياً ؟! ما لم يعبّر عن إرادة مجندة تُسهم في تحريف مجرى مغلوط . وتحياتي لكم ... نهوض

    • زائر 12 | 3:43 ص

      عجيب

      تم الحكم ببراءة القتلة في موقعة الجمل في مصر وهنا في البحرين تم تبراءة القتله وكل من قتل الشعب فما هو الغريب في الموضوع ؟

    • زائر 11 | 3:13 ص

      أخالفك الرأي سيد

      أنا لم أستغرب أبداً من تلك الأحكام ولم تحرك في جسمي شعرة لسبب بسيط وهو أن مبادئ حسني مبارك لازالت هي من تحكم مصر والدليل: كانو يعيبون على مبارك علاقاته واتفاقية الغاز مع اسرائيل والتضييق على غزة والسمع والطاعة لأمريكا فما الذي تغير بعد سقوطه؟! هل غير مرسي أو حتى لمح بتغيير أي مما ذكر؟ الجواب كلا!! فلماذا أستغرب من صدور أحكام ببراءة متهمي واقعة الجمل؟! أعتقد أن الشعب المصري يحتاج لثورة ثانية ، وهذا رأي كثير من المصريين!! أبو صادق الدرازي

    • زائر 15 زائر 11 | 5:33 ص

      كلامك عين الصح

      وأنا أقول بأن الرئيس الجديد هو الوجه الاخر للعملة والثاني هو الجديد والقضاة ولم يتغير شيء عن السابق ... هذا ما نراه .. والملاحظ بأن العلاقات مع اسرائيل ستكون أقوى من السابق.

    • زائر 10 | 2:58 ص

      الشهيد حسام الحداد

      غزوة الجمل وتبعاتها تذكرنى بقتل الشهيد حسام الحداد وتفاصيلها.....

    • زائر 8 | 1:27 ص

      نفس الموال

      ......يبرأ القاتل ويدان المقتول وهذا عرف الحكومات الظالمة فلا أستغراب .....

    • زائر 7 | 1:18 ص

      عجبا بهؤلاء القضاة

      عن أبي عبد الله عليه السلام قال : القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة : رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة ، وقال عليه السلام : الحكم حكمان : حكم الله وحكم الجاهلية فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية

    • زائر 18 زائر 7 | 6:21 ص

      هذا على ايام النبي هل مازالت النسبة

      اذا ثلث القضاة في عهد النبي في النار فكم النسبة الآن ؟

    • زائر 6 | 12:49 ص

      أيهما أخطر غزوة الجمل الأًلى أو الثاني؟

      لا تنسى الإمام على عفا وأحسن عن من قادوا غزوة حرب الجمل الأُولى .....

    • زائر 4 | 11:57 م

      يا منتقم

      انشاالله بجي يوم الحساب يوم القضا العادل ان الله يمهل ولا يهمل. يوم يعض الظالم عل انامله ويقول ربي ارجعون لعلي اعمل صالحا ولكن هيهات

    • زائر 13 زائر 4 | 3:55 ص

      يرجى التدقيق قبل النشر

      اذا نستشهد بآية من القرآن الكريم يجب ذكرها بشكل صحيح (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ) وكلمة أن شاء الله هكذا تكتب

    • زائر 3 | 11:22 م

      تلك شهادة على الفساد

      تلك شهادة على الفساد وما أكثره ....... عندما يقف من هو ........ ويكيل التهم قبل المحاكمة وتنفي لجان التحقيق والمحاكم ما نسبه وادعاه دون ان يحاسب .......وهي فساد افضع من هذا الفساد والعالم ان يشهد

    • زائر 2 | 10:48 م

      المشرع للقانون في مصر المصريون وفي بلدي من سن القوانين وشرعها والى اليوم خبراء مصريون في القانون ولكنها لخدمة طرف معين والقانون لا يطال الجميع فكما برئ من قتل المتظاهرين في مصر بموقعة الجمل هنا برئ من قتل المتظاهرين بالدوار الشاب علي المؤمن والحاج عيسى عبدالحسن ولكن اينهم من محكمة السماء التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة .

اقرأ ايضاً