العدد 3785 - الأربعاء 16 يناير 2013م الموافق 04 ربيع الاول 1434هـ

وزارة عرقلة التنمية الاجتماعية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مآخذنا على وزارة التنمية الاجتماعية كثيرة؛ فالأداء والتوجهات والسياسات في غالبيتها تنحى باتجاه عرقلة التنمية الاجتماعية على الأرض.

ليس كافياً أن تستورد تجارب من بلدانٍ أخرى أقل تطوراً لتزرعها في غير تربتها، حتى لو أعادت تسميتها من «بنك الفقراء» إلى «بنك الأسرة». وليس كافياً أن تقدّم مِنحاً ماليةً محدودةً كل عام لدعم مشاريع عشر جمعيات أهلية، بينما تُعمل معولها طوال العام في هدم مئات الصناديق والجمعيات الأخرى. ومازالت ذاكرة الجمهور تختزن المعركة التي افتعلتها الوزارة قبل عدة سنوات مع الصناديق الخيرية، بزعم أنها «غير قانونية»، لوجود مادةٍ غير واضحةٍ في القانون، ففرضت على الصناديق (وعددها أكثر من ثمانين صندوقاً تنتشر في كل المحافظات) تغيير أسمائها لتتماشى مع هذه المادة، بدل أن تغيّر تلك المادة المبهمة أو تستبدلها بمادةٍ مرنةٍ تراعي أوضاع مئات الآلاف من المواطنين المستفيدين من خدمات هذه الصناديق الخيرية.

حين بدأت تلك الحرب المفتعلة، انتقدتُّ مراراً هذه الإجراءات التي تدل على بيئة بيروقراطية عميقة، فلا يجوز لطاقم الوزارة، أن يعرقل أعمال هذه الصناديق، وخصوصاً أن هناك عشرات الآلاف من المواطنين المتضررين، من ذوي الدخل المحدود.

الوزارة التي يُفترض أن تتولى عملية التنمية الاجتماعية، اتخذت قبل ثلاثة أعوام، قرارات جديدة باتجاه التضييق على أنشطة الصناديق الخيرية، حين تولّت مهمة تجفيف مواردها المالية. وكنا ندرك جيّداً أن ذلك كان استجابةً للضغوط الأجنبية في مجال «الحرب على الإرهاب»، لكن لم تتم مصارحة الرأي العام بذلك.

كانت خارطة العمل الخيري في البحرين واضحة جدّاً؛ فهناك جمعيات إسلامية تتلقى دعماً ماليّاً من دول أخرى، وينشر ذلك أحياناً كأخبارٍ محلية، وتقوم بأعمال خارج الحدود، بينما غالبية الصناديق الخيرية، يقتصر نشاطها على جمع وتوزيع التبرعات في حدود مناطقها السكنية، ومع ذلك شملتها الإجراءات والقرارات النابعة من فلسفة الحرب على الإرهاب!

لو كان هناك طاقم إداري مبدع في وزارة التنمية؛ لاحتضن هذه الصناديق الخيرية، ودعمها ومهّد لها الطريق للعمل، ولقدّم هذه التجربة للعالم أجمع، كتجربةٍ رائدةٍ في مجال التكافل الاجتماعي، لكن عقدة الطاقم الإداري غير المبدع؛ أن «مطربة الحيّ لا تطرب»، فيضطر إلى استيراد مطربةٍ حتى لو كانت من بنغلاديش، مع احترامنا التام للشعب المسلم الشقيق.

قبل عشرة أيام، أصدرت مديرة إدارة دعم المنظمات الأهلية تعميماً للمنظمات الأهلية الخاضعة للوزارة، تذكّرها فيه ببعض الأحكام والبنود «ليكون عملها قانونيّاً وصحيحاً» كما جاء حرفيّاً. وكان البند الثاني «على الجمعيات والأندية الالتزام بعدم جمع المال إلا بعد الحصول على الترخيص المسبق من الوزارة، وفقاً للقرار رقم 65 للعام 2012، و»ملء الاستمارة الخاصة بطلب الترخيص وإرفاق ما تطلبه القرار للحصول على الموافقة»، وهو قرارٌ أثار الكثير من الاعتراضات والانتقادات بالأمس واليوم.

