العدد 3924 - الثلثاء 04 يونيو 2013م الموافق 25 رجب 1434هـ

قروض أو عطايا الدول هدفها الاستعمار ولي الذراع

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لو كنت مسئولاً أو رئيس دولة لرفضت أي قرض من الدول العظمى الاستعمارية أو الغنية، إذا كان الهدف من خلفه لي الذراع أو تهميش موقف الدول، أو شراء الموقف السياسي وبيع الضمير ومسخ عقول المواطنين على مستوى البلد.

كثير من المؤسسات الدولية المُقرِضة كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين تأسسا لأهداف نبيلة كإعادة تعمير البلدان الفقيرة أو المتعثرة اقتصادياً، سواءً المتضررة من الحروب أو الظواهر الطبيعية (الزلازل أو الأعاصير...)، وهي بذلك تستخدم مصطلحات: قروض للتنمية الاجتماعية أو الاقتصادية، أو قروض تمويلية لإعادة تعمير مشاريع تنموية في البلدان المقترضة، ولكن ظهر الأمر على خلاف الأهداف المعلنة، التي منها وضع الدول المتعثرة اقتصادياً تحت وصاية الدول العظمى للتأثير على مواقفها السياسية ومصادرة آرائها متى ما شاءت وتطبيق سياساتها الاستعمارية.

أكثر هذه السياسات وضوحاً سياسة إقراض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للدول النامية بسبب الحاجة الاقتصادية الملحة. وهذا ما لمسناه أيام الرئيس المصري المخلوع، الذي يقوم بتكريس السياسة الغربية باحتواء مواقف الدول العربية وتغيير مواقفها متى ما طلبت منه الدولة الكبرى. ولم يقتصر ذلك على السياسة الخارجية لهذه الدول، بل تعدى فرض تلك الإجراءات حتى على مواقف الشعوب.

لقد تم احتواء الإرادة العربية، بسبب الأنظمة البعيدة عن قرار الشعوب والسكوت عن احتلال فلسطين، وأعطيت على طبق من ذهب مقابل سياسة تقديم المليارات من أكبر دولة استعمارية كمساعدات لمصر ولبعض الدول المحيطة بـ «إسرائيل». ومن خلال هذه السياسة الاقتراضية أو قبول المساعدات التنموية، صودر قرارنا السياسي، وأصاب الكثير من دولنا التكلس السياسي بمصادرة إرادتها. وهكذا أصبح تأثيرها على القرار السياسي العالمي لا يساوي شيئاً.

لو واصلت مصر في تطوير جيشها وامتلكت قرارها السياسي لأصبحت قوة كبيرة تحسب الدول العظمى لقرارها ألف حساب. ولكنها انحنت للدول الاستعمارية مقابل بعض المساعدات والقروض الاقتصادية المذلة.

ما يؤلمنا أكثر، أن منظمات كبيرة مثل التعاون الإسلامي ليس لها تأثير على السياسة الدولية، ولا تتضامن مع الدول الإسلامية إذا ما تعرّضت لأية ضغوط سياسية من أعداء الأمة، بل نلاحظ بعض دول الأطراف تساعد الاستعمار الغربي لتكريس وتطبيق الحصار على أعضاء منتسبيها كما هو حاصل ضد إيران. كما أن الجامعة العربية تتبنى تطبيق السياسة الأجنبية ضد منتسبيها كما يحصل في سورية وكما حصل في ليبيا.

إن من أمثلة قروض لي الذراع لأهداف سياسية، إعطاء قرض بقيمة 150 مليون دولار من بنك خليجي إلى مشاريع إسكانية بتونس، مع وجود خلاف سياسي يتعلق بمحاكمة الرئيس المخلوع زين العابدين بن على الذي تطالب به تونس بعد فراره إلى الخارج. وكذلك إقراض صندوق النقد الدولي العراق لتمويل عجز موازنة 2010 بقيمة 500 مليون دولار على دفعتين، كما صرح وزير المالية العراقي باقر الزبيدي. وبالمثل قروض المؤسسات الدولية التي تمنح وفق أجندات الدول العظمى، كما في حالة قرض بمبلغ 4.8 مليار دولار من البنك الدولي لمصر عن طريق المجلس العسكري، وهذا ما أكد عليه الشيخ حسن أبو الأشبال الزهيري بمصر حينما قال في محاضرة له بعنوان «ماذا وراء قرض بنك الدولي لمصر»، وهو لم ينظر للقرض من الناحية الربوية فكل بلاد المسلمين تتعامل بالربا، ولكن المشكلة لما له من وصايا وتوجيه السياسة في هذا البلد (مصر)، فالدائن يملك القرار السيادي على البلد المدين، خصوصاً عندما يعجز عن السداد.

