العدد 3734 - الإثنين 26 نوفمبر 2012م الموافق 12 محرم 1434هـ

الهروب للأمام

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الواضح تماماً أنه ما لم تكن هناك إرادة حقيقية للإصلاح، فإن محاولات الهروب للأمام، وحملات العلاقات العامة الخارجية، وتثبيت الحل الأمني، لن يفضي إلى أية نتيجة، سواء في الداخل أو الخارج، وخصوصاً إن صاحب كل ذلك، تضييق على الحريات العامة والدينية وقمع حرية الرأي والتعبير، وسحب جنسيات المواطنين.

فعلى المستوى الداخلي، فإن هذه الأمور لن تزيد الوضع إلا احتقاناً سياسياً، وخسائر في الأرواح والممتلكات، وركوداً اقتصادياً، وهروب الاستثمارات الأجنبية، وشقاقاً بين مكونات المجتمع البحريني، وكل ذلك يمثل كلفة باهظة لا تستطيع البحرين احتمالها.

في حين أن محاولات تجميل صورة الوضع البحريني في الخارج، سواء عن طريق شركات العلاقات العامة، أو الوفود الرسمية، أثبتت حتى الآن فشلها في إقناع دول العالم والمنظمات الحقوقية الدولية بوجهة النظر الرسمية من أن الحراك الشعبي في البحرين حراك طائفي مدعوم من الخارج.

فحتى حكومة الولايات المتحدة الأميركية، والتي تعتبر دول الخليج والبحرين شريكاً مهماً واستراتيجياً وصديقاً قديماً لها، تؤكد على لسان المتحدثة الرسمية للخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أن البحرين «مازالت متأخرة في تنفيذ كامل توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، لاسيما فيما يتعلق بمساءلة الرسميين عن الإساءات، والقيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع، وإصلاحات ذات مغزى في قطاع الأمن والبيئة السياسية، التي أصبحت قاسية على نحو متزايد فيما يخص المصالحة».

فيما ترى بريطانيا، وعلى لسان وزير شئون الشرق الأوسط، أليستر بيرت، أن «البحرين بطيئة في تنفيذ التوصيات، وأن هناك الكثير جداً مما يتعين عمله بشأن تخفيف الرقابة والسماح بحرية أكبر للمعارضة للاتصال بوسائل الإعلام، وشمول قوات الأمن أفراد من كل طوائف المجتمع، كما أن هناك علامات استفهام بشأن المساءلة عن حالات الوفاة ومزاعم التعذيب عقب الإضرابات في 2011».

وخذ على هذا المنوال، مجلس اللوردات البريطاني والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والتي سترسل فريقاً حقوقياً إلى البحرين بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول لمراجعة التدابير التي اتخذتها الحكومة لتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والتوصيات التي وافقت عليها البحرين خلال الاستعراض الدوري الشامل، الذي جرى مؤخراً من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف.

أما رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، محمود شريف بسيوني، والذي يمكن أن يقول الكلمة الفصل في هذا الموضوع، فهو يؤكد «إن تنفيذ التوصيات يتسم بعدم الكفاية، وإن هناك عدداً من التوصيات الخاصة بالمحاسبة التي لم تنفذ أو تم تنفيذها على مضض، ولم تحقق النيابة العامة حتى الآن في أكثر من 300 قضية تعذيب مزعوم ينطوي بعضها على حالات وفاة في أثناء الاحتجاز».

ويقول «لا يمكنك القول بتحقيق العدالة حين تكون المطالبة بتحويل البحرين إلى جمهورية هي السجن المؤبد، بينما يعاقب الضابط الذي أطلق النار مراراً على رجل أعزل من مسافة قريبة بالسجن لمدة سبعة أعوام فقط».