العاملون في هذه المؤسسات هم أدرى الناس بواقع العمل الخيري وما يواجهه من معوقات، تزيدها إجراءات وقرارات الوزارة صعوبات، وقد طالب بعضهم الوزارة بوقف التضييق عليهم، والتفكير جديّاً في تقديم التسهيلات إليهم من أجل جمع المال والتبرعات من المحسنين وأصحاب الأيادي البيضاء، فعملهم إنما يصب في تقديم المساعدات المالية إلى الفقراء، التي تستحصل من خلال جمع التبرعات، بوضع حصالات في أماكن مختلفة.

هؤلاء العاملون يمثلون نخبةً خيّرةً من أبناء البحرين، ويعملون بشكل تطوعي، حيث يبذلون جهوداً وأوقاتاً كبيرة في العمل الخيري، ولا يطلبون من الوزارة جزاءً ولا شكوراً، وإنما أن تلتقي بهم الوزارة لسماعِ رأيهم قبل إصدار أي قرار بيروقراطي، فهم أدرى من الموظفين بشعاب العمل الخيري كعاملين ميدانيين.

المؤكد الآن أن القرار الصادر العام 2006، قلّص حصيلة ما تجمعه الصناديق الخيرية من تبرعات، وبالتالي يكون المتضرر أكثر من عشرة آلاف أسرة بحرينية تعيش على حد الكفاف، تسهم هذه المؤسسات في تحمل جزءٍ كبيرٍ من مسئولية رعايتها، بما يخفّف من أعباء الوزارة نفسها. ولعلم الرأي العام؛ لا يقتصر عمل الصناديق الخيرية على تقديم مساعدات مالية شهرية، بل تشمل مؤونة رمضان، والحقيبة المدرسية وأحياناً اللباس المدرسي، وتقديم اللحوم (من نذور وصدقات وعقيقة...)، فضلاً عن شراء الأدوات المنزلية ومكيفات الهواء، وبعضها يتولى ترميم المنازل في حدود معينة، أو تركيب عوازل الأمطار في الشتاء، وذلك بحسب إمكانياتها وما تصل إليها من تبرعات.

حرامٌ على وزارة التنمية الاجتماعية أن تقوّض هذه التجربة الإنسانية الرائدة، التي تقوم على مبدأ التراحم والتكافل الاجتماعي، وتضع أمامها المزيد من العراقيل والمعوقات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3785 - الأربعاء 16 يناير 2013م الموافق 04 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 6:39 ص

      افضل طريقة

      افضل طريقة للتعامل مع هذه الوزارة وقراراتها العسكرية هو تجاهلها التام والعمل خارج الإطار الذي تحدده بعد ان يتم الاتفاق على ذلك بين الصناديق الخيرية وعندها سترضخ مرغمة ورأسها منكس في الارض

    • زائر 16 | 3:56 ص

      يا منتقم

      والله حرام، إحنا اللي رواتبنا معقولة مؤ قادرين نعيش في هالغلاء، كيف الفقراء والمحتاجين المستفيدين من الصناديق الخيرية. لكن الله على الظالم

    • زائر 15 | 2:47 ص

      كلها وزارات داخلية

      همهم ملاحقة الشيعة والتضييق عليهم وإنزال أقصى ما يمكن من انتقام

    • زائر 14 | 2:11 ص

      هكدا وزارة احد اسباب الازمة في البحرين

      هذه فعلاً هي التسمية الحقيقية لوزارة اللاتنمية. عملت بمعول الهدم السريع والبطيئ ليشمل جميع الصناديق الخيرية التي وصل صيتها لبعض الدول العربية وكدلك تضرر من اجراءات وزارة اللاتنمية الجمعيات الأهلية الأخرى المستقلة.بينما تتمتع الجمعيات الأهلية الموالية للدعم المباشر وغير المباشر بغض النظر عن مشاريعها التي تقدمها للوزارة وفائدتها للناس.هكدا عقليات هم أحد اسباب الأزمة السياسية والاجتماعية في البحرين.

    • زائر 13 | 1:55 ص

      لا نريد الرجوع الى الوراء!

