العدد 1553 - الأربعاء 06 ديسمبر 2006م الموافق 15 ذي القعدة 1427هـ

خليفة يتهم عبدالقادر بأنه كان الوليمة «باختصار»

«اثنا عشر ذئباً على مائدتي»

العدلية - المحرر الثقافي 

06 ديسمبر 2006

«اثنا عشر ذئبًا على مائدتي»، سيثير هذا العنوان حواسك، وأنا سأجد السيد المسيح يحضر النص، كما حضرته مريم العذراء وزكريا، وحيداً يحضره، تنتابه الحيرة محاطا بحوارييه الاثني عشر، في حين أن عبدالقادر عقيل يحضر مائدته اثنا عشر ذئبا.

الناقد جعفر حسن قال ذلك، مرفقا شكره لمقدمه الناقد فهد حسين، على كثير من الملاحظات التي خدمت الدراسة، وعلق عليه الشاعر علي عبدالله خليفة بشأن مائدة الذئاب: «أن يكون اثنا عشر ذئبا على مائدتك، فلا شك في أنك ستكون الوليمة».

عبدالقادر عقيل المولود العام 1945م، روائي عرف بتميز أعماله، لكنه انقطع لفترة، كان غيابه يشكل تهمة لروائي يتقن السرد، ليظهر مرة أخرى في كتابه الجديد «اثنا عشر ذئبا على مائدتي»، الذي ألقى عليه ألواح النقد جعفر حسن بأسرة الأدباء والكتاب. يشار إلى أن الورقة التي قدمها الناقد جعفر حسن هي جزء من دراسة يحتويها كتاب تحت عنوان: «بنية النص».

وتحت عنوان: «عجائبية السرد، غرائبية الحكي» يقوم حسن بدراسة السرد في المجموعة، معتبرا أن السرد الغرائبي، سرد يقول للمتلقي بعدم إمكان حدوثه في الحياة، والعجائبي يمكن للقارئ أن يفهمه متى قرر قبول قوانين جديدة للطبيعة، يمكن تفسير الظواهر بها، فيقول جعفر: «إن العجائبي هو التردد الذي يحس به كائن لا يعرف غير قوانين الطبيعة، فيما يواجه حادثاً غير طبيعي بحسب الظاهر»، بهذه المقدمة يدلف جعفر حسن إلى تفكيك النص، والاشتغال على الغرائبي والعجائبي فيه.

جعفر الذي اعتبر أن السرد لدى عبدالقادر عقيل كان يتكئ على الموروث، أخذ على عاتقه إثبات ذلك بأكثر من مثال، فحين تحدث السارد عن العدد «اثني عشر»، وهو عدد الذئاب التي على مائدته، ربطها جعفر بعدد حواريي المسيح، ودخولهم الكهف، ربطها بدخول أصحاب الكهف، وكذلك هو التطهر بالدم، فيقول جعفر: «لعل مسألة التطهر بالدم بعد قتل موسى تشير إلى الصوفية... ويبدو أن الرقم سبعة الوارد في السرد يقترح تلك القداسة التي تحيط به»، فاليوم السابع هو يوم الانتهاء من الخلق الإلهي.

كما أشار جعفر إلى إن التقنية التي ينتهجها عقيل، والتي تجعل البطل مشاركا في صنع الحادث وهو الراوي أيضاً، هي تقنية قارة لدى عبدالقادر، إذ نجد البطل يتكلم «بصفته الفاعلة داخل السرد»، وهي تقنية ظهرت في نصوصه السابقة، ولكن يستدرك جعفر بأن هذه التقنية وإن بدت بسيطة، فإنها أكثر تعقيداً، ويوعز السبب إلى أن من يشارك في الحادث يوهمنا بأنه هو الراوي، في حين أنه يختبئ خلف الراوي ويبرز في الصور، كما أشار إلى أن البطل هنا لا يتغير في ذاته، ولا يتأثر بالحوادث، بينما يتحول البطل من شخص طبيعي إلى حال هلوسة، فتخترق من قبل المنطق المغاير.

في ختام ورقته يشير الناقد إلى سمة لازمت لعبدالقادر، وتبدو واضحة في الإهداء الذي قدم به كتابه، فيعتقد جعفر أنه على رغم ما عرف عن عبدالقادر من مساحة كبيرة في السرد، فإنه يمتلك شاعرية تخترق نصوصه، موظفة صورا تستحث المتلقي على مكابدتها، ويستدرك جعفر قائلا: «إلا أننا لم نلمحه شاعراً»، كما حدث في الإهداء، مستفهما عن تلك الجميلة التي دفعت بعبدالقادر إلى نار الشعرية، فيكون شاعراً يلتهب بالنص، والنص:

«كن أعمى... ترى جمالها

وجاهلاً... تحظى بعلمها

كن أعمى عن مشاهدة أحد سواها

يا صاحب العينين

اغمض عينيك عن العالم

وافتح عينيك عليها

وعلى جمالها المقدس».

جعفر الذي لم يرأف بالمرور على وليمة الذئاب، والجالس أمامها، قرر أن يسجل هذه الخطيئة التي اعتبرها جميلة، ضد عبدالقادر عقيل، هذا الذي يحضر مائدته اثنا عشر ذئبا، فيتحول هو المائدة. في نهاية الأمسية فتح باب الأسئلة، فتناول السؤال الشاعر كريم رضي، الذي اعتبر أن الاختيارات التي انتقاها جعفر من ورقته المقدمة لم تلامس النص، معتبرا في الوقت نفسه أن غاية كل كاتب يستلهم التراث أن يحاول سحب النص من لا زمنيته، لأن النص - كما يقول رضي - فوق الزمن، في حين علق الناقد فهد حسين بأن عبدالقادر عقيل أكثر الروائيين والقصاصين في البحرين استطاع أن يوظف الموروث الديني، برؤية متقدمة، وأفضل مثال اعتبره فهد كتابه «كف مريم» و «أيام يوسف الأخيرة»

العدد 1553 - الأربعاء 06 ديسمبر 2006م الموافق 15 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً