ذكرت مصادر مصرفية وثيقة، أن بنك الاستثمار الدولي «آركابيتا» (Arcapita)، ومقره البحرين، يعمل على تجهيز خطة ثانية (أحادية) تسلّم إلى المحكمة الأميركية بحلول منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2012، تركّز على التخارج من محفظة الاستثمارات.
جاء ذلك بعد أن أخفق البنك في الحصول على التزام من المساهمين بضخ 250 مليون دولار كرأس مال جديد كانت المحكمة الأميركية قد طلبته للموافقة على خطة (ثنائية) قدّمها البنك، والتي انتهى موعدها في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2012.
وأبلغ مصدر مطلع على القرارات «الوسط» أن «المحكمة طلبت من «آركبيتا» أن يضخ 250 مليون دولار كرأس مال جديد من المساهمين الحاليين أو مستثمرين جُدد الذين يرغبون في الحصول على حصة في البنك لقبول خطة إعادة هيكلته».
وأضاف إذا فشل البنك في ضخ المبلغ المقترح، فإن ذلك سيفسح الطريق أمام الدائنين للتقدّم بخطط خاصة بهم بهدف استعادة الديون البالغة 2,5 مليار دولار، من ضمنها 1,1 مليار دولار تمويلات إسلامية».
خطة ثانية
مصدر آخر وثيق الصلة أفاد بأن بنك «آركابيتا» عرض على المحكمة ولجنة الدائنين غير المضمونين خطة إعادة هيكلة تشتمل على خيارين بديلين للدائنين (ثنائي وأحادي)، واشترطت المحكمة قبول (الثنائي) عند قيام «آركابيتا» بجمع رأس مال جديد لدعم إعادة هيكلة البنك في إطار خطة تمويل جديدة «بما يحقق أقصى القيمة لمحفظة استثماراته الحالية، وبما يسمح له الاستفادة من فرص استثمارية جديدة».
وأبلغ المصدر «الوسط» أن البنك «اتفق مع الدائنين والمحكمة على أنه إذا لم يتمكّن البنك من جمع 250 مليون دولار من رأس المال الجديد كحدّ أدنى قبل حلول الأول من نوفمبر 2012، فإنه سيبدأ بالعمل بالخطة الأحادية، والتي يركّز «آركابيتا» فيها على التخارج من محفظته الاستثمارية مع مرور الوقت».
وبيّن المصدر، الذي رغب في عدم ذكر اسمه، «أنه على رغم التأييد الملحوظ من المستثمرين، لم يتمكّن آركابيتا من الحصول على التزامات بتلك القيمة قبل حلول الموعد النهائي في الأول من نوفمبر 2012. ونتيجة ذلك، وفي ظل التزام آركابيتا تجاه المحكمة الأميركية، بدأ البنك إجراء مناقشات مع لجنة الدائنين غير المضمونين ومستشاريها بشأن تقديم الخطة الأحادية بحلول 15 ديسمبر 2012». وأوضح أنه من المتوقع أن تستمر إدارة آركابيتا في إدارة عمليات البنك ومحفظة الاستثمارات «بما يحقق أقصى المنفعة لجميع المعنيين، ويشمل ذلك المستثمرين، وحالما يتم التوصّل إلى اتفاق مع الدائنين، سيصبح آركابيتا قادراً على الخروج من حماية الفصل الحادي عشر بموجب خطة إعادة هيكلة توافق عليها المحكمة».
تمويل جديد
وفي هذا الإطار، وافقت المحكمة الأميركية خلال جلسة عقدت في 7 نوفمبر 2012، على تسهيلات تمويل بقيمة 125 مليون دولار مقدّمة لبنك آركابيتا من فورترس كريديت كوربوريشن Fortress Credit Corp)) «وسيتم استخدام هذا التمويل في استكمال إعداد الخطة الأحادية وتنفيذها»، بحسب ما أفاد به المصدر.
وكانت مصادر مقربة من البنك قد أفادت أن البنك يستعد لتقديم خطة إعادة الهيكلة للحصول على موافقة المحكمة الأميركية في إطار التحضيرات الجارية لتسوية التزامات البنك وسداد مستحقات الدائنين، بعد أن تقدم في شهر مارس/ آذار 2012 بطلب حمايته من الدائنين بموجب الفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس الأميركي بعد مواجهته صعوبات في سداد تسهيلات ائتمانية مستحقة.
