العدد 3744 - الخميس 06 ديسمبر 2012م الموافق 22 محرم 1434هـ

كشكول مشاركات ورسائل القراء

هاتف من شقيقتها الميتة

لقد توفيت شقيقتها منذُ ما يقارب العام.

لحظة سماع خبر وفاتها... شعرت بطوق أسود غير مرئي طوّق فؤادها بالكامل.

أيقظها زوجها من نومها ثم مسح بيده الكبيرة فوق شعرها المنكوش وقال بابتسامة يشوبها ألم:

لقد توفيت شقيقتك (ليلى)

ليلى هي شقيقتها الكبرى... كانت الأخت التي تلوذ بها الشقيقات الثماني بعد وفاة والدتهن... الشقيقة المبتسمة والوديعة دوماً.

تطلق الفكاهات بكل خفة وروح مرحة... على رغم الألم الذي كان يقطع نياط قلبها المريض؛ والسبب... فقد ولدها البكر بعد زفافه بأسبوع واحد فقط في حادث مؤلم.

ولكنها بدت بعد وفاته في الضحك وإطلاق الفكاهات على رغم الحزن الذي يشع من عينيها.

عاودت غطاء النوم فوق وجهها وبدت تسكب الدموع بغزارة.

كل يوم يمر وهي لاتزال لا تصدق خبر وفاة شقيقتها... كان يتهيأ لها أنه حلم مزعج مؤلم ستستيقظ منه قريباً... لكن الشهور تمضي من دون ومضة أمل.

في يوم من الأيام متكررة الروتين... كانت تتصفح قائمة الأرقام فوجدت اسم شقيقتها المتوفاة في القائمة.

غاصت نظرتها في دوامة سوداء... تجمدت عيناها... تجمدت نبضات قلبها؛ فلم تعد تشعر حتى بحفيف الشجر ولا هبات النسيم من حولها.

كان رقم شقيقتها مازال بين قائمة الأهل.

شعرت بطعنات موجعة تطعن بكل بطء قلبها... لاح بين عينيها وجه شقيقتها ليلى المبتسم وعيناها المتشبعتان بالحزن.

داست فوق نمرتها... فبدأ الرنين يتواصل... ثم رفع أحدهم السماعة.

قال: السلام عليكم.

كان هذا صوت شقيقتها الميتة

تجمد الدم في عروقها وبدأ قلبها يدوي بجنون كالطبول الإفريقية.

ثم عاد صوت شقيقتها كعادتها تتحدث بصوت عالٍ: ألو من معي؟

أجابت قائلة: أنا... وكان قلبها بدأ يدوي كالمجنون.

قالت شقيقتها الميتة: حورية... كيف حالك.

أجابت بغصة قائلة: بسم الله الرحمن الرحيم

قالت أختها الميتة: ما الذي يحصل؟

أجابتها: وقد انكسرت الغصة في قلبها والدموع بدت تروي مقلتيها: أنت ميتة.

أجابتها بكل استغراب وكعادتها الهجومية وصوتها المرتفع: ماذا؟!... ما الذي حصل كيف حالك وكيف حال الأولاد... ما الذي يجري لماذا لا تقدمين لزيارتي هذه الأيام... ولا تأتين لزيارة نهاية الأسبوع... أخواتي قدموا إلى بيتي مساء أمس وقد أقمنا مأدبة عشاء... لماذا؟! لم تأتي معهم... لقد اشتقت للأولاد كيف حالهم؟.

أغلقت الهاتف سريعاً وبدأت في ترديد السور القرآنية القصيرة التي تحفظها بسرعة وقلبها مازال يدق بسرعة جنونية.

وضعت كلتا يديها فوق وجهها، جسدها بدأ يرتجف بقوة.

أصرت على أن تتأكد بنفسها من جديد... مر في ذاكرتها شريط إقامة عزائها الأسود... إنها بالفعل توفيت وقد حضر الجميع وقد أقمنا عزاءها لمدة أربعة أيام وقد حضر الجميع من الأهل والمعارف... هذا جنوني وأبدي.

التقطت الهاتف ويدها ترتجف بقوه وقد بدأ جسدها يبرد قليلا... طلبت نمرة شقيقتها الميتة... ثم أجاب الهاتف: الرقم الذي طلبته خارج نطاق الخدمة.

رمت بالهاتف وحولت يديها نحو وجهها تصفعه بقوة جنونية.

ثم تذكرت... إنها لم تقم بزيارتها ولا مرة بعد وفتها... وحتى لم تقرأ لروحها جزءاً من القرآن الكريم.

