العدد 3769 - الإثنين 31 ديسمبر 2012م الموافق 17 صفر 1434هـ

عام جديد... فهل يحمل شيئاً مختلفاً

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في العام الجديد تبقى الأماني حاضرة، هي وحدها التي تسُود المشهد، ويبقى الغائب المتمنَّى حضوره مطلاً بإلحاح، ماذا أعددنا لعامنا الجديد، وما هي الأفكار التي تراودنا ونحن نستقبله؟ وهل يا ترى بقي لدينا ما نتمناه؟ أم بقينا نكرّر أحلامنا التي لم تتحقق سابقاً، ونجترّها كل عام اجتراراً؟ لِمَ لا نغيّرها، بعد عجزنا عن تحقيقها؟ وهل بتنا نكرّر ذاتنا بكل ما فيها كل عام؟

يستعد العالم لوداع عام محمل بنهايات مختلفة، وذكريات بعضها جميلة وأخرى قاسية مؤلمة، لكنها كلها رحلت برحيل العام، العام الذي يودعه الجميع بدون أسى، ويستقبلون عاماً يليه بلا يأس. تلك هي قصة الإنسانية عاماً تلو عام، تتمنى وتنسى وتعاود الكرّة، لأنه حلم فرادى، يعتريه ضعف ونقص، فهل جرّب العالم أن يحلم جماعات، بمعنى نسعى لتحقيق حلم يضمّنا بسلام ويحقّق لنا حياة تستوي معها صغائر الأمنيات، فما كان كبيراً يكون نفعه أكبر ويصبح ظله وارفاً يضم الجميع من حوله.

البحرينيون وحدهم يدركون خطورة أعوامهم المقبلة، فهي المثقلة بالتحدّيات وعمق الانقسامات والتداعيات المرتقبة، في عامهم الجديد الذي لا يرون له سمة ولا بارقة أمل في التغيير، جمود وسحابات عائمة، وعلى رغم ذلك فَهُم سائرون. هي طبيعة البحريني، الذي يدرك بعض ما لا يعرفه غيره، فلقد عرفت هذه البلاد سمات التفاهم الاجتماعي وبنت علاقات اجتماعية سليمة وكانت أقرب للتماسك والانسجام من أي منطقة حولها، فلم تكن البحرين كما قيل من مناطق الاستقطاب المعروفة وفي الوقت ذاته لم تكن من مناطق الرفض المانعة، وإنما كانت مواطن عربية تعيش حياتها في داخلها. منذ تكوينها أجبرتها الجغرافيا أن تعيش بيئتين، بيئة تتوافر فيها المياه الغزيرة والعيون فسادت الزراعة ومعها حياة الاستقرار والنمو والتفكير وتكوين الجماعات والتنظيم والتطلع نحو التجديد، وبيئة البحر حيث المد والجزر، حيث القيام والقعود، حيث الطمأنينة والخوف، حيث النهوض والكبوة، حيث الاستمرار والتوقف، حيث الانغلاق والانفتاح. الانفتاح الذي لم تضع له هذه الجزر حدّاً، فقد عرفت الأديان السائدة في محيطها، ولكنها لم تقف ثابتةً مع واحدة منها لأنها لم تعرف الجمود والتعصب، ولايزال اتساع الأفق والتسامح ديدنها.

شعب متدين من تكوينه، آمن بالخلود من بداياته، فاستحقت أرضه أن تكون كعبة الحالمين بالخلود، حيث تهفو إليها القلوب، لذا فهي محط الرحال، فكانت الأرض التي لا ينعق فيها غراب، و لا تطأطئ الحمامة رأسها أبداً، لذا بقيت الحرية تأبى الموت وتنطلق نحو الحياة بفهم عقائدي خاص. وعندما أدرك الأجداد البحرينيون الحاجة إلى التغيير، حسموا أمرهم وآمنوا بالرسالة المحمدية مبكراً، هذا الحسم الذي ينمّ عن مرونةٍ في التفكير، وتطوّر في المفاهيم، إذ هم مختلفون عن العرب في تقبل الدعوة، وليس أدل على ذلك، إذ كانت بوادر القبول لدعوة الإسلام في البحرين جاءت مبكرة، فقد كانت قبل فتح مكة وتحديداً في مطلع السنة السابعة، أي قبل أن تتكشف الأحداث في بلاد العرب، ويصبح الغلبة للمسلمين، فسائر العرب قبلوا الإسلام بعد الفتح في السنة الثامنة من الهجرة، لذا فإن البحرينيين أقبلوا على الدين الجديد لأنهم وجدوا الحقيقة فيه، والإحساس بالوجود، والحياة والأمل في التحرّر من المظالم، والبعد عن التبعية والتفاني من أجل الآخرين.

نحن البحرينيين مختلفون، لذا عامنا الجديد يجب أن يكون مختلفاً، وعليه يجب أن نعي ماذا نريد أن نكون، وكيف نبدو؟ لنلتقط أنفاسنا، ونعاود من جديد، لنعيش واقعاً يليق بنا، فنحن وحدنا من يحدّد إطاره، فأين تكمن إخفاقاتنا، ومن أين نبدأ التغيير؟ فالزمن زمن الشعوب، ومن يتخلف عن الموج، فالتاريخ لن يرحمه.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3769 - الإثنين 31 ديسمبر 2012م الموافق 17 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:26 ص

      اللهم اجعله خيرا

      بارك الله فيك عزيزتي عالمقال الرائع

    • زائر 1 | 4:31 ص

      كل عام وانتم بخير

      اللهم اجعل عامنا الجديد عام خيرات وبركات على الامة الاسلامية عامة وعلى اهل البحرين الطيبين خاصة.

اقرأ ايضاً