العدد 1534 - الجمعة 17 نوفمبر 2006م الموافق 25 شوال 1427هـ

"الوزير... وسعادة حرمه"

كشف مواطن الفساد وطغيان حب المال "الوزير... وسعادة حرمه" واقع فاسد لكنه كوميدي، أصبحت الدراما السورية مَعْلَماً من معالم الشاشة العربية وبرهنت على تميز و"حرفنة" جعلتها تحتل مراكز الصدارة في السنوات الأخيرة وتدخل قلوب المشاهدين، وذلك عبر سلسلة من الأعمال الناجحة شكلاً ومضموناً، أضافت رونقاً وتألقاً وإبداعاً "زين" الشاشة الصغيرة، وعلى هذا الأساس كانت شاشة تلفزيون أبوظبي على موعد مع المسلسل السوري "الوزير... وسعادة حرمه" الذي قام ببطولته النجم أيمن زيدان ومعه كوكبة من نجوم الشاشة السورية.

يدور المسلسل في "إطار" فكاهي اجتماعي حول المحامي حمدي (أيمن زيدان) الذي عانى وعائلته من ظروف معيشية صعبة نتيجة تمسكه بأخلاق المهنة وانتسابه الى أحد الأحزاب السياسية "المضحكة" و"المفككة" ولكن الأمور تنقلب رأساً على عقب عندما يتولى منصباً وزارياً فيسعى جاهداً الى محاربة الفساد والبيروقراطية ويواجه خصوماً غير متوقعين ممثلين في أفراد عائلته وكل ذلك في "كادر" فكاهي لم يحجب رسالة العمل الفني.

المسلسل "مرآة" واقعية للحياة اليومية في المجتمعات العربية، ونجح في إبراز الفساد الذي "يسرح ويمرح" في الوزارات الحكومية وينهب خيرات البلاد. المسلسل دراما طبيعية مئة في المئة مستمدة من واقع ملموس "عشعش" في دورة الحياة اليومية وناقش قضايا جوهرية ومحورية، فكان الصراع بين الخير والشر. هو صراعٌ عنيف مالت الغلبة فيه في البداية نحو الشر وشركائه من الفساد والطبقة البيروقراطية وظهر مدى "تجذر" حب المال واستغلال الجاه والسلطة في "عقول" ضعاف النفس وعمالقة الفساد. المسلسل "دوّخ" المشاهدين بكمّ المؤامرات التي حَفِل بها وكانت الكلمة الأخيرة فيه للغة المال والجاه التي دخلت على "الخط" بين أفراد الأسرة الواحدة والعائلة الواحدة لتفرق بينهم وتضعهم في مواجهة بعضهم بعضاً، فقضت على أواصر العلاقة الزوجية، وحلّت المصالح و"ملايين الليرات" محل الحب والتفاهم فحدثت الهوّة التي دفنت معها المبادئ والقيم الأخلاقية.

وجوه الشر التي ضحكت الضحكة الأولى تمثلت في تمام وزوجته ناديا ويحيى وأبوجلال وفتون وحتى أمل (رنا الأبيض) زوجة حمدي والتي غرّتها الأموال وانزلقت في "مستنقع الطبقة العالية" فهامت في مسالك الضياع وكسرت الجرّة التي تربطها بزوجها نتيجة انبهارها بعالم الأضواء وانجرارها وراء إغراء "المادة" التي سحرتها و"جيّشتها" ضمن "لوائها" وأنستها حتى زميلتها المعلمة التي وقفت بجانبها عندما واجهت ظلم "الكبار". فأظهرت رنا الأبيض براعة في أداء الدور ونجحت في إتقان التحول "الدراماتيكي" من العصر الفقير "الطيب" الى العصر الراقي "الشرير" فأضحت العبء الثقيل على كاهل زوجها ورأس الحربة الجديد الذي كسر "شوكته".

وكان يحيى (أندريه سكاف) النموذج الحي "للتملق" و"الحرباء" التي تغير لونها نتيجة الظروف فكان "ذليلاً" أمام الرؤساء و"عنتراً" على المواطنين و"ضعيفاً" أمام "سطوة" المال.

أما أيمن زيدان فكان "قلب" الدفاع في مواجهة هجوم "أجنحة" الشر فقاد سفينة العائلة وإن لم يكن دوره متميزاً مثلما كان في "هناء وجميل" وعابت شخصيته بعض السذاجة "المنقّحة".

أما الشخصيتان اللتان أبرزتا الجانب الكوميدي ببراعة فكان بطلاها غسان "محمد أوسو" ونبيل "محمد حداقي".

فكانا المفارقة بحق وأظهرا إمكانات كبيرة وقدرات نجحت في إثبات وجودها فاستحقا رفع قبعة الاحترام لأدائهما "السهل الممتنع". المسلسل رسم صورة واقعية مستنبطة من المجتمع لتغلغل الفساد في مجتمعاتنا ودور المال في "زعزعة" أسس العائلة ولكنه في النهاية نصر الحق على الباطل الذي لا يدوم.

محمد مزاحم

العدد 1534 - الجمعة 17 نوفمبر 2006م الموافق 25 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً