العدد 3902 - الإثنين 13 مايو 2013م الموافق 03 رجب 1434هـ

جبهة الجولان أم جبهة النصرة؟

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يري أحد الساسة اللبنانيين الذين يعملون طوال وقتهم على تهوين وتحقير وتخوين المقاومة الإسلامية الوطنية العربية عموماً واللبنانية خصوصاً، في رده على الدعوة لفتح جبهة الجولان للمقاومة ضد الكيان الصهيوني؛ بأن «الجولان غير مؤهل لهذا النوع من المقاومة»! تصوروا، أن هذا التصريح بخلاف ما كان يدعو له بعض الساسة العرب ومنهم اللبنانيون وهم يصرخون دائماً وينتقدون النظام السوري لصمته عن جبهة الجولان، وكأن الجبهتين المصرية والأردنية مشتعلتان منذ سنوات في وجه الكيان الغاصب وتحققان أقسى الضربات الموجعة له.

إن خوف أمثال هذا السياسي ومن يسير على نهجه منذ بدأت الأزمة السورية من هذه الدعوة، وإن كانت ما تزال شفاهية لم تنزل على أرض الواقع الميداني؛ هو من التطورات الدراماتيكية التي مرت وتمر بها الساحة السورية منذ أيام والملتهبة منذ سنتين بشتى عمليات القتل والتخريب والتدمير والفتاوى الهمجية. هذه التطورات التي عُنونت باتفاق العملاقين روسيا وأميركا على ضرورة تسوية الأزمة بالطرق السلمية مما أربك الكثير من الخصوم هنا وهناك.

فمنذ أن نجح الغرب بزعامة الولايات المتحدة في إبعاد العراق عن مسرح السياسة العربية مؤثراً وصار متأثراً بما يجري إثر مغامرات صدام حسين ضد شعبه أولاً، ثم جيرانه ثانياً، ثم بتدمير العراق كلياً ثالثاً، بحيث لا يُسمح له اليوم بالنهوض حالياً وذلك بقرار غربي وبتنفيذ وبأدوات عربية لتزيدنا فاجعة. وبعد أن غابت مصر عن القرار السياسي العربي الفاعل في السياسة الدولية منذ عهد مبارك وحتى اليوم؛ وانكفاء المغرب العربي أساساً منذ استقلاله تحت عباءة الهيمنة الفرنسية، سراً، وإن كان ظاهرها الاستقلال جهراً. ومحاولة القوى الغربية إبعاد تلك الكتلة البشرية والمادية الضخمة في مغرب الوطن العربي عن مشرقه بجدار عازل غير مرئي، ساهم فيه المثقف والسياسي العربي للأسف، يعيش في النفوس والقلوب واللغة والتوجه والأفكار.

واليوم يأتي دور إبعاد سورية ثالث دول الشرق الأوسط العربية المؤثرة، وإن كنا نختلف فيما بيننا تجاه ما يحدث على أرضها، بتدميرها كلياً أيضاً وإبعادها تماماً عن مركز القرار المصيري السياسي والمقاوم للعرب؛ كي يبقى الوطن العربي، بعد هذه الخطط، غير موحّد تحت سلطات قزمية جاهلة، بل ضحية النزف والاقتتال على الهوية والطائفية إلى ما لا نهاية إن أمكن.

إلا أن ما حدث عقب الغارة الصهيونية على دمشق وكأنها كانت اللمسة السحرية، رغم قسوتها، هو تبلور فكرة مس الكيان الصهيوني ولو بدعوة لفتح جبهة جديدة لمقاومته، والمضي قدماً بتزويد المقاومة اللبنانية المسلحة وبالتحديد حزب الله بأسلحة نوعية سواءً أكانت من سورية أو عن طريقها؛ فهذا مؤشر خطير للولايات المتحدة والصهاينة، ونتائجه غير طيبة، لم يكن يتوقعها الغرب، من وراء إطالة عمر الأزمة أو التحرش بضرب العمق السوري أكثر من مرة. وقد خابت آمال الداعين لمحاربة الإرهاب الدولي من الغرب والشرق بعد تعلقهم بقشة «جبهة النصرة» ودعمها بالسلاح والمال وفتاوى «جهاد المناكحة»، وخصوصاً مع تصريحها الارتماء علناً في أحضان ما تسمى بـ «القاعدة»، الوجه الآخر للعبة الإرهاب المصطنعة دولياً. ولله حكمة بالغة حين يُنطق أهل الباطل بالحق أحياناً.

بناءً على ما سبق، وجدت الولايات المتحدة وحلفاؤها شرقاً وغرباً، أن تقصير عمر الأزمة السورية وإبعاد «جبهة النصرة» عن المشهد السياسي وجعلها على خط الاحتياط للمشهد العسكري مستقبلاً ريثما تتضح الأمور تدريجياً، لهو أفضل بكثير من ترك الدعوة لفتح جبهة الجولان ومشاركة حزب الله بها والإسراع بتسليح المقاومة اللبنانية بأسلحة نوعية. ومن هنا تطرح بعض الاتفاقات المرحلية التي بدأت بتراجع الولايات المتحدة عن تسليح المعارضة المقاتلة وتحويل ذلك لمساعدات إنسانية بـ 100 مليون دولار فقط. انه اختيار بين أن تستمر «جبهة النصرة» ومن يدعمها عسكرياً ويحرّضها لتدمير سورية، وبين فتح جبهات مقاومة جديدة في الشرق الأوسط قريبة جداً من الكيان الصهيوني. ومما زاد الطين بلة، دعوة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، إلى فتح كل الجبهات العربية أمام المقاومة الفلسطينية والمقاومين العرب، وأهمها جبهة الأردن، وعن استعداد فدائيي الجبهة للقيام بعمليات عسكرية ضد الاحتلال الصهيوني ومستوطنيه على طريق تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها. وغداً سينطلق صوت آخر متحمس يدعو لتحريك جبهة مصر والتي بدأت فعلاً تسخن قبل شهور، وإن في أوقات متفرقة، بعمليات ضد الصهاينة انطلاقاً من سيناء.

ودخلت كتائب شهداء الأقصى على الخط مرحبةً بالعودة إلى نهج الكفاح المسلح في كل المواقع بإعلان دمشق السماح للفصائل الفلسطينية بضرب الكيان الصهيوني بالعمل الفدائي عبر الجولان السوري المحتل. لأن القوى العربية المقاومة تنتظر الفرصة وتبحث عن جغرافيا لقتال الكيان الغاصب ولو عن طريق حرب استنزاف طويلة الأمد من القسم السوري غير المحتل من الجولان.

وبذلك أعادت الولايات المتحدة حساباتها، واكتشفت بعيداً عن استشارة حلفائها من الشرق، بأن تكلفة بقاء الأزمة السورية على مشجب النزف وبلا حل سريع، وإن كان مفرحاً لها، سيكون مكلفاً لها وللكيان الصهيوني الربيب في حضنها.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3902 - الإثنين 13 مايو 2013م الموافق 03 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:11 ص

      مسلمو بوسنة وهرسك واليوم سوريا

      النصر من عند الله لكن خوفهم على إسرائيل تسقط فهذه مسألة ليست من منظورات في أفق بنوك السلف. فلما الفزعه على الشعب العراقي كانت ولا يزال القتال والتفجيرات مستمرة؟ ولما الانتصار لأخاك إذا كان ظالما لنفسه ولغيره. فقد حرم الله الفتة ولم يحلل الدم وقتل الأبرياء. فلا ندري أشر أوريد بأهل الأرض أم بسكان بعض المناطق. للكشف عن خبايا ما وراء الفزعة. علينا تتبع بدايتها في أفغانستان وما قبلها، وما علاقة سلف بالبنوك والتي تميل الى تمويل جماعات لتسليحها من أجل أن تموت ولا تعود؟

    • زائر 1 | 2:32 ص

      المقاومة مذنبة ولو حرّرت كل فلسطين = الفرز الحقيقي بين الحقّ والباطل

      ما يحصل الآن على الساحة السورية والساحة البحرينية ايضا هو امتحان واختبار للضمائر الحية ولكي يغربل الناس ليميز الله الخبيث من الطيب.
      (ألم أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون)
      ويقال في الدعاء اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه رغم ان معظم المسلمين يقرأون هذا الدعاء ولكنهم في الواقع يتّبعون العصبية العمياء= يجوزون للشعب السوري الخروج على نظامه بالسلاح ويدينون التحرّك السلمي للشعب البحريني وهي قمة التناقض؟

اقرأ ايضاً