      اتذكر ايام الثمانينات في البحرين ياحسره على الفقير والمسكين ماله الا الراتب الهزيل او اعمال الحاطه لكرامته والبسيطه من اجل اعالة اسرته ......ومنع صناديق خيريه يعني زيادة المتسولين فهل يعجبكم هذا؟

    • زائر 12 | 1:55 ص

      شكرا سيد على الموضوع

      بدل ما يشكور الجمعيات الخيرية اقومو اضيقو عليها هذيان شيلين حمل كبير عن الحكومة اذا العمال في هذا الحكومة راتبه مايكفيه اشلون الاسرة الفقيرة الي تتعطف عليه الوزارة بثلاثين دينار شهريا.

    • زائر 11 | 1:39 ص

      الهدف واضح

      هو أن يزداد الفقر بين أبناء الطائفة الشيعية لينشغلوا بقوت يومهم عن المطالبة بحقوقهم ...هم لا يعرفون بأن هذه الإجراءات تزيد من السخط عليهم و تأجج النفوس و يزداد الوضع سؤ و بالتالي يثور الناس

    • زائر 10 | 12:27 ص

      المشكل الأساس

      الساس خراب
      عقول متصدأة
      أضف الى ذلك حقد دفين على أغلب الشعب

    • زائر 8 | 11:28 م

      في الوقت الذي تعرقل فيه هذه الوزارة عمل الصناديق الخيرية تغض البصر عن التبرعات التي تغادر البحرين

      حيث يتم جمع التبرعات في احدى المؤسسات الرسمية من جميع الموظفين شهريا امام نظر المسئولين و عندما سالت عن مصير هذه التبرعات قالوا ترسل الى بلد أفريقي فقير لحفر آبار مياه صالحة للشرب وكل موظف يسمى بئر باسمه ويسلم شهادة بذلك وهذا يحدث من عشر سنوات ولغاية الان بينما آلاف العوائل البحرينبة لا تحصل على قوتها اليومي واذا وجدت من يساعدها تمت محاربته

    • زائر 7 | 10:42 م

      لاحياة لمن تنادي

      فهل يلمون الشعب إذا ثار عليهم ؟؟؟؟
      يقول سيدي ومولاي امير المؤمنين الامام علي ع ، لو كان الفقر رجلاً لقتلتهُ.

    • زائر 6 | 10:37 م

      تأخير اصدار التصاريح

      يطلب الصندوق الفلاني تصريح جمع بالحصالات وبعد سبعين يوم يطلع التصريح مع سبعين تعهد بينما هناك جمعيات تصدر المال لدعم جماعات مسلحة بدون تصاريح او حتى مسائلة ارجوكم ارحموا العمل التطوعي كرهناه بسببكم

    • زائر 3 | 10:35 م

      لا تستغرب !! فالمسميات والمخترعات القادمة كثيرة !!

      فإنه سيأتي اليوم الذي سيحاسبونك على أي 100 فلس ستصرفها عل أسرتك، ولا تستغرب إذا طلبوا منك نسبة من مصروفاتك تدفعها كما اخترعوا المسمى الخاص (بالبطالة) وجعلو الموظف يدفعه غصب عنه.

    • زائر 2 | 10:27 م

      اهل مكه ادري بشعابها

      لا يرحمون ولا يخلون رحمة الله تنزل ، لن يتطور العمل الاجتماعي دونما التنسيق بين الوزارة والصناديق الخيريه بالمناطق بدل الوصايه وان يترك للناس بالتبرع بما تجود به انفسهم والتوعيه من قبل رجال الدين بالالتزامات الشرعيه علي المسلم تجاه أخيه الانسان والمسلم وان يخرج من الحقوق ما يزيد عن حاجة اهل البلد

    • زائر 1 | 9:48 م

      لكي لا ترسل إلى العصابات الخارجية

      ربما تكون الوزارة راغبة في أن يكتب اسمها على الحصالات أو ربما تريد أن تأخذ ريع هذه الحصالات لتوزعه على الفقراء والمحتاجين لتقول لهام بأن ذلك المال من الوزارة ، وإلا مالجدوى من التضييق على حصالات موجودة في البرادات توزع على الفقراء ، ماذا يضير الوزارة من وجودها فهي لا تشكل عائق مروري ولا توزع لدعم الإرهاب ولا تعطى لدولة أجنبية أو لجيش أو عصابات مسلحة خارجية ، لكن الوزارة تريد أن تضع الحصى في البلعوم كي يموت الفقير جوعا ويبدوا أن هذه الوسيلة هي إحدى أهداف الوزارة المبجلة.

اقرأ ايضاً