لقد كانت شقيقتها المتوفاة خير عون لها قبل مماتها ولم تكن تتركها في السراء ولا الضراء... وقد نستها بمجرد موتها حتى من قراءة سورة الفاتحة.

نهضت من فوق كرسي الحديقة وذهبت مهرولة للبحث عن المصحف الشريف... وكان لايزال صدى صوت شقيقتها يدوي في عقلها قائلاً: ما الذي يجري لماذا لا تقدمين لزيارتي هذه الأيام ... ولا تأتين لزيارة نهاية الأسبوع.

‏حواء الأزداني


لا سفارة... ولا قلادة

رفض تعيينه سفيراً لمصر في الفاتيكان، الرجل الذي كان مسئولاً عن كل أشكال التحقيقات المهمة والمؤثرة في فترة مبارك الأخيرة وعهد الحكم العسكري وأخيراً بداية عهد مرسي، والتي انتهت أغلبهم إلى الحكم بالبراءة... يرحل الآن بلا سفارة، وبلا قلادة النيل!

- كنت أعتقد أن منصب سفير سيكون بديلاً لقلادة النيل التي تطيح بمن ينالها من منصبه، لكن سرعان ما ظهرت طريقة جديدة للإطاحة برجال العهد المباركي، الخروج بدون أي شيء... صفر اليدين!

- أي مرشح رئاسي خاسر أو مرشح رئاسي محتمل ولم يخض غمار المنافسة، بكل تأكيد سيكون رأيه ضد قرارات «مرسي» سواء القرارات الأخيرة أو السابقة أو اللاحقة، وهذه سنة الحياة السياسية وطبيعة النخب المصرية!

- كتبت سابقا أقول: أشعر بالخوف أحياناً من أن تصدر إدانة للشعب المصري على قيامه بثورته في 25 يناير، وذلك بعد مسلسل البراءات الذي لا ينتهي بحق رموز النظام القديم، لكنني سعدت جدا بقرار إعادة المحاكمات.

- أصرت وسائل الإعلام والمحللين والخبراء من ضيوف الفضائيات والنخبة... على أن مستشاري مرسي القانونيين لديهم «جهل قانوني» ولا يفقهون شيئاً، ووصلت السخرية إلى حد يعاقب عليه القانون لو كنا في دولة يطبق فيها القانون بحذافيره وبقوة وصرامة، القرارات الأخيرة تثبت عكس ذلك تماماً... بغض النظر عن ماهية القوانين فإنها مصاغة بشكل دقيق!

- أما بخصوص الحفاظ على الدستور والقانون فدعني أعيد كلام قديم ذكرته من شهور: إذا التزمت الثورة بالقانون فما كان هناك حاجة لقيامها، لأنها ستكون ضد مواد القانون والدستور، وإذا كان تغيير كل صاحب منصب سيقابله احتجاج وإضراب وأزمات، فيكيف يمكن تجديد الدماء في المناصب خاصة المناصب المؤثرة والحساسة؟! وإذا كان كل رموز النظام المصري القديم أخذوا براءة من غالبية القضايا المقامة ضدهم، فمن أفقر الشعب وأذل العباد وأفسد البلاد؟!

- كالعادة... الشيء الوحيد الذي نفتقده في خضم مثل هذه الظروف الفارقة في حياة الوطن... هي قناة «الفراعين»، لا أستطيع أن تخيل كيف سيكون شكل «توفيق عكاشة» أو تعليقه على مثل هذه القرارات!

- في الواقع لا أعرف بالضبط هل عودة مجلس الشعب المصري هو أمر جيد أم سيء؟ ولا أحب أي شخص يحدثني في الأمر من وجهة نظر قانونية ودستورية، لأني أنظر للأمر من وجهة نظر أخرى تماماً، خلاصتها أننا نحن من انتخب أعضاء المجلس في المرة الأولى، ونحن أيضاً من سينتخب أعضاءه في المرة القادمة وفي كل انتخابات لاحقة، لكن الفرق الوحيد أنه مع كل انتخابات تدفع الدولة «ملايين الجنيهات» من أجل إجراء الانتخابات، ومع كل مرة نقول إن المجلس القادم سيكون أفضل من السابق... لكن في النهاية تتشابه بدرجة معينة، وإن كنت أرى أن المجلس الأخير أختلف كثيراً عن سابقيه... لكنه لم يأخذ فرصة زمنية كافية!

أحمد مصطفى الغر

العدد 3744 - الخميس 06 ديسمبر 2012م الموافق 22 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً