العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ

الممثلة - المخرجة السورية «واحة الراهب» في حوار مع «الوسط»

أصبحت أكثر نضجاً في رؤية عمق النص

تعتبر الفنانة العربية السورية «واحة الراهب» من القليلات جدا اللواتي تسلحن بالعلم والمعرفة الاكاديمية لعبور عالم الفن ودنيا الأضواء، كمخرجة سينمائية وتلفزيونية ومسرحية، وأغنت تجربتها باحتراف التمثيل بعد أن وجدت في نفسها الميل والموهبة مؤدية الأدوار الصعبة والمركبة ولكنها بقيت تمشي الهوينى لانتقاء ما يثبّت خطواتها ويحفر شخصيتها في أذهان المشاهدين لتبقى أطول فترة ممكنة بدلاً من ظهورها على الشاشة في أدوار لا تشكل أي نقطة مهمة في رحلتها ومسيرتها الفنية...«الوسط» التقت الفنانة العربية السورية «واحة الراهب» عبر الحوار الممتع التالي... * بادئ ذي بدء، من أنت؟ - لقد عشت في أسرة بسيطة في حياتها وعميقة في أفكارها ورحلتها الحياتية، فوالدي كان عاشقا للأدب وكاتبا ورساما يعبر عن أشيائه ومكنونات نفسه اما بالكتابة أو الرسم، وقد تأثرت به وبلحضاته، كنت ارقبه من بعيد، ألاحظ تصرفاته، فبدأت بعزف البيانو والاورغ والمولوديكا، وحدي وبشكل سماعي، أنقل المعزوفة بعد سماعي لها مباشرة من دون مساعدة من أي انسان، وكان والدي يشجعني دائما ويدفعني للاستمرار في ممارسة هوايتي كما في دراستي والتفوق بها، أما والدتي فكانت أم شرقية همها الأول والأخير بيتها وزوجها وأولادها، تفني حياتها لإسعادنا ومواصلة مشوارنا الذي اخترناه بأنفسنا، ولهذا تجدنا الآن، نحن الاخوة، ان كل حياتنا مرتبطة بالأدب والفن ودخول عوالمه كلها... * وماذا عن البدايات، ودخولك عالم الفن ودنيا الأضواء؟ - في البداية بدأت بالدراسة في كلية الفنون الجميلة بدمشق، وعندما التقيت الفنان «وليد القوتلي» الذي كان يشكل فرقة فنية من الطلبة والطالبات، اوحى لي بالتمثيل في مسرحية (لوكابولوكا)، وأعطاني فيها دور البطولة المطلقة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي اقف فيها كممثلة ألعب دورا صعبا يرمز إلى الشعب العربي الفلسطيني المعذب في الأرض المحتلة وموقفه من الاحتلال الصهيوني، ونجحت نجاحا لم أكن، ولا سواي، اتوقعه في حياتي ولاسيما أنا المبتدئة التي لم تكن تفكر في ولوج عالم الفن ودنيا الفنانين، وهنا بدأت انطلاقتي الحقيقية، برأيي، فكتبت عني الصحافة ورحب بي الجمهور كوجه جديد له حضوره الفني المتميز، أحسست بعدها انني سأنطلق من هنا، وأن موهبتي حقيقية، هي مع الفن والكاميرات والناس، والذي شجعني جدا، بل كان وراء نجاحاتي، عندما اختارني الفنان «محمد ملص» لفيلمه (أحلام المدينة) الذي لاقى أوسع وأكبر جماهيرية تحدثت عنها وسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية، وحصد مجموعة كبيرة من الجوائز في المهرجانات السينمائية المحلية والعربية والاقليمية والدولية لما حمله هذا الفيلم من تميز في موضوعه وأداء شخوصه وعبقرية مخرجه... وهنا فكرت جديا في التوجه كليا إلى الفن، فلملمت حقائبي لمتابعة دراستي في مجال الاخراج في احدى الجامعات الفرنسية، على رغم الخوف والهاجس الذي اقلقني في البداية فيما اذا كنت اخترت الطريق الصحيح أم لا. ولكن عندما كنت في السنة الأولى من دراستي طلب مني أن انجز (سيناريو) وبالفعل قمت يومها بعمل منفرد لم يساعدني فيه أحد، وكتبت (سيناريو) لفيلم سينمائي تحت عنوان (منفى اختياري) الذي حاز على الجائزة الفضية في (مهرجان قليبية) في تونس، عندها اطمأننت اكثر ووثقت أنني أمشي في الطريق الصحيح، وهو طريق موهبتي في دنيا الفن والاخراج. * بعد أن أصبحت تجمعين بين فن الاخراج وفن التمثيل، فأين تجدين واحة؟ - الاخراج عالم قائم بذاته وبكل اركانه لانه أكثر شمولية، فهو يضم كل الفنون، ويتعرف فيه المخرج على طبيعة ادوات التمثيل في تشكيل الكادر وتحريك هذه الشخوص لأداء أدوارها بالشكل السليم والأسلوب الصحيح، فالاخراج له علاقة بالموسيقى، فالمخرج يجب أن تكون له أذنا موسيقية، وله علاقة بالكتابة لان كتابة (السيناريو) هو جزء من تخصصه، وله علاقة بمجمل الفنون. والتمثيل أفادني في الاخراج، وأصبحت أكثر عمقا وأكثر نضجا في رؤية عمق النص والدور الذي أقوم به، اضافة إلى انه متعة كبيرة وجميلة، على رغم التعب والجهد الذي نعانيه في كثير من الأحيان، ولكن مردوده سريع ويمكن للفنان أن يرى نتيجته بشكل فوري ومباشر عندما يلاحظ ردود فعل الجمهور عن الشخصية التي يمثلها هذا الفنان. * أرى انك مقلة كثيراً في ظهورك التلفزيوني؟ - أنا دائما مقلة لأنني لا أحب أن أقدم أي عمل اذا لم أكن مقتنعة به تماما، باسيناريو أولاً وبالشخصية ثانيا، ولست مستعدة أن أعمل أي شيء فيه تسفيه للحقائق والوقائع والناس وفيه تشويه لوعي المواطن،وفي الوقت نفسه نحن نعاني من قلة (السيناريوهات)، مع انه يوجد لدينا كتّاب هامون جدا ولهم باع طويل في الكتابة ورصد واقع حياتنا، ككل، ولكن القلة من يلجأ إلى كتابة (سيناريوهات) جيدة، وهذه المشكلة هي التي تواجه المخرجين والممثلين السوريين، على رغم انه توجد لدينا قضايا كثيرة يمكن أن نكتب عنها ونرصد لها كل الامكانات المادية والفنية للوصول إلى واقعيتها وصدقيتها. وأنا أتصور أن الجانب المادي له تأثير في ذلك، وإلى جانب اننا ما زلنا حديثين على انتاج الدراما بشكل غزير، على رغم أن الطلب على الدراما السورية أصبح كثيرا في خارج سورية، اضافة إلى أن الفنان السوري أصبح مطلوبا لما يتمتع به المسلسل السوري من مزايا جيدة ومهمة في طرح موضوعاته. * وماذا لديك الآن؟ - انتهيت حديثاً من تصوير فيلم (رؤى حالمة)، وهو فيلم روائي طويل للمؤسسة العامة للسينما في سورية، يتناول موضوع متشعب يتحدث عن التناقضات الطبقية والاجتماعية التي تعيشها فتاة تتحدر من اسرة متوسطة، وأعمل الآن على الانتهاء من العمليات الفنية ليكون الفيلم جاهزا للعرض الجماهيري ودخول المهرجانات السينمائية المقبلة. * أين هي المرأة الشرقية التي درست في فرنسا في أعماق واحة الراهب؟ - أنا ربة بيت ممتازة، أحب بيتي كثيراً وأراه مصدراً لراحتي وسعادتي واستمراري ونجاحي وابداعي في عملي. * ماذا يبكيك، وما الذي يمكن أن يضحكك؟ - يمكن أن أتأثر بأي مشهد درامي، حتى الكلمة النابعة من القلب يمكن أن تجعلني أبكي، وأكثر ما يضحكني مشهد انسان برجوازي انزلقت قدمه بقشرة موز وانطرح أرضاً.

العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً