العدد 3934 - الجمعة 14 يونيو 2013م الموافق 05 شعبان 1434هـ

حين يغمرك ضوء أحدهم

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

حين يغمرك ضوء أحدهم تأكد أن الله أراد لك خلاصاً من ظلام تعيشه، وأرسل لك من ينقذك من واقع مرّ لم يكن كما تتمناه لنفسك، فأكثرتَ من الدعاء والتوكل على الله بقلبٍ واثقٍ من رحمته.

الضوء هو حالة الإنقاذ الأولى في ظل سواد معتم قد يمر به المرء؛ لأنه لم ينتبه إلى نافذة قلبه التي مازالت مغلقةً ومغطّاةً بعازل ضوئي تراكمت على جنباته الحشائش المتطفلة كي لا ينفذ من خلالها شعاع نور.

ولأن الضوء لن يمر من نافذتك هذه إلا إذا فتحت له باب قلبك، لابد وأن تهيّئ قلبك لاستقباله واحتضانه. تهيئ له قلبك بمنحه مزيداً من الإشراق حين تعاونه بإرادتك على الانتشار وإعادة الاخضرار إلى روحك قبل قلبك وتفكيرك.

كثيرون هم من يشعرون أن أبواب الحياة سُدَّت في وجوههم لحظة ضعفٍ واستسلامٍ لواقعٍ غير مأهولٍ بالأمل، واقع فرضته عليهم أحداث الحياة المتلاحقة التي تنسى أحياناً منحنا شيئاً من الدفء إن لم نذكرها أننا مازلنا ننتظره وعلى استعداد تام بأن نسيج له الأسوار كي لا يهرب منا ونقوم بواجبنا في ضيافته وإكرامه كي يشعر بالأمان وتغمره المحبة فلا يطيش مرةً أخرى ويفرّ.

هؤلاء الذين يمنحون الآخرين ضوءاً، هم في بعض أحيان عابرون على القلب وعلى الحياة، عابرون على أوقاتنا، وطارئون في مشهد من المشاهد على فصول أعمارنا، بعثهم الله فقط كي ينير لنا الدرب حين اشتد بنا اليأس أو حين اعتدنا الظلام فنسينا معنى الضوء. مثل هؤلاء ليسوا سوى مصابيح يدوزنون الوقت بالحضور كي تكتمل بهم إرادة الله ويكونون سبباً في إسعاد من حولهم وإسعاد أنفسهم قبل غيرهم؛ فالسعادة لا تتحقق إلا بمشاركتها مع الآخرين تماماً كالأمل الذي يكبر ويتحقق حين نشيعه في محيطنا فلا نستفرد به.

الطفل الذي يقف أمام آلة بيع السكاكر والحلويات بالقرب من مكان عمله كمنظف للسيارات، أو بائع لقوارير الماء، أو بائع للأمل بما يحمله في يده من أشياء بسيطة هي في العمق من احتياجاتنا اليومية، هذا الطفل وهو ينتظر عملة معدنية بمثابة السحر يدخلها في هذه الآلة فتعطيه ما حلم به طويلاً، هو ضوءٌ آخر حين تتفقد محفظتك كي تحقّق له هذا السحر، فتنتبه إلى الأمل الذي لم يذبل في عينيه على الرغم من انتظاره الذي يبدو طويلاً. هذا الطفل كان درساً في الأمل، وضوءاً في العتمة حتى وإن بدت حياته لنا عتمة بما حملته من عوز وحاجة اضطرته للعمل.

الأصدقاء الذين يغيبون طويلاً ثم يظهرون فجأةً، وأنت منشغلٌ في ترتيب حزنك، ضوء آخر خصوصاً حين تكون عودتهم مقصودةً لا محض صدفة. والأصدقاء الذين يقفون وراء ظهرك دائماً لحمايتك من الغدر المتربص بك أبداً، ضوء آخر لا يهدأ وربما لن تنتبه إليه لأنهم غالباً ما يصدون هذا الغدر من المتربصين بك في غيبتك فلا يشغلونك بما يعكر عليك راحتك الظاهرية.

الأهل الذين لا يغيبون أبداً، والذين لا يتعبون من مدّك بالمحبة والأمل ضوء آخر يبزغ كلما انتبهت لابتساماتهم في وجهك.

كل هذا الضوء ما هو إلا ضوء من الرحمن قصدك به لأنك يوماً لجأت إليه بقلب واثق من رحمته.

ومضة: إلى كل من كان يوماً مصدر ضوءٍ في حياتي من المقيمين والعابرين في أوقاتي المزدحمة بالمحبة: شكراً لأنكم ضوء الروح.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3934 - الجمعة 14 يونيو 2013م الموافق 05 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:54 م

      هرار

      كلام فاضي والمعلقين فاضين وفاشلين

    • زائر 7 زائر 6 | 12:06 م

      لأنك عتمة

      لأنك معتم ، كدراكولا يؤذيه الضوء ، يمحوه النور
      شكرا للكاتبة سوسن ، وأنار الله قلبك أيها المعتم

    • زائر 5 | 9:46 ص

      النار والنور وقوس قزح

      النور لا يقضي على الظلام لكن يبدده، كما الليل لا يعاقب النهار بالحبس والسجن وإنما يتعاقبان ويتواليان. وهنا ليس سر أن الاسود والابيض ليسا من الالوان لكن النور والبياض وصفره الشمس وإحمرارها ترينها في قوس قزح.. كما قال الشاعر أكيد ما تعرفونه بقوس قزح كل الألوان .. التسعه.
      ويش مو عدل بالانجليزي أو بالعبري أو بالعربي؟

    • زائر 4 | 8:58 ص

      ضوء الأمل

      شكرا لكِ لبث ضوء الأمل في عتمة حياتنا

    • زائر 3 | 8:58 ص

      ضوء الأمل

      شكرا لكِ لبث ضوء الأمل في عتمة حياتنا

    • زائر 2 | 7:41 ص

      وأنت ضوء أيضا

      شكرا لك إذ تضيئين الضوء فيصبح شعاعا

    • زائر 1 | 3:41 ص

      بسام جميل

      شكراً لكِ لأن في سطرك ِ بوح ضوء , صباحكِ النور

اقرأ ايضاً