الخلاصة أن القروض لا تحقّق التنمية أبداً، بل تزيد تراكم العجز من الفوائد الربوية وتكريس الوصايا الدولية وفقد القرار السياسي للدول، ويقترح أحد خبراء الاقتصاد الاسلامي بجامعة الأزهر، حسين شحاتة، حلولاً بديلةً للاستغناء عن القروض بالفوائد الربوية، وهي ترشيد الانفاق الحكومي والتركيز على الضرورات والحاجيات الملحة وتأجيل المشروعات الترفيهية والكمالية لحين ميسرة، والقضاء على الاختلاسات والتكسب من الفساد المستشري ووقف الاحتكارات من ذوي النفوذ والكسب الحرام.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3924 - الثلثاء 04 يونيو 2013م الموافق 25 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 6:23 ص

      صح لسانك

      هذا واحنا الدول الخليجية غنيية بالنفط والثروات البحرية ،، لكن سوء استخزامها وصلنا الى هالمرحلة

    • زائر 7 | 6:10 ص

      قروض وعروض

      سياسة الاقتصاد الغير إقتصادي بس صرف وترف وبذخ مو معروفة الوجه لكنها يعرض عليك ثم يعطيك قرض ويش صار دورها أو كورها؟ لا يعتقد أنها كره لكنها دائرة ومدوره تدور الدوائر بها؟ اليس كذلك؟
      في وا حد قالها إنتهى وقت العبيد لكن إستعباد العباد بالمال والاعمال ذل أو شبه ذل لا رجعت فيه

    • زائر 6 | 4:56 ص

      الانفاق الحكومي على الامن!

      ليش ما ذكرت الانفاق على الأمن فكل القروض تذهب للامن فوقفها مهم فيجب ترشيد الانفاق الحكومي على الامن. شكرا لك

    • زائر 5 | 4:29 ص

      هاويه وغاويه وحتى بالبشر ردينه على الى الجاهليه

      هاوية العالم عند ما يغرق الانسان في الاحلام والرفاهيه ويتخلى عن شيء إسمه عدم الاسراف. ها هي الهاويه ونهاية سياسة الاقتصاد الاستهلاكي الأعمي والمبرمج. مرت الطبيعه ودمر البحر والسمك ما تكلم وراح الغزير في سبيل واحد يعتقد أو يضن المال يمكن يخلده. فالجشع والطمع حتى الأوزون توسعت وصارت البيئه ملوثه والأفكار خوش أو خاش باش تجاريه وربحيه وسرعه وعجله كأنها شيطان وازنها وقايل ليها علي شبها الناس ..أليس كذلك؟

    • زائر 4 | 4:22 ص

      من عولمة الفقر الى عولمة الحرب على الافلاس

      قد لا تبرر الغايه الوسيلة كما الوسيله لا تبرر الغايه. فإفلاس عالمي وشيل وحط من ها الجفير وحط في ها الكفه. سياسه إقتصاد تنمي لقرنين ونيف لم تفلح ولم تصلح لا جزر القمر ولا جزر الدار. خصوصا أن التجارة فيها ربح وفيها خساره. رأس مال خاين وليس له قيمه إذا ما دار على حل شعره ودورة مال ليست كما دورة المياه، لكن مغامرة ومقامره وقمار مو مثل رهن ومراهنات ومضارابات. فشل كلوي ونظام مالي عالمي جديد على الأبواب يطرق بدون دولار ولا بترول صار له إسنين صاده نزيف.. حتى عيون ماء في البحرين نشفت أوجفت.

    • زائر 3 | 3:24 ص

      يجعلون نعم الله وخيرات الوطن مذلّة للمواطن

      يحاولون مذلّة الانسان الذي كرمه الله وانعم عليه وخلقه في احسن تقويم يهدفون من خلال هذا الى ردّه الى اسفل السافلين

    • زائر 2 | 12:26 ص

      من قال لك أننا استقلينا

      ما زلنا مستعمرين والدليل كما قلت بتطبيق سياسات الغرب بمنطقتنا عن طريق أنظمتنا المصادر قرارها

    • زائر 1 | 10:27 م

      ما إسمه؟

      ماذا يسمى من يقع فى نفس المطب مرة بعد أخرى؟ لا تلوم الآخرين. اللوم على عقولنا وفكرنا الذى لا يتعظ و لا يتعلم.

اقرأ ايضاً