إذن، فليس المعارضة فقط هي من ترى أن البحرين لم تطبق التوصيات بشكل جدي، ولكن الجميع يرى ذلك، ويرى أن الهروب إلى الأمام، لا يمكن أن يحل المشاكل، وأن من غير المقبول أن يتم تقديم كلف وتضحيات باهظة، وخصوصاً إن كانت المطالب الشعبية لا يمكن إلغاؤها، وسيتم تحقيقها، إن لم يكن الآن، ففي المستقبل القريب.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 3734 - الإثنين 26 نوفمبر 2012م الموافق 12 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 3:36 ص

      عقلية لاتحوي سوى مسمار ومطرقة حلاً لشتى المشاكل!

      يمتلكون عقلية ساذجة لم تتطور للآن يقال آخر الدواء الكي وهم اول ما ابتدئو فيه تجاه مطالب الشعب المحقة ويبدو انهم لايجيدو لاحوارا ولا اجتماعا مرة يسمون اجتماع جمع مجاميع من المقيمين بالحوار الوطن وكل ذلك للهرب للأمام بديكورات مهترئة لاتصمد شهوراً امام الوعي الشعبي الرفيع واصراره بتحقيق مطالبه

    • زائر 8 | 3:18 ص

      كتبنا وما كتبنا ويخسارة ما كتبنا كتبنا مية مكتوب لهلا ما جاوبنا

      تلك مطلع اغنية لفيروز وهذا واقع حال البحرين كتاب الاعمدة تكتب والحقوقيون يكتبون والمنظمات تكتب والجماعة مواصلين في الحلّ الامني وكل يوم وقال اعتقلنا مخربين واعتقلنا ارهابيين يا جماعة شعب البحرين لا يوجد فيه ارهابي واحد واذا كان فهو شاذ عن هذا الشعب فاتقوا الله في انفسكم وفي هؤلاء الناس فهم عبيد الله خلقهم لا لكي يهانوا ويعذبوا ويذوقوا اصناف العذاب خلقهم الله وكرمهم ولا احد عند الله افضل من الآخر الا بما فضل الله به عباده وظلم العباد ليس من الفضل

    • زائر 7 | 2:57 ص

      الله بيفرجها ان شاء الله

      و يبقى الحال هو نفس الحال الله كريم عوفيت يا ايها الكاتب و نفوّض امرنا الى الله عز و جل و ان شاء الله البحرين ستكون بخير لان دوام الحال من المحال.

    • زائر 6 | 1:53 ص

      الحل الامني

      الحل الامني لا يجلب للبلد الا الزياده في تعقيد الامور ، يجب تدخل العقلاء لبدء حوار جاد وذو مغزى للخروج من الازمه.

    • زائر 3 | 1:33 ص

      تراكم الانتهاكات

      الحل الامني يزيد ويراكم الانتهاكات اكثر واكثر ولامفر من تطبيق التوصيات عاجلا ام آجلا، المفترض تطبيقها بالكامل باسرع وقت ممكن وبالذات التوصيه الاهم وهي محاسبة المتسببين وتقديمهم للعداله وتبيض السجون.

    • زائر 2 | 1:14 ص

      واحد يقول متأخرة والثاني يقول بطيئة واحنا نقول لا توجد نية لا منكم ولا من ربعكم

      الامريكي يقول متأخرة والبريطاني يقول بطيئة واحنا كشعب فاهمين لعبتكم على الآخر هي لا بطئية ولا متأخرة ولا تريدون لشعب البحرين ان يحصل على اقل حقوقه. نحن كشعب واتمنى ان لا يحذف تعليقي نحن نحمّلكم مسؤلية كل ما يحصل لبريطانيا وامريكا انتم اكبر مساهم في تأزيم الوضع ونحن نراقب ونرى كيف باتصال واحد تتغير الامور على الارض في ظرف دقائق. هذه الامور لا تنطلي علينا
      وانتم بهذه الطريقة تجرون العداء الشعبي على دولكم بهذه السياسة التي داست على كل القيم مقابل المصالح المادية

    • زائر 1 | 11:35 م

      مشاخيل

      موضوع في غاية الأهمية ، وهذا هو الواقع وهي الحقيقة بأن المطالب الشعبية لايمكن إلغاؤها وسيتم تحقيقها عاجلا أم آجلا .

اقرأ ايضاً