ويبلغ مجموع الأصول التي يملكها بنك «آركابيتا» نحو 2,5 مليار دولار، في حين يقوم بإدارة أصول تبلغ قيمتها نحو 6 مليارات دولار، معظمها في الولايات المتحدة الأميركية.
وتعدّ استحقاقات ديون «آركابيتا» واحدة من أكثر الالتزامات تحدياً التي تواجهها المنطقة في العام 2012، وقد جاءت في خضمّ الأزمات الاقتصادية التي تشهدها دول منطقة اليورو، بعد الأزمة المالية العالمية، والتباطؤ الاقتصادي السائد في بعض الدول الصناعية.
وبنك «آركابيتا»، المعروف سابقاً باسم بنك الاستثمار الإسلامي الأول، مملوك إلى مستثمرين في دول الخليج العربية وكذلك مستثمرين من دول شرق آسيا. ومعظم استثمارات البنك هي في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وتدار من خلال محفظة مسجّلة في جزر الكايمان.
وقد أنحى البنك باللائمة على صناديق التحوّط لتشدّدها والحيلولة دون التوصّل إلى إعادة جدولة تسهيلات تمويل بالمرابحة بقيمة 1,1 مليار دولار حل موعد استحقاقها في 28 مارس 2012. واشترى عدد من هذه الصناديق 25 في المئة من تسهيلات المرابحة بأسعار مخفضة أملاً في الحصول على فوائد قبل أن يفشل البنك في تسديد التمويلات الإسلامية.
شراء الديون
من ناحية أخرى، ذكر مسئول مصرفي يعمل في أحد المصارف الأجنبية في البحرين، أن مستثمرين من مملكة البحرين وكذلك من خارجها، مثل لندن، استمروا في الاتصال بالمؤسسات التي لها ديون على «آركابيتا» لمعرفة رغبتهم في بيع هذه الديون إليها بأسعار منخفضة قبل أن ترتفع إلى نحو 40 في المئة من القيمة الأصلية في الوقت الحاضر.
وأضاف في تصريح مقتضب إلى «الوسط» أنه «تلقى على العديد من الاتصالات من مستثمرين في البحرين وكذلك لندن يطلبون شراء الديون. مصرفنا لا يريد أن يبلع هذه الديون بسبب أن الأسعار المعروضة ضعيفة جداً، ولدينا أمل في الحصول على مبلغ يصل إلى 90 في المئة من هذه الديون؛ وخصوصاً أن البنك لديه أصول كثيرة». لكن المصدر رفض أن يذكر مزيداً من التفاصيل.
وقد تأثر «آركابيتا»، مثله مثل كثير من المصارف والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم، بالأزمة المالية العالمية التي بدأت في الولايات المتحدة الأميركية في العام 2008، قبل أن تنتشر إلى بقية العالم، ثم جاءت بعدها أزمة الديون السيادية الأوروبية، والركود الاقتصادي العالمي.
وتضم قائمة دائني البنك مصارف ومؤسسات في البحرين منها مصرف البحرين المركزي بتسهيلات تبلغ نحو 255 مليون دولار، وضمان بنكي مقدّم من بنك البحرين الوطني لأحد مشاريع البنك في المملكة بقيمة 132,2 مليون دولار، بالإضافة إلى 115,5 مليون دولار إلى شركة التطوير العقارية، «خليج البحرين»، والتي يملك البنك فيها حصة تبلغ 60 في المئة.
ومن ضمن المؤسسات الأجنبية الدائنة لبنك «آركابيتا» المجموعة الماليزية ماي بنك (Maybank)، وهو واحد من أكبر البنوك في جنوب شرق آسيا، ولديه فرع في البحرين. وقدّم البنك تمويلات بلغت 40 مليون دولار إلى «آركابيتا»، من ضمنها 10 ملايين دولار من فرع البحرين، الذي يغطي دول المنطقة.
العدد 3718 - السبت 10 نوفمبر 2012م الموافق 25 ذي الحجة 1433هـ