العدد 3849 - الخميس 21 مارس 2013م الموافق 09 جمادى الأولى 1434هـ

تحوّل نوعي في آلية عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة

محمد عبدالرؤوف

المنسق العالمي للمجتمع المدني لمجموعة البحث العلمي التابعة إلى برنامج الأمم المتحدة للبيئة

كثير من الناس شعروا بالإحباط من الوثيقة الختامية «المستقبل الذي نريده» لمؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو+20)، يونيو/ حزيران 2012 المنعقد في ريو دي جانيرو بالبرازيل، وعلى رغم مؤشرات الإحباط التي أحيطت بالوثيقة فإنني كنت شخصيّاً متفائلاً حيث اعتقدت أن قمة الأرض (ريو+20) تمثل الخطوة الأولى في مسار التغيير النوعي في عمل اليونيب بمنهجية حديثة تتوافق ومتغيرات العمل الدولي البيئي، وعلى الحكومات والشعوب العمل بفاعلية للارتقاء بمخرجات القمة وتكريسها على الواقع الملموس، وأن مستقبل العمل الدولي البيئي يشكل المؤشر الفعلي في تحديد إيجابية نتائج القمة من عدمه.

إن المؤشرات الأولية لايجابية مخرجات القمة؛ أكدت حضورها في نتائج الاجتماع الأول لمجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي جرى تنظيم فعالياته في نيروبي بكينيا في الفترة من 18 إلى 22 فبراير/ شباط 2013 بحضور جميع دول العالم، وركّزت أجندته في بحث الاتجاهات العملية لتنفيذ نتائج مؤتمر ريو+20. وجرى في سياق ذلك التركيز خصوصاً على معالجة الأسس المنهجية التي ينبغي توافرها للتمكن من تعزيز وتطوير برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

كما أن من النتائج التاريخية لاجتماع نيروبي التي تشكل إضافة مهمة في استراتيجية العمل الدولي البيئي؛ إنشاء الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة UNEA، وتلك خطوة مهمة في تعزيز قوة وفاعلية اليونيب في رسم السياسات وصنع القرارات الدولية في الشأن البيئي. ومن الطبيعي أن يؤدي الهيكل الإداري الجديد لليونيب إلى إيجاد وترسيخ منهج أفضل في سياسة إدارة العمل الدولي البيئي، وتحسين الكفاءة والمساءلة، كما يؤدي إلى توفير تمويل ودعم مالي أفضل لمشاريع برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وإن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا السياق أيضاً؛ القرارات المهمة التي تؤكد أنه يجري اختتام أعمال كل دورة من دورات مجلس إدارة UNEP بتنظيم اجتماع عمل لمدة يومين على مستوى الوزراء، ويكون جزءًا لا يتجزأ من اجتماع مجلس الإدارة، ويجرى في سياق عمله اتخاذ القرارات الاستراتيجية وتوفير التوجيه السياسي الشامل وتحديد استجابات السياسات لمواجهة التحديات البيئية الناشئة، وإجراء مراجعة السياسات وتبادل الخبرات في الشأن البيئي.

يذكر أن التوصية التي تبنتها منظمات المجتمع المدني في العمل على إيجاد آليات جديدة لتعزيز الشفافية والمشاركة الفعالة للمجموعات الرئيسية وأصحاب المصلحة (الجمعيات الأهلية والشباب والمرأة والبحث العلمي...إلخ)، في مجلس إدارة يونيب والهيئات الفرعية خطوة مطلوب تفعيلها، وينبغي بحلول العام 2014 تطوير عملية اعتماد المجموعات الرئيسية وأصحاب المصلحة المتمثلة في منظمات المجتمع المدني بفئاتها كافة، وتبني القواعد الإجرائية والآليات لتحقيق مشاركتهم الفعالة في اجتماعات مجلس إدارة اليونيب.

ومما يدعو للأسف؛ أن مجلس إدارة اليونيب لم يكن قادراً على اتخاذ قرار يمكن المجتمع المدني من المشاركة على قدم المساواة مع الحكومات، على رغم أن بعض الحكومات أكدت أهمية المجتمع المدني، وأنهم شركاء حقيقيون في آلية عمل اليونيب، بيدَ أن ذلك يبقى مجرد كلام ولم يترجم إلى قرار، حيث أكدوا أن المشاركة في مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة عملية تخص الحكومات فقط وبالتالي صياغة واتخاذ القرارات يجب أن تقتصر على الحكومات، وخصوصاً أن كثيراً من المحافل الدولية متعددة الأطراف (كمجلس الأمن) ليس للمجتمع المدني حق المشاركة في صنع ما يصدر عنها من قرارات.

وينبغي التأكيد على أنه، من أجل ضمان الشفافية والفاعلية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بمنهج عمله الجديد؛ من الضروري العمل على تعزيز دور منظمات المجتمع المدني؛ لأنها تمثل القطاع الفعلي الذي يمكن أن يعبر عن المطالب الحقيقية للقطاعات المجتمعية في بلدانهم، وهم أصحاب المصلحة الحقيقيون في اتخاذ القرارات وإقرار السياسات البيئية العالمية، وإذا لم يصبحوا شركاء على قدم المساواة مع الحكومات في عملية صنع القرارات؛ لا يمكننا أن نضمن تمثيل القرارات لاحتياجاتهم وتطلعاتهم. ومن الضروري العمل على تعزيز دور المجتمع المدني من خلال منحه حق المشاركة الكاملة وحرية الوصول إلى المعلومات وحضور جميع الاجتماعات والفعاليات على المستويات كافة، وأن تتاح لها الفرص نفسها المتاحة للحكومات للتعبير عن الآراء ووجهات النظر في جميع الاجتماعات. وذلك يمكن اعتباره حلاًّ وسطيّاً في تطبيق قاعدة (5 إلى 1)، بإعطاء فرصة التحدث لخمس دول من الأعضاء الذين لهم حق الحديث، مقابل إعطاء حق التحدث لمجموعة واحدة رئيسية من منظمات المجتمع المدني.

خلاصة القول إن هيكل الإدارة الجديد الذي يعزّز دور المجتمع المدني يمكن أن يساعد في حل العديد من القضايا البيئية العالمية الحالية، وإن الحوكمة البيئية الرشيدة شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة التي من شأنها أن تضمن أن نورث لأبنائنا وأحفادنا عالماً أكثر عدلاً وازدهاراً واستدامة.

العدد 3849 - الخميس 21 مارس 2013م الموافق 09 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:58 ص

      عبد العزيز

      مشكورين ونرجو المزيد من المقالات فى مجالات جديدة مثل البيئة

    • زائر 2 | 8:18 ص

      عبد الله

      بصفتى من العاملين فى مجال البيئة - اتمنى ان يمثل ذلك تقوبة وتمكين لدور برنامج الامم المتحدة للبيئة - شكرا للوسط على هذا المقال

    • زائر 1 | 12:39 م

      على

      مشكور على المعلومات الجديدة بخصوص عمل يونيب

اقرأ ايضاً