العدد 3878 - الجمعة 19 أبريل 2013م الموافق 08 جمادى الآخرة 1434هـ

الفنان كمال الصوص: الأبيض والأسود أقدر على توصيل الرسالة

اتشحت معظم لوحات الفنان كمال الصوص في معرضه «الحنين إلى الماضي» في جمعية البحرين للفنون التشكيلية باللونين الأبيض والأسود، وبالخطوط الهندسية في محاولة للتعبير عن مجموعة من الأفكار بعضها تقولها اللوحة من طرف خفي وبعضها تقولها العناوين مباشرة أو في صيغة شعرية. هكذا تأخذنا العناوين إلى قلب الحدث الذي صنعت فيه أو من أجله اللوحة في حالة تعبيرية.

عن معرضه يقول الصوص «إنها لوحاتي الأولى التي أبدأ الآن في عرضها بعد إعادة تهيئتها، في المجتمع البحريني الذي لا يعرفني إلا مهندساً. ولكونها تنتمي لحقبة الستينات والسبعينات، فقد أسميت المعرض (الحنين إلى الماضي). أما اقتصاري على الأبيض والأسود فلكونه أقدر على توصيل الرسالة. لذا فإن معظم اللوحات تتسم بحالة تعبيرية كونها زامنت بداية أحداث لبنان والقضية الفلسطينية، وقسوة الوضع الأمني. ولطبيعة تلك المرحلة فقد اتسمت بشيء من التعبيرية والتكعيبية، وربما لكوني مهندساً اقتصرت لوحاتي الأولى على هذه الخطوط الهندسية، وربما لكون الرسم بهذه الطريقة في متناول اليد من حيث بساطة المواد وتوفرها في تلك الفترة الصعبة».

في هذا المعرض تستوقفك أولى لوحات الفنان كمال الصوص تحت مسمى انسجام لترى الأبيض والأسود وقد مثلا حالة عناق واحتضان وتداخل. وتشد هذه اللوحة في انزياح صريح عن الخطوط الهندسية لتوظف الأقواس في التعبير عن موضوعها وهي لحظة العناق التي تتسم بالعاطفة، ولذلك ليس غريباً أن تلين الخطوط وتتداخل وتنحني على بعضها في حنو وانسجام.

ولعله في سياق هذه اللوحة تتابع مجموعة من اللوحات على النمط نفسه سواء على مستوى العناوين أو على مستوى الشكل، حيث تبرز لوحة (العروسان) في تشابك وانسجام آخر بين الخطوط والنقاط. تحضر في السياق نفسه لوحات لشخصيات نسائية قدمها الفنان في صورة تعبيرية بالخطوط الهندسية نفسها منها (الأم ميري) التي تتبدى مشرقة بإضافة اللون البنفسجي الخفيف الفاتح لتعكس حالة الراحة والإشراق كبقايا طيف مر بالفنان فلم يستطع إلا أن يقدمه في لوحة وذلك كما أسر لي حين قال إن والدته أخبرته «إن السيدة التي رآها في الحلم بهذا الإشراق إنما هي الست مريم».

وفي سياقها كذلك لوحة الأم اليابانية بلباسها المميز في تعبير هندسي كما رآها الفنان، وكذلك هي لوحة الأخت أنجلا في هدوئها وحنوّها رغم الخطوط البسيطة التي جسدتها، ثم لوحة فتاة الغيشا، وكذلك لوحات النماذج النسائية الأخرى التي تبدت في رصد حالات المرأة بين البؤس والأناقة والكبرياء، كما هي العناوين والتصاميم داخل اللوحات نفسها.

وفي مجموعة أخرى يبدو الفنان كمن يرصد قسوة تلك الأيام التي مر بها في رصد لآثار البؤس والشقاء وآثار الحرب. وقد تجسد ذلك في لوحة (أوجاع الزمان) التي تعنون هذا المحور وهذه المرحلة مباشرة، وكذلك في تتابعات لوحات أخرى على المنوال نفسه منها الغريب حيث يملأ اللون الأسود شكل الرجل تماماً، وكذلك لوحة التشرد حيث يجسد الفنان امرأة تحمل ابنها ذاهلة وسط الركام، ولوحة القيود التي تمثل إنساناً يعثر في أقياده ويبدو جسده كأشكال هندسية متداخلة في بعضها. وفي السياق نفسه لوحة ملك الموت الذي يجثم في الحروب على الأرض، ولوحة القلب الحزين، والقلق حيث يجثو الإنسان على ركبتيه ويلقي برأسه بينهما من شدة الهم، وكذلك لوحة المشتت في شكل رأس تتداخل أجزاؤه في بعضها، ولوحة تمثل الظلم حيث يقبع المظلوم مبتئساً على كرسيه حزيناً، وفي مقابل ذلك لوحات تجسد صانع الظلم والتي تمثلت في جبروت إنسان حيث يقف متجبراً على وردة صغيرة في الأرض تهز كيانه ولا يستطيع أن يدوسها برجله إذ جمد الفنان هذه اللقطة متحدياً جبروت الظالم. وتختتم هذه اللوحات لوحة القوي والضعيف حيث مجموعة من الخطوط التي مثلت تجبر القوي في مقابل كبرياء الضعيف وعدم اهتمامه ورفع يديه للأعلى ليوصل رسالته ويقف أمام القوي وجبروته بلا خوف ولا وجل. وفي مقابل المحورين السابقين اصطفت على الجدار مجموعة من اللوحات جسدت شيئاً من الأمل حيث يحضر فيها المبدع والمفكر والفنان والمثقف الذين تجسدوا على مستوى عناوين اللوحات أو التصاميم التي شكلتها الخطوط بالأبيض والأسود في كل اللوحات. إذ يجسد الفنان في لوحاته تعابير لنماذج إنسانية تسهم في توازن الحياة.

العدد 3878 - الجمعة 19 أبريل 2013م الموافق 08 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً