تعتبر آلام الظهر هي أحد الأسباب الرئيسة في تقليل إنتاجية العمل في جميع أنحاء العالم، إذ أنّ 8 في المئة من سكان العالم يعانون من آلام الظهر خلال فترات حياتهم.
ففي الولايات المتحدة الأميركية، ثاني سبب رئيسي من أسباب الإجازات المرضية في العمل وأكثر الأسباب شيوعًا في تسبب الإعاقة، والتي ترتب عليها تداعيات مالية كبيرة؛ إذ يصرف الأميركيون 50 مليار دولار كل عام على علاجات آلام الظهر والتي غالباً لا تعود بنتائج فعّالة. في المقابل فإن آلام الظهر في المملكة المتحدة هي السبب في فقدان يوم عمل واحد من أصل 6 أيام عمل، وبالتالي تقليل إنتاجية العمالة وكفاءتهم. وقد أظهرت الدراسات أنّ عدد الأشخاص الذين يعانون من آلام الظهر يزداد بازدياد أعمارهم. وقد تبدأ آلام الظهر منذ الطفولة بين أطفال المدارس وتصل ذروتها في العمر بين 35 إلى 55 عام وهذا يعني أنّ المرضى اللذين يعانون من آلام الظهر قد يعانون منها بشكل مزمن، أي منذ الصغر وحتى مراحل متقدمة في العمر.
والإحصاءات في دول الخليج مقلقة أيضًا، ففي المملكة العربية السعودية 80 في المئة من الشعب السعودي يعانون من آلام في الظهر، واظهرت الدراسات أنّ أكثر الحالات التي تمّ تشخيصها تندرج تحت تصنيفي: آلام أسفل الظهر (آلام الظهر في منطقة أعلى الرجلين وأسفل الأضلاع) وذلك بنسبة 45.4 في المئة، وألم الأعصاب الحاد (ألم في ممر الأعصاب) وذلك بنسبة 15.6 في المئة، وعدد كبير من مرضى هذه الإحصائية هم من السيدات وتتفاقم هذه المشكلة بسبب عدم توفر العلاج الفيزيائي.
وفي الإمارات العربية المتحدة فقد أظهرت نتائج دراسة حديثة أنّ 65 في المئة من سكان الإمارات العربية المتحدة يعانون من آلام أسفل الظهر وآلام الرقبة وهذا نتيجة قلة الحركة أو بسبب وضعيات النوم غير المريحة أو بسبب العاملين معاً.
من جهته، علّق المدير الطبي في المركز الاميركي للعمود الفقري حسن جبار الشيخ، قائلاً: «ليس هناك شك بأنّ أسلوب الحياة العصرية يؤثر تأثيراً كبيراً وسلبياً في أغلب الأحيان على صحتنا وبالخصوص على سلامة العمود الفقري، فالعاملون في المكاتب – على وجه الخصوص – يسجلون زيادة كبيرة في المشاكل المرتبطة بآلام الظهر. فهذه الفئة من المجتمع تقضي ما بين ساعتين إلى 3 ساعات في الازدحامات المرورية سواء كانوا سائقين أو ركاب، بالإضافة إلى 7 أو 8 ساعات جالسين خلف شاشات الحاسوب في كل يوم من أيام الأسبوع وهذا يجعلهم الأكثر عرضة للإصابة بآلام الظهر».
وقدم حسن «شرحاً مفصلاً عن سبب تحوّل آلام الظهر لمصدر قلق للكثيرين مؤكدًا على أنّ جزء كبير من مسببات هذه المشكلات أن سلامة العمود الفقري لا تُعطى أولوية كبيرة سواء على الصعيد الفردي أو على صعيد الشركات». وقال: «معدل الساعات التي يقضيها العامل خلف المكتب أطول من معدل جميع الأعمال الأخرى التي يقوم بها مجتمعة، ورغم ذلك لا يوجد اهتمام كبير بطريقة الجلوس الخاطئة او العادات الضارة التي يمارسها الأفراد أثناء العمل والتي قد تؤثر سلباً على الظهر، كما أن معظم الأدوات المكتبية التي تستخدم في الوقت الحالي لا يتم اتخاذ وضعية الجلوس الصحيحة أثناء استخدامها ولا يؤخذ في الحسبان دعم الفقرات القطنية بالشكل المناسب، وهذا يعني أنّ حدوث المشاكل بسبب الوضعية الخاطئة لا مفر منها. كما أنّ المكاتب إجمالاً يتم فرشها بطريقة واحدة متناسين أنّ طبيعة جسم الإنسان تختلف من شخص لآخر. والتفاوت النسبي من شخص لآخر، فإذا كان أحد الكراسي يتناسب مع شخص ما قد لا يتناسب مع باقي الأشخاص. وللأسف في العديد من الأعمال يضعون التجهيزات في آخر سلم الاولويات ولا يولونها أهمية؛ فهم لا يأخذون الأمور من منظور أن توفير هذه التجهيزات العملية ستحافظ على مستوى عال من الإنتاجية».
واضاف، لهذه المشكلة المتفاقمة تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بحملة لزيادة الوعي بسلامة العمود الفقري وتتركز على أهمية اتخاذ القرار لانتهاج أسلوب حياة صحي. كما أن المجتمع الطبي يلعب دوراً مهماً في هذه المشكلة. وبالحديث عن المجتمع الطبي و دور المراكز الطبية والأطباء في كبح الآثار المترتبة نتيجة آلام الظهر، يقول حسن: «تم إحراز تقدم ملحوظ في علاج آلام الظهر وهناك برامج فعالة للتحكم بالألم، سواء كان مسبب الألم دائم بسبب أسلوب الحياة المٌنتهج أو بسبب إصابة ما أو بسبب حالة صحية أكثر تعقيدًا مثل اضطرابات النمو بسبب خلل جيني. فبوجود العلاج المناسب جنباً إلى حنب مع تغيير في الاختيارات التي تتعلق بأسلوب الحياة سينعم الأشخاص اللذين يعانون من آلام الظهر بحياة طبيعية ونسبة انتاجية كاملة».
وفي هذا الصدد يقدم المركز الأميركي للعمود الفقري خداماته للمجتمع منذ أكثر من عامين في هذه المنطقة، ويقدم الراحة للمرضى اللذين يعانون من آلام لها علاقة بالعامود الفقري وأمراض مزمنة أخرى، ويشرف على المركز فريق متخصص يتكون من 9 أطباء ذو كفاءة عالية، وممرضين وممرضات يقدمون العلاج والعناية الخاصة للآلاف من المرضى. وقد بدأ المركز باستخدام تقنية الشد الديناميكي ما بين فقرات العمود الفقري كعلاج غير جراحي لمعظم مشاكل آلام الظهر في الإمارات العربية المتحدة. وطريقة العلاج هذه تستخدم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1996 ولقت نجاحاً كبيراً. ونتيجة الطلب المتزايد قام المركز بتوسيع نطاق شبكة مراكزه المنتشرة في الإمارات العربية المتحدة، إذ يوجد لديه مراكز في دبي وأبوظبي ورأس الخيمة، بالإضافة إلى دمشق وجدة، والمركز الرئيسي الموجود في ألالباما في الولايات المتحدة الاميركية.
وتتمثل رؤية ورسالة المركز في أن يكون رائدًا في العلاج غير الجراحي لأمراض الديسك والأمراض المرتبطة بالعمود الفقري وللتقليل من معاناة الأشخاص من خلال برامج زيادة الوعي المجتمعي والتعليم والثقافة حول مشاكل العمود الفقري. كما يهدف المركز من خلال برامجه العلاجية لمداوة المرضى بما يمكنهم من العودة لممارسة حياتهم الطبيعية ويعودوا كأفراد منتجين في المجتمع.
العدد 3954 - الخميس 04 يوليو 2013م الموافق 25 شعبان 1434هـ