العدد 1546 - الأربعاء 29 نوفمبر 2006م الموافق 08 ذي القعدة 1427هـ

العراق بوابة بوش للدخول أم للخروج من المنطقة؟

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

من المتوقع ان يلتقي اليوم (الخميس) الرئيس الاميركي جورج بوش برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في العاصمة الاردنية عمان التي يعد اختيارها محطة للتفاوض مع الحكومة العراقية دلالة مهمة الى توجه الاستراتيجية الجديدة في التعامل مع العنف في العراق، خصوصا وان اختيار بوش لها ساحة للتفاوض جاء بعد الانتخابات النصفية التي مني بها الحزب الجمهوري بخسارة كبيرة قيل ان فشل الادارة الاميركية في العراق كان احداهم اسباب هذه الخسارة.

اذا كانت أميركا تشعر ان ايران هي بوابتها الرئيسية للسيطرة على الشيعة في العراق، فانها عمليا لا تعرف الدولة التي يجب ان تدخل من بابها لاهل السنة، لا لان اهل السنة العراقيين لا يملكون مرجعية سياسية او دينية موحدة فقط، بل لانهم يشكلون الان مجاميع مختلفة بعضها علماني ومعظمها ديني مسيس واقلها ديني غير مسيس.

التسريبات الاولية لنتائج تقرير مجموعة دراسة العراق برئاسة وزير الخارجية الاميركية الاسبق جيمس بيكر، والرئيس السابق للجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي لي هاملتون تشير الى ان بيكر سيوصي بفتح حوار مباشر مع ايران وسورية للمساعدة على انهاء العنف الطائفي المستشري في العراق، وهو ما يرفضه المحافظون الجدد الذين ما زالوا يقودون السياستين الخارجية والدفاع.

وحسب معظم التقارير الاميركية الواردة فان الرئيس االأميركي منح صديق العائلة جيمس بيكر صلاحيات واسعة لاختيار الطريقة التي يجب ان تدار بها السياسة الاميركية في العراق، وحسب ما يقال ايضا عن بيكر فهو سياسي يرفض الدخول في اية لجنة اذا لم يكن قد ضمن ان هناك من سيسمع ما يقوله، وهو بذلك قد يحرج ادارة بوش التي ترفض الحوار مع الد اعدائها وهما سورية وايران، وهو كما قلنا ترفضه واشنطن رفضا قطعيا بنى على عدم التفاوض مع هاتين الدولتين اساس سياسة المحافظين الجدد قبل البدء باحتلال العراق.

لكن كيف لواشنطن ان تضمن التحاور مع المجاميع السنية دون تدخل مباشر من التي ا يعدها بوش بوابة المسلحين الى العراق ؟

المجاميع السنية في العراق تنقسم الى تيارات مختلفة لكنها في كل الاحوال يمكن تقسيمها الى تيارين احدهما (علماني - ديني) تملك سوريةا تاثيرا مباشرا على معظمه وهو يمثل حسب تصنيف المحافظين الجدد تيارات «متطرفة» لا تريد واشنطن التحاور معها، وتيارا اخر (عشائري - ديني) للسعودية والاردن تاثير فاعل على مجاميعه، وهي في كل الاحوال تمثل الدوائر المعتدلة بالنسبة لواشنطن.

الستراتيجية االأميركية القادمة لوقف العنف في العراق قد تنبني على اساس تكتل سني محلي مدعوم من «الدول المعتدلة» في المعادلة الاقليمية، وتقصد واشنطن بهده الدول السعودية والاردن ومصر للوقوف ضد داعمي التيار «المتشدد والمؤثر» في العراق حسب المحافظين الجدد طبعا، وهما «ايران وسورية»، وهي معادلة مبنية على اخافة الدول العربية السنية من تطور قوة التيار شيعي - ايراني في المنطقة لدعم أي موقف ضد ايران وسورية في المستقبل.

لقد كان من المستبعد على بوش المعروف بموقفه المعادي من طهران ودمشق ان يوافق على فتح حوار مع هاتين الدولتين حول العراق، ربما لانهما يمثلان جبهة واحدة ضد المصالح الامريكية في المنطقة. لا بل ان الواضح من خيارات بوش الحالية انه يبحث عن تيارات مضادة لما يسمى التوسع الايراني في المنطقة وتنامي قوتها النووية، وهو ما يمثل سياسة واشنطن الجديدة تجاه المنطقة، التي يبدو ان العراق ستكون حجة واشنطن لممارسة الضغط على دول الشرق الاوسط لتقف معها ضد ايران وقوتها المتصاعدة.

لكن ماذا سيطلب بوش من المالكي في قمتهما بالعاصمة الاردنية ؟

سبق لقاء بوش بالمالكي موجتان اعلاميتان مصدرهما وسائل اعلام أميركية اشارت الاولى الى ان حزب الله درب عناصر من جيش المهدي، وهو ما نفاه التيار الصدري بشدة، والثانية تقارير لمحللين اميريكان يقولون فيها ان رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي غير قادر على فرض الاستقرار، و»انه مؤيد للميليشيات الشيعية ان لم يكن متواطئا معها».

هذه التسريبات تؤكد ان موضوع الميليشات وفي مقدمتها جيش المهدي قد تكون من اولويات المحادثات الاميركية العراقية في عمان، بالاضافة الى محاولة ممارسة ضغط اميركي على المالكي لتنفيذ اجندة سياسية امييركية حاول الساسة العراقيون في الماضي تجاهلها لاسباب اعتبرت لها علاقة ببناء مؤسسات البلد المستقلة، لكنها لم تحصل حتى الان على مباركة من واشنطن التي قررت ان تمارس الضغط هذه المرة بطريقة مختلفة عن فترة الاحتلال، لتدخل مرحلة الوصاية السياسية.

وهي مرحلة قد تعد من اواخر المحاولات االاميركية للخروج من المأزق العراقي الذي تحول هذا البلد الى بوابة واشنطن الوحيدة التي يمكن من خلالها ان تستمر أميركا في بسط نفوذها على المنطقة، او تكون هي البوابة التي ستخرج منها امريكا ولن تعود منها لسنين قادمة على الاقل.

وفي كل الاحوال لم يبق امام بوش سوى خيارات قليلة لايجاد حل للمأزق العراقي الذي لا يمكن حله الا بتغيير سياسة بوش تجاه كل دول المنطقة، وهي بداية النهاية لسياسة المحافظين الامريكان الجدد?

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 1546 - الأربعاء 29 نوفمبر 2006م الموافق 08 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً