العدد 3836 - الجمعة 08 مارس 2013م الموافق 25 ربيع الثاني 1434هـ

اللهجات في البحرين: قانون المخالفة

المخالفة (أو التخالف) هي أحد قوانين التطور الصوتي وهي خاصة بعملية التخلص من الحروف المضعفة في الكلمة بغرض التخلص من الثقل أو التكلف في النطق، وتتم هذه العملية عن طريق حذف أحد الحروف المضعفة أو استبداله أو تكرار حروف معينة من الكلمة (العبيدي 2007، ص 169 - 170). وفي اللهجة البحرانية أمكننا تحديد خمس طرق مختلفة من المخالفة، وقد أدت هذه الطرق، في الغالب، لإنتاج كلمات ذات جذر رباعي بينما كانت في الأصل، بحسب ورودها في المعاجم العربية، ذات جذر ثلاثي. ولهذه الطرق عدة مسميات في كتب اللغة فمنهم من يجمعها تحت مسمى المخالفة ومنهم من يجمعها تحت عنوان فك التضعيف، ومنهم من يخص أنواع منها باسم «التكرار» وأخرى بمسمى فك التضعيف، وسنعتمد في تقسيمنا لأنواع المخالفة التي وثقت في اللهجات في البحرين على كتاب «لحن العامة» لعبدالعزيز مطر وكتاب «معجم الصوتيات» لرشيد العبيدي وكتاب «التطور النحوي» لبرجشتراسر. وبحسب هذا التقسيم يمكننا أن نقسم الطرق الخمس للمخالفة في اللهجات في البحرين إلى ثلاث مجموعات:

1 - مخالفة لا تشمل عملية الإقلاب

وفي هذا النوع من المخالفة يكتفى بتكرار الحرف الأول دون قلب أي حرف آخر من الكلمة، وهو نوعان:

أ - التكرار البسيط (تكرار فاء الفعل وتكوين صيغ فعفع وفعفل).

ب - التكرار مع الحذف (تكرار فاء الفعل مع حذف حروف معينة).

2 - مخالفة منفصلة

وفيه يتم قلب أحد الحروف المكررة إلى حرف آخر، ويكون بين الحرف الذي تم قلبه والحرف المكرر الآخر فاصل، مثل «خشخش» تصبح «خرخش»، فقد أبدل أحد الحرفين المتكررين وهو «الشين» إلى «راء». ويوجد نوعان من هذا التخالف:

أ - التكرار مع الإقلاب (تكرار فاء الفعل وقلب أحد الحروف المكررة إلى حرف آخر).

ب - تحويل الصيغة أفّعل أو أفعلعل إلى فوعل أو أفعوعل.

3 - مخالفة متصلة

وهو المعروف بفك التضعيف أي يفك الحرف المضعف ويتم قلب أحد الحروف المضعفة إلى أحد حروف المخالفة، مثل شتَّر تتحول إلى شنتر، أي تم فك التضعيف إلى شتتر ومن ثم قلبت أحد التاءين إلى نون. وسنطبق طرق المخالفة الخمس في دراستنا هنا على الأفعال الثلاثية التي تحولت لأفعال رباعية بحسب قانون التخالف.

التكرار البسيط

ويقصد بالتكرار البسيط «تكرار الفاء في المضعف» (العبيدي 2007، ص 170)؛ أي تكرار الحرف الأول، وهذا يتم في الأفعال الثلاثية المضعفة العين (على وزن فعَّ) أو الأفعال المزيدة بالتضعيف (على وزن فعَّل).

1 - في الفعل الثلاثي المضعف العين

في هذه الأفعال يتم فك التضعيف وتكرار الحرف الأول بعد الحرف الثاني، وهناك العديد من الكلمات التي تطورت بهذه الصورة ووردت في المعاجم العربية، على سبيل المثال الفعل جرَّ يفك فيه التضعيف فيصبح جرر وبعدها يكرر الحرف الأول بعد الثاني فيصبح جرجر، ومن أمثال ذلك من الأفعال الرباعية في اللهجات في البحرين والتي لم تذكر في معاجم اللغة ما يلي:

أ - لملم: من لمَّ أي جمع.

ب - طمطم: من طمَّ بمعنى ملأ.

ج - نطنط: من نطّ بمعنى قفز (تاج العروس مادة نطط) «النَّطْناطُ... الوثّابُ... وقَوْلُ العامَّةِ: نَطَّيْتُ أَصْلُه نَطَطْتُ إِذا قَفَزَ فِي هُوَّةٍ مَنْ الأَرْضِ».

د - غصغص: تعني عند العامة وقع في مكان ضيق، وغصغص الشيء أقحمه في مكان ضيق، واللفظة متطورة صوتياً ودلالياً من الفعل غصَّ أي اعترض في الحلق.

ن - خمخم: من خمَّ بمعنى كنس، ويستخدم الفعل خمخم مجازاً بمعنى كثرة الأكل، يقال «يمشي ويخمخم» أي يأكل كل ما يجده أمامه.

ل - فشفش: فشفش الشيء أي أخرج منه الهواء وهو من فشّ، «فَشَّ الوَطْبَ يَفُشُّه فَشَّاً : أَخْرَجَ ما فِيهِ من الرِّيحِ فانْفَشَّ وذلِكَ إِذا حَلَّ وِكَاءَه» (تاج العروس، مادة فشش).

و - دبدب (1): بمعنى قرع الطبل، ومنه سمي قارع الطبل «المدبدب»، وقد أطلق لفظ المدبدب أو الدِبدبة على «المسَحِّر» أي الذي يقرع الطبل في وقت السحور في شهر رمضان ليوقظ النائمين. واللفظة مشتقة من دبّ، والفعل دبدب عربي فصيح ومنه الدَّبْدابُ الطَّبْلُ (لسان العرب مادة دبب»، وقد ذكرت هذا الفعل هنا لأفرق بينه وبين الفعل الآخر «دبدب» والذي تطور بصورة مغايرة لصورته في الفصحى.

ي - دبدب (2): دبدب أي كبر بطنه أي سمن ومنه الدبدوب أي السمين، ومن المجاز يسمى الشخص الأحمق «دبدوب» بسبب الارتباط المتعارف عليه أن كل كبير بطن أحمق. وأصل دبدب في الفصحى من دبب «والدَّبُوبُ السَّمينُ من كلِّ شيءٍ» (لسان العرب مادة دبب).

2 - في الفعل المزيد المضعف

تلجأ العامة لهذا النوع من المخالفة للتخلص من تضعيف الحرف الثاني، وبالخصوص صياغة صيغة مبالغة من فعل معين، فتحول الكلمة الثلاثية المضعة إلى رباعية وذلك بتكرار الحرف الأول بعد الحرف الثاني؛ أي يتحول الفعل من وزن فعَّل إلى فعفل، ومن الأفعال الرباعية التي تطورت بحسب هذا المبدأ:

أ - حلحس: تقول العامة فلان حلحس فلان أي أخذ كل ما عنده، ومنه يقال فلان امْحَلحَس أي مفلس، وأصله من حلس و«الإحْلاسُ: الإفْلاسُ عن ابنِ عّبّادٍ يُقال: مُحْلِسٌ مُفْلِسٌ» (تاج العروس مادة حلس). ومن المجاز تستخدم العامة الفعل «حلس» بمعنى إزالة الشعر بأكمله ومنه الأحلس أي عديم الشعر.

ب - حرحش: الحرحشة هو جفاف أو التهاب بسيط يحدث في البلعوم، ومنها الفعل حرحش، فيقال «هذا ايحرحش» أو «أسوي حرحشة»، وتخص العامة جفاف الحلق بصفة الحماطة وهي عربية فصحى «الحَماطَةُ: حُرْقَةٌ وخُشونَةٌ يَجِدُها الرَّجُلُ في الحَلْقِ» (تاج العروس مادة حمط). وأصل الفعل حرحش من حرش بتكرار حرف الحاء، وتسمى الحرحشة في الفصحى «الحرشة»؛ جاء في معجم تاج العروس (مادة حرش): «الحُرْشَةُ بالضَّمِّ: شِبْهُ الحَمَاطَةِ وهي الخُشُونَةُ».

ج - گرگع (قرقع): بمعنى قرع (بصورة مبالغة)، وهي من الفصحى «قرع» بدون قاف.

د - گرگش (قرقش): من الگرگشة (القرقشة) وهو الصوت الناتج من وقوع قطع الحديد أو النقود على بعضها ومنها قيل «گرگش (أي قرقش) فلوسك (أي نقودك)»، وهي من الفصحى قرش؛ «واقْتَرَشَتْ: وَقَعَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فسَمِعْتَ لَهَا صَوْتاً» (تاج العروس مادة قرش).

ل - الفعل «شرشح» وشرشحه أي جرحه بالكلام، وأصل الفعل شرَّح أي قطع اللحم إلى شرائح ومنه تطور دلالياً ليعني التجريح باللسان، ومثل ذلك الفعل شتّر أي جرح بالسيف أو اللسان.

و - بلبس: تقول العامة فلان إتبَلبَس أي لم يستطع الكلام لشدة خوفه (Holes 2004b) ومنه يقال فلان مِتبَلبِس، وأصله في الفصحى من بلس؛ يقال في اللغة أَبْلَسَ الرجل إذا دَهِشَ وَتَحَيَّر، والبَلِس ككَتِفٍ: المُبْلِسُ الساكتُ على ما في نَفْسِه من الحُزنِ أو الخوف (تاج العروس مادة بلس).

ي - تسلسل: التسلسل عند العامة في البحرين (اللهجة البحرانية بالخصوص) يعني يتحرك في خفاء وهي في اللغة تسلَّل. وفي هذه الحالة تم تحويل الصيغة الفعلية تفعَّل إلى تفعفل؛ أي أن فاء الفعل هي التي تكررت فالتاء هنا حرف زيادة وليس فاء الفعل.

العدد 3836 - الجمعة 08 مارس 2013م الموافق 25 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً