العدد 3707 - الثلثاء 30 أكتوبر 2012م الموافق 14 ذي الحجة 1433هـ

الإعلامي... بين أخلاقيات المهنة والمصالح الشخصية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في زمن تنوعت فيه الوسائل الإعلامية، وأصبحت المعلومة الصحيحة أو الخاطئة تخترق كل الحواجز والموانع الحدودية في ثوانٍ معدودة لتصل إلى جميع أنحاء العالم بمختلف اللغات، لم يعد الإعلامي وحده يتحكم بحركة المعلومة بعد اليوم. فهناك الملايين من البشر يشتغلون في نقل الأخبار وتوثيق الأحداث أولاً بأول في بلدانهم ويبثونها عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وقد تمكنت الشعوب في مختلف القارات من الاطلاع على مواقع التوتر والأحداث في العالم بكل بساطة، وأصبحت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة مكشوفةً للشعوب إذا ما كانت أمينةً في نقل الحدث أو المعلومة أم غير أمينة.

فالكثير من تلك الوسائل الإعلامية مازالت تتبع الأساليب البالية في نقلها للخبر، ناسية أو متجاهلة الطفرات الواسعة في هذا المجال، ظناً منها أنها تستطيع تزييف الحقائق، وقلب الحق باطلاً والباطل حقاً، وتصوير البريء مذنباً والمذنب بريئاً. ولم يخطر ببالها أنها ستكون محل سخرية واستخفاف في أوساط الشعوب الواعية، والأمثلة كثيرة. ألم يصوّر الإعلام الأطباء بأنهم مجرمون وخونة، فكيف تعامل العالم مع هذه القضية؟ هل صدّق تلك الادعاءات الواهية؟ أم كذّبها وأصر على موقفه الرافض لكل ما قيل عنهم، حتى حكم القضاء ببراءة جلهم، بعدما حكم بسجن بعضهم سنوات طويلة تصل إلى 15 سنة. والقضية الأخرى التي أعطاها الإعلام مساحات واسعة، واستخدمها بطائفية بغيضة، وجعلها وسيلةً لإحداث فتنة طائفية لا تبقي ولا تذر، ونسجت قصة واهية ليس لها أساس في الواقع، مفادها أن المعارضة اعتدت على مؤذن بالضرب المبرّح وقامت بقطع لسانه. العقلاء لم يصدّقوا القصة بكل تفاصيلها، لمعرفتهم بسجايا وأخلاق وسلمية هذا الشعب الأصيل، وتاريخهم الطويل يشهد بذلك. فلهذا استنكر أكثر الناس أسلوب الإعلام المقيت الذي استخدم قصة مختلقة لإيجاد فرقة طائفية بين أبناء الوطن الواحد، والتي نفى القضاء البحريني واللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وجودها في الواقع.

لن نعرض المزيد من القصص الخيالية التي نسجها الإعلام وأثبت القضاء عدم صحتها جملةً وتفصيلاً، فالكل في هذا البلد يتابع مرافعات المحامين أمام المحاكم، التي كان لها الدور الأكبر في إبراز الحقيقة التي حاول الإعلام تزييفها، وصدق من قال إن مهنة الإعلام هي من أصعب المهن على الإطلاق. فالعالم الواعي يحكم على الإعلامي الذي يتعمد تزييف الحقائق، إنه قد اعتدى على أمن البلد ووحدته بمخالفته الصريحة لأخلاقيات المهنة، وفي مقدمتها الصدق في نقل الخبر، واحترام الكرامة الإنسانية عند التحدث عن أية قضية سياسية أو إنسانية أو اجتماعية، والموضوعية في طرح القضايا العامة، وتحمل المسئولية تجاه مجتمعه، وأن يمارس العدالة بين جميع فئات وطنه، مع عدم إطلاق أحكام مسبقة على الأفراد والجماعات قبل البتّ فيها قضائياً. كما لا يحق له عرض أسماء ونعت أصحابها بالمذنبين وغيرها من النعوت السلبية بينما لم يثبت القضاء أنهم مذنبون.

إن بلاء الوطن يأتي جزء كبير منه، من إعلامٍ لا يلتزم بالمواثيق الأخلاقية والمهنية، التي توجب على المشتغل بالإعلام أن يكون لكل فئات المجتمع، والعمل بحيادية تامة مع مختلف القضايا، وأن لا يقدّم مصالحه الشخصية على مصالح الوطن والمواطنين، وأن لا يطلق العنان للتعبير عن نوازعه الشخصية في الحقد على الآخرين، وتصوير الأمور على أنها صراعات ضارية بين مكونات البلد، وهو يعلم قبل غيره أن ما يقوله باطل. فالذين ضربوا أخلاقيات المهنة عرض الحائط، راحوا يتخبطون في كلامهم، فتحولوا من إعلاميين إلى مهرّجين يضحكون الناس على برامجهم التهريجية، حتى تميز بعضهم بلغته السوقية وأسلوبه الهابط والبعيد عن أخلاقيات الإعلام الحقيقي، والذي لن تسعفه تهيئة محطة فضائية خاصة ليمارس مخططه غير الوطني بعيداً عن الإعلام الرسمي، بنفس الأسلوب والآلية والأهداف، محاولاً الاستخفاف بثقافة ووعي أبناء البلد. وهو لا يدري أنهم يستخفون بهذا النهج المبتذل حتى تحول إلى أضحوكةً في المجالس والمنتديات والأندية. وكما قال أحد متابعيه إنه يجسد بعض الشخصيات الهزلية التي ذكرت في التاريخ، والتي اختارت لنفسها أن تكون مسخرة في أوساط مجتمعاتها. فأين ذلك من الإعلام الحقيقي الرشيد؟

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3707 - الثلثاء 30 أكتوبر 2012م الموافق 14 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:12 ص

      لأنهم

      الأنهم لا يعرفوا شياً من الأعلام ومن خلاقيات الأعلام بل هم عبدة الدينار لذلك تراهم يفعلون ما يفعلون الباطل حق والحق باطل

اقرأ ايضاً