العدد 3820 - الأربعاء 20 فبراير 2013م الموافق 09 ربيع الثاني 1434هـ

التسامح الديني موجود في إندونيسيا... ولكن عكسه موجود كذلك

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يحدد استطلاع جديد أجراه معهد سيتارا للديمقراطية والسلام المقاطعات الإندونيسية التي شهدت أكبر عدد من حالات عدم التسامح الديني؛ ما يثبت أن عدم التسامح الديني لسوء الحظ يشكّل مشكلة حقيقية في الدولة. إلا أنني كإندونيسية لديّ أسباب للاعتقاد بأن العكس صحيح أيضاً.

أقابل أحياناً، وأنا أسافر مع صديقتين لي، مسافرين آخرين يستغربون عندما يكتشفوا أنني كاثوليكية وإندونيسية. يجد الكثيرون من الصعب في البداية أن يصدّقوا أنه يوجد في إندونيسيا، وهي الدولة التي تضم أكبر عدد من المسلمين في العالم، أناس من ديانات مختلفة. نسمع أنا وصديقتيّ أحياناً علامات الاستغراب عندما يكتشف الناس أننا نشترك بنفس الجنسية.

يشكّل ثلاثتنا، ولكل منا مظهر خارجي مختلف بشكل بارز، مجموعة منتقاة. أنا صينية سندنية بشرتي فاتحة اللون وشعري أملس. إحدى صديقاتي تتبع الكنيسة المشيخية وتنتمي إلى جماعة أمبونيز الإثنية التي ترجع أصولها إلى جزر ملوكو، ولون بشرتها داكن وشعرها متموج. صديقتنا الثالثة مسلمة من جاوا، ولون بشرتها بني فاتح وشعرها أملس.

هل أنتم جميعاً من إندونيسيا؟

أحصل وقتها على فرصة لشرح أن إندونيسيا في الحقيقة أمة تعددية إلى حد بعيد.

يتساءل الكثيرون إذا كان شعب إندونيسيا المتنوع يتعايش معاً بسلام. الواقع هو أن بعضنا يعيش بتناغم تام، بينما لا ينطبق ذلك على البعض الآخر. ولا تمثل أية حالة بشكل كامل المجموعة.

أعترف أن البعض منا يشعر بتحاملات ضد الجماعات الإثنية والديانات الأخرى، الأمر الذي يؤدي أحياناً إلى النزاع. ولكنني أجد أنه طالما أن التناغم موجود بين الأسر والجاليات، فإن هذه الدولة تملك فرصة للتعايش السلمي.

أجد المثال الكامل على التعايش بتجانس وتناغم، مثل شعار أمتنا «الوحدة في التنوع» في أسرتي. نشأتُ في أسرة كبيرة متنوعة الديانات والثقافات. بدأ الأمر عندما قابلَت جدتي من طرف والدتي، وهي مسلمة سندنية، صينياً من جاوا من الديانة الكونفوشيوسية، هو جدي. وقعا في الحب وتزوجا. في ذلك الوقت، في أربعينات القرن الماضي، كانت الزيجات عبر الديانات شائعة نسبياً. هذا النوع من الزواج ممكن اليوم، رغم أنه غير سهل نظراً لنظام قانوني لا يعترف إلا بالزيجات الدينية.

نتيجة للمزيد من الزيجات عبر الإثنيات والديانات في أسرتي، ينتمي أقاربي الأبعد إلى ثلاثة أصول إثنية مختلفة على الأقل: أصول جاوية وصينية وسندنية. عندما يعود الأمر إلى الدين يصبح الأمر أكثر تعقيداً لأن أسرتي تمارس خمسة أنظمة دينية هي الإسلام والكاثوليكية والمشيخية والبوذية والكونفوشيوسية.

كيف تعيش أسرة ذات ألوان عديدة كهذه؟

تماماً مثل أي أسرة أخرى. نحن متقاربون ونتواصل مع بعضنا بشكل منتظم.

من بين ميزات الانتماء إلى أسرة متنوعة كهذه إمكانية النقاش حول المعتقدات الدينية المختلفة. عندما كنت طفلة، كنت أذهب إلى المسجد والكنيسة والكنيس اليهودي مع أفراد أسرتي وأقربائي لرؤية كيف يصلون. علّمنا والداي المبادئ الأساسية لدياناتهم وتركاني أختار ديانتي.

الجزء المثير للاهتمام بصورة أكبر هو التجمّع أثناء العطل والاحتفالات الدينية. نجتمع معاً في عيد الميلاد وعيد الفطر ورأس السنة الصينية في بيت جدتي لتناول وجبة حلال يستطيع الجميع الاستمتاع بها. رغم أن رؤية عمّاتي وبنات عمي يرتدين الحجاب ويحضرن لتناول عشاء عيد الميلاد ربما يشكل منظراً غريباً للجيران، إلا أنه لا يخلق مشكلة أبداً.

لدينا مشاكلنا أيضاً، مثل أية أسرة أخرى، نتيجة لسوء التفاهم على الصعيد الشخصي، ولكنها ليست خلافات دينية أو إثنية. وبوجود هذا التنوع، نستطيع أحياناً اللجوء إلى تصوير بعضنا بعضاً نمطياً حتى ضمن الأسرة. ربما نكرر الصور النمطية المشتركة، قائلين على سبيل المثال إن أقاربنا من مينانغاكباو بخلاء، والجاويين دائماً متأخرين والصينيين لهم عقلية الأعمال التجارية. ولكننا أدركنا أن هذه الإجحافات ليست صحيحة دائماً. على سبيل المثال، أقاربنا من مينانغاكباو كرماء في الواقع. وكلما عرفنا بعضنا بصورة أفضل، أدركْنا أن كل فرد مختلف، وهناك أكثر من بعد لكل منا.

أعلم أن أسرتي ليست فريدة من نوعها. هناك جاليات أخرى عديدة في إندونيسيا وحول العالم، وأحياء ومدارس ومكاتب ومنظمات، مثل شبكة الشتات الإندونيسية (شبكة من إندونيسيين الذين يعيشون في الخارج)، التي تحتضن أناساً من خلفيات إثنية ودينية مختلفة تشجع التفاهم من خلال التفاعلات الاجتماعية والحوار والنشاطات الجماعية.

عندما أنظر إلى هذه المجموعات وإلى أسرتي والسهولة التي نتفاعل من خلالها، لا أرى لماذا لا نستطيع القيام بذلك على مستوى وطني.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3820 - الأربعاء 20 فبراير 2013م الموافق 09 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:47 ص

      هنىء لكم

      البحرين يعرفها الدانى و القاصى معا ومنذ امد بعيد و خصوصا الذين عملو هنا , لم اسمع وانا الآن فى سن الخمسينات سواء فى العمل او فى الخارج اثناء سفرى الى ومن اثنى علينا فبعض العاملين ترك عمله فى بلدان عربيه مفضلا البحرين عليها ولكنى اقول لمعرفة ما نحن عليه من اوضاع .. انظرو الى الاسباب الجذريه ومن هم المتمصلحون من اصحاب الكراسى الى اذنابهم .....فمتى ان ذهبت الكراسى رمى بالاذناب بعيدا .......هى سنة الحياة

    • زائر 1 | 10:35 م

      التسامح الديني كانت بلدنا مشهورة به ولكن.....

      ولكن اصبحنا في وفتنا الحاضر مصدرين للطاءفية والعنصرية في محيطنا القريب والبعيد نتمنى ان نعيش تجربتكم اوتجربة سلطنة عمان اواي تجرلة ناجحة بعد ان كان يضرب بنا الامثال.

اقرأ ايضاً